كتاب “أماكن صغيرة قضايا كبيرة” لتوماس إريكسون

كتاب "أماكن صغيرة قضايا كبيرة" لتوماس إريكسون

“أماكن صغيرة قضايا كبيرة” لتوماس إريكسون

مقدمة في الأنثروبولوجيا الثقافية

من الغابات المطيرة الرطبة في الأمازون إلى القطب الشمالي الأجرد البارد؛ من ناطحات السحاب في مانهاتن إلى الأكواخ الطينية في الساحل؛ من القرى في مرتفعات غينيا الجديدة إلى المدن الأفريقية؛ رحلة طويلة بمعنى مختلف يأخذ فيها عالم الأنثروبولوجيا النرويجي توماس هيلاند إريكسون قارئ كتابه “أماكن صغيرة قضايا كبيرة”، وقد صدرت ترجمة الكتاب مؤخراً عن “المركز القومي للترجمة” وقد أنجزها عبده الريس.

فهو بخلاف ما عبر عنه كلود ليفي شتراوس حين قال: “الأنثروبولوجيا لها الإنسانية كموضوع للبحث، ولكن على عكس العلوم الإنسانية الأخرى، فإنها تحاول فهمها من خلال مظاهرها الأكثر تنوعًا”، بينما يرى إريكسون أن الأنثروبولوجيا تدور ليس فقط حول كيف يمكن أن يكون الناس مختلفين، لكنها أيضًا تحاول معرفة المشترك بين البشر.

يقدم إريكسون بانوراما للأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، في هذا الكتاب الذي يعد اليوم مقدمة مرجعية في هذا المجال، نجد الكاتب مثلاً يدرس النظام الاقتصادي التقليدي لقبائل التيف في نيجيريا، ليفهم طبيعة هذا المجتمع، فهذا البعد الاقتصادي غائب عن الدراسات السابقة لقبائل التيف في الأنثروبولوجيا، لكن إريكسون يكشف كيف أن هذه القبيلة ترفض شراء وبيع الأراضي، وأن أفرادها لم يستخدموا المال كوسيلة للدفع، فمن الواضح أنه سيكون من المستحيل فهم كيفية استجابتهم للتغيرات الاقتصادية التي فرضت على مجتمعهم خلال فترة الاستعمار، دون فهم علاقاتهم الاقتصادية التقليدية في الأساس.

على هذا الغرار يستكشف إريكسون المجتمعات البشرية، مستعيناً بعدسات مفاهيمية من المدارس الكلاسيكية الأوروبية والأميركية، يذكر في المقدمة: “هدفي من هذا الكتاب هو تعليم الطلاب الجامعيين شيئًا ما عن موضوع علم الأنثروبولوجيا الاجتماعية وشيء عن طريقة التفكير الأنثروبولوجية. من خلال دراسة مختلفة للمجتمعات، نتعلم شيئًا أساسيًا ليس فقط عن العالم، ولكن أيضًا عن أنفسنا. على حد تعبير كيرستن هاستروب، ما يفعله علماء الأنثروبولوجيا يصل إلى جعل المألوف الغريب والغريب مألوفًا. وبالتالي المقارنات مع المجتمع “الغربي” هي مشكلة أساسية طوال الوقت، حتى عندما يكون الموضوع هو تقديم الميلانيزية، أو طقوس الملغاشية أو سياسة قبائل النوير. في الواقع، ربما يمكن قراءة الكتاب بأكمله كسلسلة من دروس في التفكير المقارن”.

يأتي الكتاب الضخم في 19 فصلاً، هي على التوالي: المقارنة والسياق، تاريخ موجز للأنثروبولوجيا، العمل الميداني وتفسيره، الشخص الاجتماعي، المنظمة المحلية، الشخص والمجتمع، القرابة كنسب، الزواج والتحالف، الجنس والسن، التسلسلات الهرمية الاجتماعية، السياسة والسلطة، التبادل، الإنتاج و التكنولوجيا، والدين والطقوس، وأنماط الأفكار، وتحدي التقاليد المتعددة، والعرق، وسياسة الهوية: القومية والأقليات، والعالمي المحلي.

يذكر أن إريكسون كاتب غزير فقد صدر له عشرات الكتب، معظمها ترجم على نطاق واسع، من أبرز مؤلفاته “العرق والقومية”، “تاريخ الأنثروبولوجيا”، “استبداد اللحظة: الوقت السريع والبطيء في عصر المعلومات”، و”مفارقات الاعتراف الثقافي”، و”زعزعة استقرار الهويات: العيش في عالم محموم” أما أحدث كتبه فهو “عالم محموم: تاريخ أنثروبولوجي في أوائل القرن الحادي والعشرين” الذي صدر عام 2018.

المصدر: العربي الجديد
https://www.alaraby.co.uk/culture/%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%83%D9%86-%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AB%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.