شجرة الزيتون: موروث تاريخي و ثقافي هام في المجتمع الصفاقسي

شجرة الزيتون صفاقس

لبنى  المسعودي بوحاجب

يندرج بحثنا هذا ضمن البحوث التاريخية المنوغرافية التي تؤرخ لجهة معينة وتركز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بها،والحقيقة أن هذا التوجه تعمق منذ سبعينات القرن العشرين داخل مدرسة “الحوليات” الفرنسية وعلى يد “جاك لوغوف”[1]  Le Goff »  « jacques  وغيره. نشأت في هذا الإطار العديد من الدراسات المنوغرافية والمحلية والجهوية ( أو كما أسماها “عبد الله العروي” بالمبحثة”[2]) التي اهتمت بـ”التاريخ الاجتزائي” و”الفتاتي” التي تؤرخ لجهة معينة وذلك في محاولة لإثراء التاريخ الجهوي والمحلي.عموما تخصص الجيل الثالث من مدرسة “الحوليات” في  تتبع كل ما هو يومي وسلوكي وثقافي وطقسي….في محاولة لرصد الثابت و المتغير لمجتمع ما أو بلدة ما أو مجال ما.

من الأهمية بمكان التأكيد على أهمية دور المؤرخ الذي يتعقب كل هذه المتغيرات و الثوابت ويعيد صياغتها وبنائها بـ”حرفية” حتى تصبح لبنة من لبنات التاريخ الشمولي أو الكامل. ويبدو أن عمل المؤرخ لا يكتمل دون اللجوء إلى علوم أخرى تساعد  وتسهل عملية التأريخ ، وعلى هذا الأساس اعتمد بحثنا على علم الاتنوغرافيا و الانتروبولوجيا لمزيد إثراء الرؤية التي نريد إثباتها.

في هذا الإطار يتنزل موضوع مقالنا حول أهمية شجرة الزيتون في الحياة اليومية والاجتماعية والاقتصادية للصفاقسي في القرن التاسع عشر، ثم إن تركيزنا على جهة صفاقس لا يعدو أن يكون إلا “عينة” أو “نموذجا” لفهم الآليات الاقتصادية والحراك الاجتماعي الذي يعتمل بها.فلا يغيب عنا أن القرن التاسع عشر عرف بـ”طفراته” المتعددة،خاصة وأن الجهة انفتحت على العالم الرأسمالي عبرتوافد الأوربيين  نحوها وبداية تحكمهم في تسويق الزيت من مينائها وهو ما أكسب الزيتون أهمية في السوق العالمية والمحلية ولكن أيضا في الموروث الثقافي والشعبي لجهة صفاقس. وهنا لا بد من التنصيص على أن هوية هذه المدينة ارتبطت بغراسة الزيتون وبمختلف العادات التي نتجت عن هذا الارتباط و توارثتها الأجيال عبر العصور وهي في كلمة واحدة شجرة ملخصة لتاريخ مدينة عريقة.

لطالما احتلت شجرة الزيتون مكانة جد مهمة في تاريخ الحضارات القديمة لما مثلته من قيمة غذائية ومكانة رمزية خاصة لدى شعوب حوض  المتوسط ،ولئن لم يستقر رأي المؤرخين وعلماء الآثار حول مكان نشأتها،فإنهم اتفقوا على قدم  هذه  الغراسة بحوض البحر الأبيض المتوسط حيث يعود عمرها إلى حوالي 6 آلاف سنة[3] وأنها نشأت قديما في فينيقيا.

ما  تجدر الإشارة إليه،أن الزيتونة لم تستمد مكانتها من خلال قيمتها الغذائية و الاقتصادية فحسب، وإنما كان لها حضورا روحيا وطقسيا في الحضارة الفرعونية و اليونانية والرومانية،كما مثلت رمزا للشموخ والصمود وحب البقاء. لم تنأ البلاد التونسية عامة وصفاقس خاصة عن هذا المسار، إذ  لعبت الزيتونة دورا  بارزا في تاريخها منذ العهد القرطاجي والروماني . غير أن قدوم “الوندال” إلى تونس وضع حدا لغراسة الزيتون نتيجة أعمالهم التخريبية[4]. بدخول الإسلام إلى إفريقية، استعادت الزيتونة مكانتها في النشاط الفلاحي إذ أعاد المسلمون استثمار الموارد الطبيعية الملائمة لغراسة الزيتون والأشجار المثمرة سيما وأن تلك الشجرة قد خصت بذكر مشكور في القرآن الكريم مثل سورة النور.عموما ساهم الفتح الإسلامي في دعم مكانة الزيتونة.

في ما يخص غراسة الزيتون بصفاقس، فيبدو أن هذه الأخيرة قد سجلت حضورا بارزا في تاريخ المنطقة حيث اشتهرت منذ القدم بزياتينها منذ العهد الفينيقي ومرورا بالحقبة الرومانية التي ترجمتها العديد من اللوحات الفسيفسائية[5] ، فضلا على المصابيح الطينية و التي مثلت شاهدا آخر على استعمال زيت الزيتون للاستصباح[6].

لقد رسخ القرطاجيون والرومان من بعدهم غراسة الزيتون بتونس عامة وصفاقس خاصة وقد استمرت هذه التقاليد بعد الفتوحات الإسلامية، لتتدعم بعد تأسيس مدينة صفاقس الإسلامية على يد الأغالبة.كما تجدر الإشارة إلى نشأة غابة زيتون حول سور المدينة (بقيت حدودها مجهولة) ظلت رهينة ما تركه لنا مختلف الرحالة العرب ممن زاروا المنطقة وكتبوا عنها فقد تحدث”ابن حوقل” في القرن العاشر ميلادي عن تخصص مدينة  صفاقس في إنتاج الزيتون والزيت وتحولها إلى مركز تجاري جد مهم من ذلك مثلا أن الستين قفيز كان يباع بدينار واحد.[7] وقف أيضا “أبو عبيد البكري” ( زار مدينة صفاقس في القرن الحادي عشر) عند أهمية زيت الزيتون  في المبادلات التجارية لهذه المدينة “فصفاقس في وسط غابة زيتون ومن زيتها يمتار أهل مصر وأهل المغرب وصقلية والروم و ربما يباع الزيتون منها أربيعين قرطبية بمثقال واحد،وهي محطة السفن يقصدها التجار من الآفاق بالأصول الجزيلة لابتياع المتاع والزيت[8]

إضافة إلى ما تقدم، نشدد على أن للزيتونة تجليات عدة في الموروث الثقافي بصفاقس خلال القرن التاسع عشر وقد برز ذلك من خلال الجانب الحياتي اليومي والمعيشي للصفاقسي. فمن العادات الصفاقسية أن يعصر الزيتون يدويا في المنازل وقد سجلت الذاكرة الشعبية تفاصيل هذه العملية عبر بعض الأغاني النسائية التي نورد منها هذه المقاطع:[9]

باسم الله بديت على سيد الأمة صليت

زيتوني ما نقرقبه كنشي في البيت

زيتوني ما نقرقبه كنشي بيدي

رحية بعد رحية ونسخن لمية

ونطفح زيته ما نضيعش منه وقية

إنادي معاي للرحي إميمة ووخية

نستنتج من خلال هذه الأغنية أن عملية عصر الزيتون في المجتمع الصفاقسي في القرن التاسع عشر كانت تتم في إطار عائلي وفي طقس احتفالي ابتداءا بعملية الرحي ثم بتسخين الماء ووصولا إلى فصل الزيت الطاف عن الماء إما باليدين أو بالتقاطه بإناء. عموما تحرص النسوة في هذا الإطار على عدم خسارة أي قطرة من الزيت وهو ما يؤكد أهميته في الحياة اليومية والمعيشية للصفاقسي.

ويبدو أن عصر الزيتون، كان يتم في المعصرة أيضا أي خارج الإطار العائلي  وفي جو احتفالي شبه بالعرس ولعل هذه الأبيات من الأغاني التراثية الصفاقسية تترجم ذلك:

زع يا جمل يهديك لا يفوتنا

للمعصرة سرح خطاك ليوم

ما نعرف وليام باش يجونا

رب السماء كل علوم

في المعصرة بدو تقري

كل حد حضر جماله

وينقرو في القراقيب

ها العرس مااكبر حفاله

وزياتينها تهز وتجيب

كل حد عارف أشغاله[10]

علاوة على ما تقدم، كانت العائلات الصفاقسية تقدم على خزن زيت الزيتون في بيوتها ليس من أجل الاستعمال اليومي والتدواي فحسب، وإنما من أجل ادخاره لفترات الأزمات الاقتصادية أو المجاعات، وقد احتفظت الذاكرة بأمثال شعبية عدة تتحدث عن أهمية زيت الزيتون في التداوي والأكل من ذلك

إذا العام مطر زيت

                 لا تقول دهنت ولا كليت[11]

كما نورد أيضا بعض الأمثال الشعبية التي تشدد على ضرورة خزن زيت الزيتون

المقيم في ظرف كان قليل العرف

                  اللي يرحل وزيته في خوابيه لا تخزنه ولا تحاذيه[12]

نلاحظ أن الزيتونة كانت حاضرة في الموروث الصفاقسي، فهي لم تكن عنصرا غذائيا بالنسبة له وإنما باتت مصدرا لاستلهام الأشعار والتغني بها، فضلا عن تداول الأمثال الشعبية التي تحدثت عن الزيتون فقد كان للزيتونة الفضل في نشأة مخزون ثقافي سجلته الذاكرة الشعبية من أجل تداول هذه العادات القديمة عبر الأجيال.

لعله من المفيد التأكيد في هذا المجال أن الزيتونة شجرة لها تاريخ عريق بجهة صفاقس، فبحكم انفتاحها على البحر الأبيض المتوسط و مناخها شبه الصحراوي، تعاقبت على هذه المنطقة عديد الحضارات التي نشرت غراسة الزيتون بأريافها القريبة جاعلة منها مركزا من أهم المراكز المنتجة والمصدرة للزيت. وقد اكتسبت مدينة صفاقس إرثا تاريخيا هاما ساعدها على التطور بدءا من قدوم الفنيقين ووصولا إلى استقرار المسلمين بها وتأسيس مدينة صفاقس الإسلامية في العهد الأغلبي.

لقد مرت غراسة الزيتون بصفاقس بمراحل عدة عبر العصور فتأرجحت بين التدهور والازدهار ولئن بدأت عملية احياء هذه الغراسة منذ القرن الثامن عشر، فإن النصف الأول من القرن التاسع عشر عرف بنشأة غابة الزيتون القديمة وقد لاحظنا أن الزيتونة بدأت تغادر  الجنان تدريجيا وهو ما دل على بداية تكون الغابة القديمة بعيدا عن غابة الجنة خاصة مع اكتساب الفلاح الصفاقسي خبرة في مجال غراسة الزيتون مع توفر أدوات فلح مهمة(محشة،محراث عربي، محراث جموسي….) مواجها بذلك قساوة الظروف الطبيعية وخاصة منها قلة المياه.

في الواقع، فقد اهتم الفلاح الصفاقسي بطريقة انتظام أشجار الزيتون متحديا الطبيعة، إذ لاحظ أن تقريب الأشجار إلى بعضها يقلل من فرصة حصولها على الماء لأن جذورها تمتد عميقا و على مساحات كبيرة سيما أمام ندرة المياه. هذا ما دفع الفلاح إلى اعتماد قاعدة موحدة في غراسة أشجار الزيتون فكان انتظامها تقريبا 24م *24م  وذلك منذ حوالي 1850/1851[13] و قد مكنت هذه الطريقة من تجاوز مشكل نقص المياه إذ ” أن  التباعد في المساحات بين الأشجار يعني التقليل من عدد الأشجار بالهكتار مما يؤدي إلى تقاسم عدد أقل من الزياتين نفس الكميات النازلة من الأمطار[14]

بتطور غابة الزيتون تطورت الآليات الاقتصادية التي انعكست بدورها على الجانب الاجتماعي،فشملت التركيبة الاجتماعية و الاتنوغرافية للمدينة والعلاقات بين الأهالي ومخزونها الثفافي، فضلا عن علاقات الإنتاج التي تمظهرت في عقود الشراكة التي نذكر منها “المغارسة ” وهو عقد قديم وحسب القاضي “عبد الله سحنون”  هو “عقد يتنازل بموجبه شخص ما عن أرضه لفائدة شخص آخر و الذي يتعهد بزراعة الأشجار المثمرة بهذه الأرض، على أنها تصبح ملكا له عندما تدخل الأشجار المثمرة مرحلة الإنتاج”[15]

انتشر هذا العقد في صفاقس منذ القرن الثامن عشر وتدعم في القرن التاسع عشر. عموما يربط هذا العقد بين الفلاح و مالك الأرض وبمقتضى ما اتفق عليه، يقدم هذا الأخير جزءا من أرضه (حسب اختياره) عادة لا تتجاوز 10 هكتارات، في مقابل ذلك يتعهد الفلاح بالاعتناء بالأرض من حرث و ميالي بالمحراث لسد الماء وتعبئته وللقضاء على الأعشاب الطفيلية (النجم مثلا). زيادة على ذلك يقوم الفلاح بعملية الكابور أي قلب التربة في عمق آلة “الذكورة” لتهوئتها والقضاء على جذور النبات، علاوة على العزق والتحمير أي قلب التربة ونبشها حول الأشجار ولتهوئة التربة وخزن الثرى وقلع الأعشاب[16] .

في ما يخص الآلات الفلاحية المستعملة ، فإنها تتمثل خاصة في المحراث العربي و المحشة و الذكورة و الفأس وغيرها من الأدوات التي يتوجب على الفلاح توفيرها.

لقد وفر هذا النوع من عقود الشراكة مواطن شغل لعديد العائلات الصفاقسية خاصة وأن مدينة صفاقس شهدت تضخما سكانيا ملحوظا في النصف الثاني من  القرن التاسع عشر. والملاحظ أن عقد “المغارسة” كان يرفق بعقد “المساقاة” ، وهو عبارة عن عقد شراكة ثان يهدف إلى تأجيل عملية القسمة حتى لا يضطر الفلاح إلى التفريط في أرضه. تتمثل “المساقاة” في قبول الفلاح متابعة الغراسة مقابل نسب من الإنتاج والتي يتم الاتفاق عليها أيضا[17].

إضافة إلى ما تم ذكره، نلاحظ  أن الزيتونة ساهمت في تنوع العناصر الإتنوغرافية  لمدينة صفاقس وذلك من خلال تغير تركيبتها الاجتماعية، خاصة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. لعل ذلك يظهر في تصاعد عدد الجاليات الأجنبية و اليهودية التي استقرت في الربض الجنوبي وسيطرت على تجارة الزيت مثلما يكشفه  الجدول التالي:

التجار الأوروبيون كميات الزيت الموسوقة
وسق المركنتي كلمت هلول الكالطي 441
وسق المركنتي بترو اجبلي المالطي 213
وسق المركنتي النصراني انجلو ألبتري 408
وسق المركنتي  أنجلو طابوني المالطي 463
وسق المركنتي  بالو كيروانة المالطي 2212
وسق المركنتي  أندريه فصيلة المالطي 459
وسق المركنتي  فرنسوا دي بونو 114
                  الجملة5564     

الجدول عدد 01:كميات الزيت الموسوقة من صفاقس على يد التجار الأوروبين لعام 1859[18]

نستنتج من خلال الجدول :

-تفاوت  درجة الهيمنة الأوروبية على عملية الوسق.

-سيطرة الأجانب على أكثر من نصف كميات الزيت المصدرة  من ميناء صفاقس أي بكمية 5564 مطر زيت من جملة 8334 مطر[19].

-تنوع التركيبة الاتنوغرافية للأجانب من فرنسيين و إيطاليين ومالطيين.

عموما أقحم الأوروبيون صفاقس في دائرة المنظومة الرأسمالية عبر السيطرة على تجارة الزيت التي كانت تدر عليهم أموالا طائلة حتى أن طبيب المحلة الألماني”ناختقال” تحدث عن البذخ الذي عرفته  هذه الجالية حيث يؤكد أن “جميعهم في أرغد العيش بفضل تجارة الصوف والنشاف و التمر والفستق والزيت[20].

علاوة على ما تقدم ، شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر صعود التجار اليهود وهيمنتهم على تجارة الزيت مستغلة الامتيازات التي وفرتها لهم الإيالة التونسية(كعهد الأمان مثلا). وقد ارتبط لفظ “اليهودي” بالتاجر إذ برع هؤلاء في هذا الميدان فكانوا  وسطاء ممتازين في توزيع البضائع وتجميعها وهو الهدف الذي سعت إليه الرأسمالية الأوروبية في الإيالة[21].كما برعوا في تصدير الزيت من ميناء صفاقس والذي يوضحه الجدول الخاص بكميات الزيت الموسوقة من هذا الميناء لسنة 1859 .

 

 

التجار اليهود كميات الزيت الموسوقة بالمطر
-وسق التاجر هاي الصباغ

– وسق التاجرهاي المذكور

– وسق التاجرهاي المذكور

– وسق التاجرهاي المذكور

– وسق التاجرهاي المذكور

– وسق التاجرهاي المذكور

– وسق التاجريبترواجيلي وموشي نعيم

-وسق التاجر هاي الصباغ

– وسق التاجر هاي الصباغ

– وسق التاجر هاي الصباغ

 

-968

-106

-893

-112

-886

-85

-163

-796

-193

-522

 

الجملة 4697

جدول عدد02:كميات  الزيت التي وسقها اليهود في 1859[22]

نتبين من خلال الجدول سيطرة اليهود على كميات كبيرة من الزيت المصدر من ميناء صفاقس(4697 مطر زيت) أي حوالي نصف إجمالي الكميات الموسوقة من هذا الميناء(8334 مطر زيت).

من الأهمية بمكان الإشارة إلى ظهور بعض المشاكل الاجتماعية التي ارتبطت بالزيتونة وقد وصل الأمر إلى حد رفع  الشكاوي إلى قايد صفاقس، وهو ما دل على تحول شجرة الزيتون إلى ثروة ثمينة .من ذلك مثلا أن “الحاج محمد السلامي” اشتكى في 1855[23]  إلى قايد صفاقس وأخبره أن له “جانب زيت في جرة وزوج نصافي”موضوعة في بيت جوفية بزريبة معصار السلامي وأنه عندما دخل “الواد” إليها، أخرج كل ما وجد بها. وقد علم هذا الرجل أن شخصا يدعى”حسن بن حسين قارة” كان قد جمع الزيت  المذكور وقد أكد ذلك عند امتثاله أمام القايد.

إضافة إلى ما تقدم،ظهرت بصفاقس في النصف الثاني من القرن التاسع عشر سرقات ببعض الحيازات المغروسة زيتونا مثلما وقع بحيازة الحاج”أحمد حامد  النوري” الواقعة بين ثنيتي “العين” و”عطية” والتي سرقت من  قبل “عمار بن عمار بن سويسي” في 1880[24]. عموما تكاثرت الشكايات ضد عمليات سرقة غلة الزيتون والاستحواذ على الملكيات العقارية[25] وهو مادل على المكانة الهامة لشجرة الزيتون في الحياة اليومية وثقافة المجتمع الصفاقسي .

في الختام نؤكد أن تاريخ صفاقس ارتبط في جانب كبير منه بشجرة الزيتون التي كانت حاضرة في  الحياة اليومية والاقتصادية لمتساكني هذه المدينة، وقد أثرت على الحراك الاجتماعي والمكونات الاتنوغرافية الصفاقسية. كما نشدد أيضا على أن دراسة اليومي (كجزء من التاريخ الجهوي) ، يتطلب الدمج بين علم التاريخ وعلم الأنتروبولوجيا بما هي علوم إنسانية منفتحة على بعضها البعض .

الهوامش

[1] لوغوف (جاك):في الاشراف، التارخ الجديد، ترجمة محمد الطاهر المنصوري،منشورات المنظمة العربية للترجمة، بيرةت 2007،ص39.

[2] العروي (عبد الله):مفهوم التاريخ،المفاهيم والأصول،ج2 ط1،المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء المغرب 1992،ص 258.

[3][3] Hodge (w),Arnold(p):”L’olivier”,ENCYCLOPEDIE ENCARTA 2007

[4] Notice générale sur la Tunisie(1882-1921) ,résidence générale de la république française, imprimerie du centre, Toulouse, 1922,p239.

[5] Huile d’olive de Tunisie : « brochure réalisée à l’occasion de l’agro leader »,B 1571, archive de la ministère de l’agriculture, avril 2000-2006,p6

[6] متحف بلدية صفاقس، ،غير مؤرخة.

[7] ابن حوقل النصيبي(أبو القاسم):صورة الأرض،دار مكتبة الحياة بيروت،لبنان،ص70.

[8] البكري(أبو عبيد):المسالك والممالك،بيت الحكمة قرطاج، الجزء الثاني،ص669.

[9] غناء نسائي أثناء عصر الزيتون في البيت،مجهول المصدر،مدنا به السيد يوسف الشرفي

[10] غناء في المعصرة،مجهول المصدر،مدنا به السيد يوسف الشرفي.

[11] أمثال شعبية مدنا به السيد يوسف الشرفي.

[12] أمثال شعبية مدنا به السيد يوسف الشرفي.

[13] Lallemand(ch) : « La Tunisie pays de protectorat français »Paris, ancienne maison Quantin.1892,p74.

[14] القسنطيني(الكراي):الأرياف المحلية و رأس المال الاستعماري،ظهير صفاقس 1892-1929،كلية الآداب منوبة،1992،ص24.

[15] الباهي(مبروك): الديون و الربا في إيالة تونس في القرن 19،جهة صفاقس مثلا”،كلية الأداب والعلوم الإنسانية بصفاقس، تونس2003،ص142

[16] القلال(رحيم):مقال حول الأعمال الفلاحية وآلات لخدمة الأرض والمحافظة على الماء وخزن الثرى، شمس الجنوب،2002

[17] الباهي(مبروك):نفس المرجع، ص 145.

[18] الأرشيف الوطني التونسي:دفتر 1937 بتاريخ 1859.

[19] الأرشيف الوطني التونسي:دفتر 1937 بتاريخ 1859.

[20] الفندري(منير):طبيب محلة البلاد التونسية فيما بين 1863-1868 من خلال رسائل الطبيب الألماني “غوستاف ناختقال” « Gustave Nechtiga »l ،مركز النشر الجامعي،2003،ص 238.

[21] الباهي(مبروك):نفس المرجع، ص 167.

[22]  الأرشيف الوطني التونسي:دفتر 1937 بتاريخ 1276 هـ-1859.

[23] أرشيف دار الجلولي:م95،و2819 بتاريخ 1270هـ-1855.

[24] أرشيف دار الجلولي:ص18،م خصومات 61و 2266 بتاريخ 1296-1880.

[25] أرشيف دار الجلولي:ص18،م خصومات 61و 2256 بتاريخ 1260-1844.