واقع الأنثروبولوجيا في العالم العربي (ندوة دولية)

واقع الأنثروبولوجيا في العالم العربي: الحصيلة والآفاق

ندوة دولية، مركز ابن خلدون بجامعة قطر والمركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا بالجزائر

15 سبتمبر / ايلول 2020

لتحميل الورقة الخلفية في صيغة Pdf انقر هنا أو هنا

نلفت عناية الباحثين الذين يرغبون في المشاركة في مؤتمر “واقع الأنثروبولوجيا في العالم العربي” الذي ينظمه مركز ابن خلدون بالتعاون مع مركز البحث في الأنثروبولوجيا بالدوحة في 15 سبتمبر 2020 أن استقبال الملخصات يكون عبر البريد الإلكتروني الآتي:
وليس البريد المنشور سابقا (به خطأ)
آخر أجل لاستقبال الملخصات يوم 15 أكتوبر 2010.

لم يتأتى صقل العدة النظرية والميدانية للأنثروبولوجيا إلا عبر الاحتكاك بالآخر المختلف ثقافيا الذي بدا في النظريات الأنثروبولوجية الأولى مثل التطورية والانتشارية أنه واقع في هامش الحضارة الغربية وسياقات تشكلها، فهو ليس جزءا من العرق، الطبقة، التاريخ، الحداثة، الثورة الصناعة.. إلخ وأيا كانت الفكرة، الإيديولوجيا أو الميتافيزيقا التي تختزل وجود ومؤسسات هذا الآخر المختلف، فإنها تنطلق من جوهر خالص للحضارة الغربية متمركز حول ذاته يشطر الثقافة الى جزأين: جزء الحضارة والتمدن وجه البدائية والوحشية .

تعرضت هذه الدوغما الإثنومركزية المؤسسة للأنثروبولوجيا الناتجة عن الظاهرة الاستعمارية وليدة حالة القرن التاسع عشر إلى انتقادات، تعددت جوانب الاختلاف والاتفاق فيها، إلا أنها توافقت على أن إعادة النظر في الذات والآخر مدخل أساسي لتأسيس نظريات جديدة للفهم والتفسير، ويمكننا أن نلاحظ في هذا الإطار أن الأنثروبولوجيا التاريخية قد استثمرت مكتسباتها لتعيد النظر في عدد من المسلمات التي قامت على الحدس والتخمين.

لقد هيمن غداة الحرب العالمية الثانية نموذج البنيوية الذي طبقته على الخصوص المدرسة الفرنسية في مجتمعات عدة، كما شهدت الأنثروبولوجيا الدينامية تطورا مهما يفضل ابرازها دور التاريخ والتغير وإعادتها النظر في النسق السياسي معتبرة أنه اكثر ديناميكية وتعقيدا مما تصورته النظريات التي قالت باستاتيكية المجتمعات غير الغربية أو “المجتمعات الباردة” حسب بعض التوصيفات، ومنها النظرية الانقسامية التي اتجهت في جزء منها نحو تعميمات على نمط ما سمته “مجتمعات بلا دولة” وبحثت له عن نظير في المجتمعات المدروسة.

وفيما بعد، شكلت الأنثروبولوجيا التأويلية لحظة فارقة في تطوير البعد الثقافي للتحليل، وحل معضلة التصنيفات التي تعتمدها المجتمعات نفسها من جهة، وتلك التي تعتمدها الأنثروبولوجيا من جهة ثانية، وذلك عبر ما سماه الأمريكي كليفورد غیرتر بالوصف الكثيف (Thick description) الذي يرصد وجهة نظر الفاعل نفسه، وكان من نتائج ذلك دراسات على قدر بالغ من الأهمية في شمال إفريقيا وآسيا وغيرهما.

في إطار هذا العرض التاريخي المقتضب -مع كل الاختزال التي قد يشوبه- بقيت الحصيلة الأنثروبولوجية في المنطقة العربية هزيلة جدا بالنظر إلى حجم الدراسات المنجزة حول المنطقة العربية وجودتها، وكل ما يمكن الحديث عنه اليوم هو أنثروبولوجيا في المنطقة العربية وليس أنثروبولوجيا عربية، في شبه غياب لجماعة علمية أنثروبولوجية ومؤسسات قوية ومتخصصة تعنى بالبحث والتطوير، فمن حيث الكم، تغيب البيبليوغرافيات النقدية المتخصصة التي يمكن للباحث العودة إليها، كما يصعب إيجاد تراكم مبني على تطور في حركة الأفكار الأنثروبولوجية عربيا، كما يغيب انتاج مفاهيم ونظريات يمكنها أن تستوعب حجم التعقيدات المتمايزة التي تسم النسيج الاجتماعي في المنطقة. أما من حيث الكيف، فإن وضعية التدريس والبحث الأنثروبولوجيين تغلب عليها النزعة الوصفية حينا والتوفيقية أحيانا أخرى، والمذاهب التنموية، ويقل إلا فيما نقر الناج خطاب أنثروبولوجي فاعل في الثقافة والاقتصاد والسياسة.

قد يجد كل هذا تبريره في السلطة القومية والتوجهات الوطنوية العربية التي رأت باكرا في فكرة العمل الأنثروبولوجي إما أنه خيانة كولونيالية مرتكية ضد الأنظمة المستقلة حديثا، أو أنه محظ متاهات تلهي عن تحقيق مشروع في الوحدة العربية، في حين اعتبرته النخبة الحداثية حبا مبالغا فيه للفلكلور وللثقافة الشعبية وللطقوس الماضوية أو ممارسة مشوية بشبهة الذكورية.

أبانت التجربة الأنثروبولوجية بالمنطقة العربية في العديد من المحاولات أنه لا يمكن الاطمئنان لمجرد مقاطعة الإرث المعرفي الضخم الذي خلفته المؤسسة الاستعمارية والتشبث بالتراث، كما أظهرت أن الاكتفاء بالعزل والتوفيق والخلط بين المعارف لا يمكن أن تكون نتيجة إلا المزيد من التأزم في النظر والممارسة الأنثروبولوجيين، لكن هذه المحاولات بقيت معزولة ولم تتطور فكريا ومؤسساتيا حتى تنتج أجيالا من الباحثين والمدارس كما هو الحال مثلا بالنسبة للتيارات التي ظهرت باكرا في الأنثروبولوجيا البنيوية أو الوظيفية أو غيرهما، أو تلك التي برزت متأخرا على إلى حركة نقد الاستشراق مع رائدها ادوارد سعيد الذي اعتبر الأنثروبولوجيا علما ينتج معرفة في يد المهيمنين وفق تراتبات تمنح دائما فوقية للدارس على المكونات المدروسة، ولا يمكن بالتالي للباحث الأنثروبولوجي مهما كان بموجب علاقة المعرفة والسلطة هذه أن ينفلت من انتاج خطاب مهيمن، سواء أكان الباحث منتميا أم غير منتم للمجتمع المدروس، ومن هذا المنطلق دعت هذه المدرسة إلى إلغاء الأنثروبولوجيا واستبدالها بالدراسات الثقافية.

تقف الأنثروبولوجيا اليوم بعد ما يزيد عن ستين سنة من دخولها القيصري العسير لبعض الجامعات العربية، والاكتفاء ببعض مقرراتها التكميلية في شعب وأقسام مختلفة كعلم الاجتماع والخدمة والاجتماعية، وتعثر وصولها لجامعات عربية أخرى، أمام تحدي لا يمكنه إلا أن يكون مفصليا، بعد أن تحول المحلي إلى عارف بالحد ذاته، وليس مجرد موضوع معرفة، وتبلور بالتالي معنى جديد “للغيرية” التي لم تعد متحققة في البعيد بل باتت حاصلة في كل ما هو قريب، وأصبح هناك يحث من الداخل يمثله نخبة من الباحثين في الجامعات العربية، وآخرون في الخارج في جامعات غير عربية لكنهم يشتغلون على بلدانهم التي ينتمون لها في إطار ما يعرف بالأنثروبولوجيا الديارية (home anthropology).

تطرح إشكالات هامة في الأنثروبولوجيا في المنطقة العربية وتتعلق، أولا: بمشروعية الأنثروبولوجيا نفسها كتخصص علي أصبح مهددا من حيث نموذج التحليل الذي يقدمه وأصالته وجدواه التحليلية، خصوصا بالمقارنة مع تخصصات أخرى مجاورة، كالتاريخ، علم الاجتماع، الجغرافيا، الدراسات الثقافية وغيرها. ثم ثانيا: تحدي إنتاج أنثروبولوجيا عربية لا تكتفي بالاقتباس من النظريات الأورو أمريكية بل تنطلق من صميم إشكالياتنا العربية وتبلور نظريات تستطيع بها مواكبة النظريات السائدة عالميا كتابة وترجمة، ثم ثالثا: الجدوى العملية للأنثروبولوجيا في انتاج نظريات في الثقافة تحل إشكاليات واقعية تعيشها مجتمعاتنا، وتفكر في مصير المجتمع والثقافة التي يعيشها وعليها الناس، وكذا في انتاج خطاب مميز عن باقي التخصصات الأخرى المجاورة يستطيع أن يستوعب رهانات الثقافة المحلية والوطنية والعالمية.

انطلاقا من تصور مركز ابن خلدون للعلوم الاجتماعية والإنسانية بأن الحل يكمن في الوعي بهذه المعضلات كلها وتقاسم التجارب حولها من طرف باحثين وباحثات متخصصات من بلدان عربية مختلفة، سوف تقف هذه الندوة على مجموع الإشكالات التي تعيشها الأنثروبولوجيا في العالم العربي، على مستوى الخطاب والممارسة وعلى مستوى مؤسسة البحث والتدريس، انطلاقا من رؤى منهجية أصيلة ومتنوعة وذات جودة وجدوى عالية، تحيط بمنجز هذا التخصص العلمي، بما يفيد حل القضايا الشائكة التي هيمنت ردحا طويلا من الزمن على افتراضاته المنهجية والسياسية.

تتساءل هذه الندوة الدولية عن حصيلة وأفق الممارسة والتنظير الأنثروبولوجيين منذ الاستقلال في المنطقة العربية من محيطها إلى خليجها، وتطرح أسئلة تتعلق بجدوى صياغة أنثروبولوجيا عربية كسؤال نظري، منهجي وميداني، ونوعية التمايز الذي قد يحدث في الموضوعات التي تدرسها، وكذا المناهج والنظريات التي قد تتشكل في ظلها، كما تطرح الندوة إشكالات تتعلق بالنسبية والكونية في الطرح الأنثروبولوجي، وحدود الوصل والفصل بينه وبين تخصصات مجاورة كالسوسيولوجيا والدراسات الثقافية وغيرها، بالإضافة إلى التكوينات المعتمدة في هذا الحقل ونجاعتها وفعالية مؤسساته العلمية، جدواها ونشاطها داخل وخارج المؤسسة الأنثروبولوجية العربية.

تهدف الندوة إلى مساءلة وجاهة المفاهيم التي تطرحها المناهج والمقاربات والاستراتيجيات التفكيكية، البنيوية، البنائية والاختلافية وغيرها وكذا فروع الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية والسياسية والدينية وغيرها في الجدالات الثقافية الحاصلة في المجتمعات العربية، ومشروعية النظم والتنظيمات الاجتماعية القائمة، وحدود الوصل والفصل بين الأنثروبولوجي والسياسي في المجتمع العربي المعاصر، كما تروم القراءة النقدية لمواضيع الأنثروبولوجيا عربيا المسكونة بهاجس الكولونيالية والوطنية، والموروث والعادات الجماعية، ودراسة الممارسات الطقوسية والطرقية وغيرها.

لا تطرح الندوة موضوع الأنثروبولوجيا العربية كمسلمة، بل تسائل جدوی صياغتها كسؤال نظري، وتطرح أسئلة من قبیل: هل هناك أنثروبولوجيا عربية؟ هل يمكن الحديث علميا في المقابل عن أنثروبولوجيا منفصلة للبلدان الخليجية أو المغاربية مثلا؟ ما دور الأنثروبولوجيا في العالم العربي، هنا والآن؟ وماذا يمكنها أن تقدم ابستيمولوجيا وعمليا للنظرية العامة للثقافة مما لا تستطيع التخصصات الأخرى تقديمه خصوصا تلك المجاورة لها كالدراسات الثقافية، التاريخ، السوسيولوجيا والجغرافيا وغيرها؟ هل هناك فعلا تجديد وإنتاج للمعارف داخل حقل الأنثروبولوجيا في المنطقة العربية أم محض إعادة انتاج لنفس الوضعيات والمواضيع والمنهجيات والنظريات والمفاهيم؟ ما تجارب الجماعة العلمية الأنثروبولوجية في المنطقة العربية داخل وخارج أسوار الجامعة العربية؟ وهل هذه الجماعة موجودة فعلا؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف ساهمت أو تساهم في المواكبة العالمية لنماذج التفكير الأنثروبولوجي المنتج أوروأمريكيا؟

 

محاور الندوة:

– واقع الإنتاج والبحث والتدريس العلمي في حقل الأنثروبولوجيا عربيا.

– رؤى ومقاربات نقدية في موضوع ومنهجية وميدان الأنثروبولوجيا في العالم العربي

– تحديات وآفاق البحث الأنثروبولوجي في العالم العربي معلومات هامة

 

شروط المشاركة:

-تستقبل اللجنة العلمية للمؤتمر الملخصات البحثية في حدود 800 كلمة حتى تاريخ 15 أكتوبر/ تشرين الأول وفق إرشادات الورقة الخلفية العلمية للندوة

-ترسل الملخصات إلى البريد الإلكتروني الآتي:

[email protected]

– تنعقد الندوة في 15 سبتمبر/أيلول 2020

– بتحمل مركز ابن خلدون في جامعة قطر تكاليف الإقامة وتذاكر السفر للباحثين المشاركين، وتعود حقوق

الملكية الفكرية للبحوث المقبولة إلى مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية