(قراءة في كتاب “الفضاء الجنائزي اليهودي بمدينة الدار البيضاء، مقاربة وصفية[i]” لصاحبته مريم افقيهي)
رابحي رضوان*
تقديم
استفاد موضوع الموت في المغرب من بعض الدراسات التي حاولت مقاربته من زوايا مختلفة، معتمدة على مناهج جديدة ومتنوعة، فنجحت في تسليط الأضواء على جوانب وقضايا مهمة من موضوع جديد وشائك[ii]. غير أنه لم يَنَلْ بعدُ نصيبه من البحث
ينتمي حمدان خوجة إلى عائلة جزائرية عريقة كانت في العاصمة، حيث كان والده عثمان فقيها وإداريا، يشغل منصب الأمين العام للإيالة، يشرف على حسابات الميزانية وعلى السجلات التي تشمل أسماء ورتب ورواتب الإنكشارية. أما خاله الحاج محمد فكان أمينا للسكة قبل الاحتلال الفرنسي.
ولد حمدان سنة 1773، حفظ القرآن و تعلم بعض العلوم الدينية على يد والده ، ثم دخل المرحلة الابتدائية التي نجح فيها بتفوق فأرسله والده مكافأة له مع خاله في رحلة إلى اسطنبول سنة 1784م، وكان خاله في مهمة حمل الهدايا إلى السلطان العثماني، فكان لهذه الرحلة دور كبير في نفسية الطفل الذي لم يتجاوز الحادية عشرة، حيث فتحت له أبوابا للتطلع لكل ما هو أسمى.
بعد عودته من إسطنبول انتقل إلى المرحلة العليا حيث تلقى فيها علم الأصول والفلسفة و علوم عصره، ومنها الطب الذي كتب في بعض جوانبه كالحديث عن العدوى ومسبباتها في كتابه ” إتحاف المنصفين والأدباء في الاحتراس من الوباء”[1].
كنت قد أشرت في تنشيط محاضرة الدكتور مصطفى وينتن إلى عبقرية “جمال حمدان” ومدى تأثر العلامة المسيري به، فها هي ترجمته كاملة، لعل بعض الباحثين يفتحون آفاقا جديدة في مسارهم المعرفي، من خلال فكر الرجل ومواقفه:
“وإذا كان الباحث المصري الدكتور عبد الوهاب المسيري قد نجح من خلال جهد علمي ضخم في تفكيك الأسس الفكرية للصهيونية، فإن جمال حمدان كان سباقا في هدم المقولات الإنثروبولوجية التي تعد أهم أسس المشروع الصهيوني ، حيث أثبت ان إسرائيل – كدولة – ظاهرة استعمارية صرفة ، قامت على اغتصاب غزاة أجانب لأرض لا علاقة لهم بها دينياً أو تاريخياً أو جنسياً ، مشيرا إلى ان هناك “يهوديين” في التاريخ ، قدامى ومحدثين ، ليس بينهما أي صلة أنثروبولوجية”
تقوم الدعاية الصهيونية علي أكذوبتين أساسيين, الأولى أن اليهود تعرضوا طوال تاريخهم للاضطهاد , وبلغ هذا الاضطهاد مبلغه في ألمانيا النازية, ويستدر اليهود عطف العالم بهذه الأسطورة, والثانية تقول بأن اليهود يحق لهم تأسيس وطن قومي في فلسطين لأن يهود بني إسرائيل بعد أن خرجوا منها ظلوا بمنأى عن الاختلاط الدموي مع الشعوب التي انتشروا بينها, وعلي هذا فيهود اليوم هم النسل المباشر لبني إسرائيل التوراة, شعب الله المختار, الذي وهبه الله ارض الميعاد.