بقيام الثورة في تونس، انهارت الوصاية الدينية للدّولة على المجتمع وضمائر التونسيّين، وبرزت ثقافات دينيّة جديدة تعبّر من خلالها فئات من المجتمع على مقاربات أخرى للمشغل الديني وقضاياه.
ولد الأنّاس مارشال دافيد سالينز سنة 1930 في شيكاغو، وعمل في الستّينات مساعدا للأنّاس الفرنسيّ كلود ليفي ستروس (ِClaude Levi-Strauss)، وهو حاليّا أستاذ إناسة متفرّغ في جامعة شيكاغو مختصّ في دراسة المجتمعات البولينيزيّة والاقتصاد البدائيّ. ويعتبر سالينز حاليّا أحد أبرز منظرّي البنيويّة الجديدة بعد أن كان في بدايته قريبا من النّظريّة الماركسيّة، ولعلّ الفضل في ذلك يعود إلى توجّهه نحو الإناسة الاقتصاديّة وسعيه بالخصوص نحو الكشف عن الإواليّات التي تتحّكم في سيرورات الاقتراض الثّقافي بين المجتمعات المؤدّية للتغيّر الاجتماعيّ. وفي هذه السّبيل، اختطّ سالينز منهجا خاصّا وفذّا ركّز فيه على تحليل “السّيرورات الثّقافيّة الصّغرى” التي تعيشها المجتمعات الصّغيرة في حجمها، وهو ما استدعى العمل بشكل دقيق على سبر أغوار المنطق الذي يحكم عمليّات التّواصل الاجتماعيّ في تلك
يستنكر الأنّاس الفرنسي بيار كلاستر (Pierre Clastres) الرؤى القائلة ببُؤس اقتصاد الشعوب البدائيّة، ويُشير إلى ما بيّنه مارشال سالينز (Marshall Sahlins) من كون هذه المجتمعات هي الأولى، وربما الوحيدة التي كانت، أو ينبغي أن تكون مجتمعات وفرة، أي مجتمعات تُلبّى فيها احتياجات محدّدة اجتماعيًّا. وقد اهتمّ سالينز بمجتمعات الصيّادين وجامعي الثّمار، لكن دون أن يُهمل الاقتصاد القائم على نمط الإنتاج العائلي،