نظام القبيلة بين البدائية والسياسة

بقلم: حسن بولمان

جوزيف لانجانفين ملك قبيلة بينين مملكة بينين
جوزيف لانجانفين ملك قبيلة بينين مملكة بينين

ترتبط الدولة في دلالتها المتداولة بالسلطة والنظام وهذا راجع الى عصر المدينة اليونانية و الامبراطورية الرومانية.
وهي كذلك شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي (جاك دونرييه دي فابر”الدولة” ص2 ترجمة احمد حسيب عباس ) وفي القانون الدولي والقاموس السياسي “مؤسسة تجمع ثلاثة عناصر غير متجزئة المجال الجغرافي ، العنصر البشري (السكان) والسلطة السياسية”وهذا تحققه القبيلة فهل الدولة مرادفة لها
بغض النظر عن اصل الدولة سوء كانت فكرة دينية تقوم على أسس تأليه الملك وعبادته وتقديسه حتى بعد الوفاة (كالمصريين والروم…) او على الأقل اعتبره خليفة للإله في الأرض في القرون الوسطى (الاروبين) اذ يحكم باسم الله الذي فوض له السلطة كما تذهب الى ذلك النظرية الثيوقراطية (اونظرية الحق الإلهي والتفويض) بمقتضاها “للملك الحق في حكم رعاياه حكما مطلقا استبداديا لايكون لأحد حق المعارضة” كما عبر عنه جون لوك في سلسلة نوابغ الفكر الغربي.
او فكرة تعاقدية تقوم على أسس التنازل عن الحقوق للملك دون ان يكون طرفا في العقد (هوبز) اوطرفا فيه (جون لوك) او التنازل للجماعة وليس للفرد (جون جاك روسو).
فإنها مؤسسة تنظيمية وشكل تنظيمي وعلى اعتبر القبيلة كذلك تمثل الشكل الاجتماعي والسياسي السائد قبل ظهور مفهوم المدينة او الدولة يمكن اعتبار هذه الأخيرة مرادفة لها اوعلى الأقل تعويض لها.
اذ ان الدراسات الانثروبولوجية تعتبر القبيلة نمط مجتمعي ونموذج من التنظيم الاجتماعي رغم ان الباحثون اكدو على صعوبة إيجاد تعريف شامل لها (موريس كودليه “ازمة مفهوم” وجاك بيرك” ماهي القبيلة الشمال افريقية”) فهي مجموعة بشرية مكونة من قسمات ومجموعات اجتماعية يجمع بينها رابط القرابة وتحتل مجالا ترابيا تمارس عليه سلطتها وتدافع عليه وتخضع لقيم وتمثلات ومبادئ مشتركة، والنسب هنا أمر وهمي قيمته في وظيفته كعامل للتكتل لمواجهة الأخر
لان القرابة انثروبولوجيا مجموعة من الروابط التي تجمع اما بيولوجيا (النسب) او إراديا (تحالف و اتفاق) الأولى ظاهرة بيولوجية والثانية اجتماعية فهي اما واقعية عن طريق الدم أم وهمية عن طريق تحالف الزوج او تحالفات سياسية او تبعية وتصبح جنيالوجية مع مرور الزمن لأن النسب ليس عنصرا مسبقا وأبديا بل في حركية وتشكل مستمر.
إلا أن المدرسة التطورية تعتبرها نظام بدائي وليس سياسي لأنها خاضعة بقوة لنظام القرابة والدولة لا تأسس إلا على أسس الأرض أي تجمعات تمثل وحدة سياسية وبالتالي اعتمد مجموعات ترابية (لويس موركان) متجاهلا ان الامازيغ شعب عضوي (تربطه علاقة عضوية مع أرضه وتراثه) وبالتالي تقزيم السلطة عند القبيلة في سلطة ممارسة العنف ومنه فالدولة هي الحضارة والقبيلة هي العنف (مرشال سالنس) مما جعل ماكس فيبر يعتبر الدولة احتكار شرعي للعنف.
لكن مع نشأة الانثروبولوجيا السياسية التي أعطت للسياسة التحكيم والوساطة والحق في استعمال القوة مع بلاندييه نتحدث عن السلطة السياسية عند القبيلة والتي تتوافق مع التعريف الدولي لها كضمان لتنفيذ القوانين المعمول بها داخليا وتستوجب وجود هيئة سياسية وهذا مانجده عند إمازيغن المتمثلة في لجماعت كهيئة سياسية تمثل مختلف فروع وقسمات القبيلة وتسمى كذلك ايت ربعين او انفلاس في سهول سوس والأطلس الصغير
ضامنة لتنفيذ إزرفان والتي هي مجموعة من الأحكام والتشريعات المعمول بها داخل القبيلة والتي تسن من طرف لجماعت بهدف وضع بنيات قانونية محلية تكايف الأحوال المعيشية للفرد وإصلاح المجتمع فهي اجتهادات فرضتها ضرورات آنية مرتبطة بالواقع اليومي من اجل ضبط العلاقات وتجنب الفوضى والعمل على محاربة الخيانة القبلية وترسيخ الوعي الجماعي القبلي لتحصين الذات.
فالقبيلة دولة روسوية (نسبة الى روسو) يتم فيها التنازل للجماعة و ليس الفرد وتضم العناصر الثلاثة المحددة لماهية الدولة وتخضع لنظام سياسي برلماني
لان النظام السياسي في القاموس السياسي هو مجموعة من المؤسسات التي تتوزع بينها آلية التقرير السياسي فنميز بين الأنظمة حسب طبيعة الهيئة التي تتحمل مسؤولية التقرير السياسي فإد كانت مسندة إلي شخص منفصل عن البرلمان كان النظام رئاسيا واذ كانت لحكومة مسؤلة اتجاه البرلمان كان برلمانيا واد كانت لهيئة عليا كاللجنة المركزية للحزب او مجلسه الأعلى كان مجلسيا.
فالقبيلة ادن ترادفها الدولة الواحدية على اعتبار ان القانون الدولي يميز بين الواحدية التي تتميز بوجود وحدة قانونية وسياسية رغم وجود حكم ذاتي إداري لبعض المناطق (اسبانيا مثلا) ويمكن للتنظيم الإداري أن يكون إما مركزيا أو لامركزي . والدولة الفدرالية والتي تتألف من دولتين فما فوق والتي تحتفظ فيها كل دولة باستقلال تنظيمي وهي التي تقابل الفدراليات القبلية والتي تتميز بمشاركة كل القبائل في التنظيم السياسي والاحتفاظ بالاستقلال التنظيمي و القانوني فتحتفظ كل منها باعرافها والتي تتوحد (الأعراف) من حيث الجنس فهي اما مادية او معنوية ولاتكون جسدية اوسلب للحرية ومن بين الفدراليات المعروفة عند امازيغن تاحكات والتي تضم (ايفران، ايت براييم ، اداوباعقيل، ايت تزنيت، ايت جرار، أملن، ايت ؤمانوز،ايت عبلا، ايسافن، ايت وادرييم، ايت مزال اشتوكن، ايسندالن، اداكنيضيف…) وتاكوزولت المرابطية (ايت بعمران، ايت ساحل، ايت لمعدر، ماست، ايداكورسموكت، ايداوسملال، ابلالن، تازروالت، ايمجاض، ايت رخا، لاخصاص، ايداوزكري، ايداوكنسوس، ايت صواب، ايداوكثير…) وفيدرالية ايت زكيظ وايت عطا.

المراجع :
ـ دراسات صحراوية المجتمع والسلطة والدين لرحال بويريك
ـ العبر لإبن خلدون
ـ رجال القبيلة لمرشال سالنس
ـ العقد الإجتماعي لجون جاك روسو
ـ المخزن والبربر لروبير مونطاني
ـ تاريخ المغرب او التأويلات الممكنة لعلي صدقي ازيكو
ـ اخبار المهدي بن تومرت وابتداء دولة الموحدين لأبوبكر الصنهاجي
المصدر:
http://ageddim.jeeran.com/archive/2009/5/869713.html

رأي واحد حول “نظام القبيلة بين البدائية والسياسة”

  1. نحن فى انتظار تتمة لهذه الدراسة تتناول القبيلة فى منطقتنا ، العريبة ، والأمازيغية ، والكردية ، والافريقية ..الخ من منظور أنثروبولوجى ، يحقق مدلول عنوان هذه الدراسة المهمة ،، لكم التوفيق والشكر ،،،

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.