تدريس الأنثروبولوجيا في تونس: نظرة من الداخل

حسام الدين سعاف

حينما استقر في نفسي الاقتناع بدراسة الأنثروبولوجيا سنة 2015، كان عمر هذا القسم سنة واحدة. ها أنا الآن أُتم سنتي الرابعة في دراسة هذا الاختصاص؛ ثلاث سنوات في كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة بمدينة سوسة وسنة في المعهد العالي للعلوم الإنسانيّة في تونس. في هذا المقال أعود على أهمّ محطّات هذه التجربة.

كنت أفكر بداية باتخاذ دراسة الفلسفة كمسيرة لي في التعليم الجامعيّ، قبل أن يتبادر إلى مسامعي أنّ قسما للأنثروبولوجيا فتح أبوابه للطلبة في تونس باعتباره اختصاصا مُستقلا. رغم حماستي، كنت مدركا تماما أنّ في اختياري شيئا من التهور، باعتبار أنني، كمعظم الذين اختاروا مجالات مماثلة طوعا، أعي تماما أنّ الاستثمار فيها لا يكون في العادة جيّدا لعدة أسباب: مُتطلبات سوق الشغل، التمثّل الجمعيّ لهذه الاختصاصات، الخ. لهذا قلت في نفسي إنّ كل ما عليّ فعله هو عدم انتظار تجربة استثنائيّة من المسار الجامعيّ، على الأقل في بداياته، والتعويل على التعلّم الذاتيّ.

كنت مخطئا، وقد أتت الحجّة على ذلك سريعا. حصل ذلك خلال أول مُحاضرة يُلقيها أستاذ زائر في قسمنا. حيث تم استدعاء الأنثروبولوجيّ التونسيّ المُتميز منذر الكيلاني لتقديم درس تمهيدي مُكثّف للطلبة طيلة الأسبوع، ثم لإلقاء مُحاضرة، في نفس السياق، لكن مفتوحة للجميع بعنوان “ما الذي يمكن أن تقدّمه الأنثروبولوجيا اليوم؟”.

بعد أن شَهِدت أداء الكيلاني في القسم، كنت، كالجميع، على أحرّ من الجمر لاستكمال هذه الرحلة الذهنيّة الطريفة. ذهبت إلى قاعة المُحاضرة حينها مع صديقي الجديد سليم، وقد لعب هذا الأخير دورا مُهمّا في تقديم ثنايا الجامعة لي، باعتباره من طلبة الدكتوراه وأستاذي — في اختصاص الأنثروبولوجيا البصريّة — لاحقا. الأهم من كل ذلك، أننّا وجدنا سريعا أرضية فكريّة للتواصل كونه ذو إطلاع واسع على كل ما يخص الدراسات الإيتولوجية (علم سلوك الحيوان) المتعلقة بالقردة العليا وبقية الثديّات، وكنت، من جهتي، قد أنهيت كتاب “السيكولوجيا التطورية”[i] لديفد باس الذي مثّل أول المدارس الفكرية التي تأثرت بها جديّا (تغيّرت الأمور كثيرا منذ ذلك الحين)، وهذا ما جعلنا بالتالي نخوض حوارات متعددة في هذا الخصوص، وقد صادف أن كنّا، قبل الدخول الي قاعة المُحاضرة، نناقش مسألة الهيمنة عند الشمبانزي ونقارنها بشبيهتها البشريّة.

أخذ الجميع أماكنهم، امتلأت القاعة سريعا وبدأ الأستاذ المُحاضِر عرضه الشيّق. بعد ما يُقارب الساعة، همزني سليم قائلا: “أنظر ماذا سيحدث الآن”، لكنني لم أعره أيّ انتباه، فعاود الكرّة بإصرار أكبر، حين نظرت إليه، رأيت ابتسامة ساخرة تحتلّ ملامحه، بدا الأمر غريبا، إذ إنها المرة الأولى التي أبصره كذلك، ومع هذا عدت ببصري حيث يقف الكيلاني. مسك سليم يدي مُباشرة ودون مزاح قائلا: “كلّ ما تسمعه نظريّ، يجب أن تنظر حيث أشير الآن، لتشاهد الأنثروبولوجيا الحقيقيّة”، وإذ بأحد المسؤولين، الذي ظننت أنّه جالسٌ في أحد المقاعد الأمامية، يعبر باب الدخول من جديد. ولكن هذه المرة بدا دخوله أكثر إثارة. اتضح لي سريعا مقصد سليم، فهذا المسؤول يستعد بجدية كاريكاتورية للقيام بمشهد (  (scèneيُبرز من خلاله هالة حضوره للجميع.

دخل مرتديا قبّعة جديدة وفي فمه سيجارة تتخذ مكانا جانبيا بين شفتيه. أمّا يداه فقد استوتا نزولا مع جسده المائل قليلا إلى الخلف نتيجة انحناءة طفيفة تشبه تلك التي يتخذها العساكر، ثمّ تحجّر واقفا في مكانه. لم يكن من السهل معرفة أنّ حياةً ما مازالت تدب في ذلك الجسد إلا من خلال العينين، اللّتين لم تكفا عن السباحة جيئة وذهابا على طول القاعة وبين ساكنيها. ظلت الحالة كذلك ما يقارب الدقيقتين.

لم يساورني الشكّ، حين نظرت إلى سليم، أنّ ما شاهدناه هو عرض فعليّ لكلّ ما ناقشناه حول مسألة الهيمنة عند الشمبانزي وتواصلها عند البشر. عند مغادرة تلك القاعة، أدركت شيئا؛ أنّ المُلاحظة هي رأسمال أي باحث جديّ. يُمكن للجميع أن يُراكم المعارف، ولكن استعمالها فعليّا هو الأمر الصعب. وقد بيّن لي سليم ذلك بالفعل. كان ذلك أول درس لي تلك السنة، وصفعة خفيفة مفادها بأنّ الدراسة الجامعية مُثيرة ما يكفي لقبول دعوة خوضها بكل جدية.

يَتمثّل العمل الاثنوغرافيّ، حسب كليفورد غيرتز، في تحويل تجربة بيوغرافيّة إلى نصّ علميّ. هذا الإقرار يُمثل كل طموح المشروع المعرفيّ للأنثروبولوجيا، حيث يسعى المُشتغلون بهذا الاختصاص إلى تحصيل مَعرفة عن الإنسانيّ من “الداخل”، أي من خلال مُعايشة ومُصاحبة السير اليوميّ للأحداث الاجتماعيّة كمشاركين فيها، دون اعتبارها مواضيع قابلة للقيس والتشيئْ، هي معرفة “دون قفّازات”، حسب عبارة تيم إنغولد (Tim Ingold).

لذلك بدا لي من البديهيّ أن الحديث عن تفصيل تدريس هذا الاختصاص في الجامعة التونسيّة يكون أكثر تطابقا مع روح الاختصاص نفسه إذا ما أخذت تجربتي الدراسية كمُنطلق. حيث أنني درست الأنثروبولوجيا ثلاث سنوات في كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة، وأكمل مسيرتي الآن، في نفس الاختصاص، بين زملائي في المدرسة العليا للعلوم الإنسانيّة ابن شرف بتونس. وباعتبار أنني الطالب الوحيد الذي بدأ مسيرته في سوسة وانتقل إلى تونس، تمكّنت من تشكيل مُقارنة يُمكن أن تكون مفيدة لمَطلب هذا المقال.

Iنشأة الاختصاص في تونس

في مقال بعنوان “من هنا وهناك: الأنثروبولوجيا في تونس”[ii]، تحاول الأنثروبولوجية الفرنسية ستيفاني بوسال عرض كرونولوجيا تطور حضور الأنثروبولوجيا كاختصاص في الفضاء الجامعيّ التونسيّ، ويمكن تلخيص هذا المقال كالتالي:

يعتبر عمل جان دوفينيو، “الشبيكة”[iii] (1968)، مع مجموعة من طلبته، أول بحث أنثروبولوجيّ فعليّ يُنجز في إطار الجامعة التونسيّة، على الرغم من اعتباره رسميا عملا سوسيولوجيا. ولكن اختفت، منذ ذلك الحين، وسريعا، الأنثروبولوجيا من الساحة الجامعيّة والتعليميّة، ولم تلعب أي دور جديّ في مُراكمة المعارف التي تخص المُجتمع التونسيّ الاّ بطريقة جذمورية واختراقات هامشية هنا وهناك. وقد رافقت ندرة الإنتاج الأنثروبولوجيّ وصمة سلبيّة، كما حدث للمؤرّخة الفرنسية التونسية لوسات فالنسي (Lucette Valensi)، حين اشتغلت على تاريخ الهامشي في تونس كتاريخ اليهود والعبيد. اذ تم اعتبار عملها ايحاءً لتاريخ ولّى وانتهى و لم يعد راهنيّا الآن، بل تعامل البعض مع عملها على أنّه صبغٌ للمُجتمع التونسيّ بالفولكلوريّة.

ظلّت الحال هكذا، حتى نهاية السبعينيات، حين تبنّى المعهد الوطنيّ للتراث هذا الاختصاص باعتباره قادرا على الإشارة الى تراث يجب حمايته، في سياق تحولات كبيرة نتيجة العمل المتسارع والمُحاولات التي تخوضها دولة الاستقلال لعصرنة المجتمع. لم يُسمح للأنثروبولوجيا بدراسة بعض المواضيع الأخرى، خلافا لاختزالها في اختصاص فولكلوريّ، إلاّ مع الأنثروبولوجيّة والمؤرّخة التونسيّة جاكلين الشابي، التي ساهمت، خلال التسعينيات، في بعث “المركز التونسيّ المغاربيّ للتوثيق” (سيصبح “معهد البحوث المغاربيّة المعاصرة-IRMC-” بعد ذلك). أصبحت الأنثروبولوجيا، بفضل هذه المؤسسة وبفضل النزعة النظريّة للدراسات التاريخيّة التي تهتم بالهامشيّ (مدرسة الحوليات)، اختصاصا طريفا، وجب اكتشافه من جديد.

ساهم هذا الاهتمام الجديد في إضافة مادة الأنثروبولوجيا التاريخيّة إلى قسم التاريخ بجامعة منوبة. كما بُعث ماجستير أنثروبولوجيا في كلية الحقوق والعلوم الإنسانيّة تونس-المنار. ولكنه لم يدم كفاية الاّ لتنشئة دفعة واحدة من الطلبة. لا يود كثيرون الحديث عن أسباب ذلك، إلاّ أنّ ” رغبة مأسسة” هذا الاختصاص، كما تقول بوسال، دفعت، سنة 2008، إلى إنشاء “الجمعيّة التونسيّة للأنثروبولوجيا الاجتماعيّة والثقافيّة (ATASC) بعد عمل وتعاون متواصل لكلّ من عماد الملّيتي، سهام نجار، عبد القادر زغل وبمعونة ليليا بن سالم أيضا. ساهم هؤلاء السوسيولوجيّون في تشكيل إطار بحثيّ جديد يُقرّون من خلاله أنّ المشروع السوسيولوجي لم يكن قادرا وحده، وبعد انتهاء الزخم الذي رافقه حد الثمانينيات، على صياغة برنامج بحثي جديد يستطيع أن يبادر بفهم التغيرات التي تعيد تشكيل المجتمع التونسيّ.

في نفس الخط، أطّرت سهام النجار، سنة 2013، عملا جماعيا تحت يافطة “سوسيو-أنثروبولوجيّ” بعنوان “التفكير في المجتمع التونسي اليوم”[iv]، يحاول في إطاره المساهمون بحث بعض مظاهر الحياة اليومية في مُجتمع مُهتزّ وحائر بعد أحداث “ثورة” 17 كانون الأول/ديسمبر 14 كانون الثاني/جانفي 2011. لقي الكتاب ترحيبا كبيرا وقد اعتُبر تغيّرا جديا في نمط إنتاج معارف العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة في تونس، مما أتاح، سنة 2014، لكل من سهام النجار وعماد المليتي، بعث أول إجازة مُستقلّة للأنثروبولوجيا، وقد صادف أيضا أن كانت الأمور مُشابهة في جامعة الفنون والعلوم الإنسانيّة في سوسة، اذ بُعثت الإجازة نفسها، خلال السنة عينها، بفضل عمل أستاذ الحضارة العربية المُنصف بن عبد الجليل.

يمكن أن نستنج، من خلال هذه المحطّات التاريخيّة، أنّ الأنثروبولوجيا عجزت عن تحصيل شروط الاعتراف بأهميتها إلا مؤخرّا، فما هي أسباب هذا التأخير؟

II-أسباب التأخير

 1- الأنثروبولوجيا الاستعماريّة

نشأت الأنثروبولوجيا كغيرها من العلوم الإنسانيّة في سياق القرن التاسع عشر، وقد شهد هذا القرن، كما يُبّين الأنثريولوجيّ النرويجي توماس هيلند اركسونThomas Hylland Eriksen) )، انتهاء مخاض معرفي، بدأ منذ مئتي سنة، ببروز الانسان كموضوع جديد لأربعة أنماط من المعرفة العلمية: السيكولوجيا، السوسيولوجيا، الاقتصاد والأنثروبولوجيا. اختصّ النمط الأول بتفسير طبيعة وديناميكية الآليات الذهنيّة للنفس البشريّة. أما النمط الثاني فقد حاول فهم وتفسير التحولات السوسيولوجيّة التي طبعت بنية المجتمعات الصناعية. واهتّم النمط الثالث بالإحاطة بعمليات الإنتاج والتوزيع والاستهلاك في سياق مؤسسة السوق التي تبلورت إثر الثورة الصناعية. أما الأنثروبولوجيا فقد اعتُبرت نمطا معرفيّا يخصّ تلك الشعوب التقليدية — كالشعوب المُسلمة — والمجموعات البشرية “البدائية” التي تنتشر خاصة في افريقيا، أستراليا وأميركا اللاتينيّة.

يَظهر سريعا التباين الحاد بين مواضيع الأنماط المعرفيّة الثلاثة الأولى والأنثروبولوجيا باعتبار أنّ السيكولوجيا، السوسيولوجيا والاقتصاد تدرس بالأساس الانسان الغربيّ، أما الأنثروبولوجيا فتجد موضوعها منتشرا على امتداد جغرافيا “الآخر”. وقد تأسس هذا التقسيم على عدّة مسلمات ضمنيّة ومعلنة، أهمّها أنّ الثقافة الغربيّة هي أعلى وأرقى الثقافات تطورا وتقدما. هذا التصور الأورو-مركزي، حسب طلال الأسد، هو جوهر الأيدولوجيّة الاستعماريّة التي دفعت الجيوش الغربيّة نهاية القرن التاسع عشر إلى احتلال جزء كبير من جغرافيا العالم، التي يسكنها “آخر” تقليديّ وبدائيّ يجب “مُساعدته على التحضّر”.

أشار بالفعل النقد اللاذع الذي قاده الأنثروبولوجيّون أنفسهم، بداية السبعينيات وحتى نهاية التسعينيات، إلى تورط الأنثروبولوجيا كاختصاص، والمُشتغلين بها، في صياغة أسس التصوّر الاستعماريّ، أقله بنظرياتهم التطوريّة تارة — التي تفيد بوجود مراحل تطورية حضاريّة وثقافيّة –، والوظيفيّة التي تفترض أنّ تلك المجتمعات تمتاز “بمزاج بارد” يجعلها دائما تعيد إنتاج نفسها في صيغة ثابتة وتقليديّة، الخ. ولكن تورّط الأنثروبولوجيا بالعمل لفائدة الأجندة الاستعماريّة لا يُلغي، كما يشير ديفيد غريبر في كتابه “جذاذات أنثروبولوجيا لا سلطويّة”[v]، إلى قدرة هذا الاختصاص على أن يكون من أفضل الأطر النقديّة الاجتماعيّة الجدية التي تستطيع تشريح شكل الوجود الإنسانيّ الراهن.

رغم ذلك النقد، ظلّت الأنثروبولوجيا، بالنسبة للكثيرين، مقترنة بالأيديولوجيا الاستعماريّة والتصور الأورو-مركزيّ للآخر. هذا ما جعل الحركات التحررّية وجل دول ما بعد الاستقلال تنظر بعين الريبة نحوها. لا يزال هذا التصور متجذرا إلى اليوم، حيث أسمع كثيرا، عند تقديم دراستي الجامعيّة للآخرين — إذا ما حالفني الحظ ومّيزوا الأنثروبولوجيا عن الأركيولوجيا أو السوسيولوجيا — أننّي أدرس اختصاصا استعماريا!

2-الدولة الحديثة والمشروع التنمويّ – سوسيولوجيا

بالنسبة إلى دولة الاستقلال التونسيّة، كان الرهان الأول هو “تعصير المجتمع”، لذلك جعلت كل اختياراتها الاقتصاديّة، السياسيّة والتعليميّة منكبّة على هذه المهمّة. وقد كان أوّل تَجسيد فعليّ لهذا المشروع، كما تُبيّن بدقة السوسيولوجيّة التونسية ليليا بن سالم في حوار لها مع سيلفي مازيلا  (Sylvie Mazzella)، هو تأسيس مركز الدراسات الاجتماعيّة، وبعث إجازة في علم الاجتماع سنة 1959 في إطار المدرسة العليا للدراسات. وكان الإشكال التنمويّ أيضا الدافع لإنشاء “مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والاجتماعية” سنة 1962. إذن، ساهم جمع من السوسيولوجيّين والأنثروبولوجيّين الفرنسيّين على رأسهم جان ديفينيو (Jean Duvignaud) بالتأكيد على مسؤولية السوسيولوجيا في لعب دور تأسيسيّ لمعرفة ذاتيّة ينتجها المجتمع عن نفسه.

كانت الأنثروبولوجيا كاختصاص، خلال فترة الستينيات، تحمل دلالتين سلبيّتين — زيادة لكونها ذات شبهات استعمارية — بالنسبة لدول الاستقلال التي تود تعصير بناها الاجتماعيّة: أولا، كانت الدراسات التي تُخاض في إطار هذا الاختصاص تعني حصرا وأساسا دراسة المجتمعات التقليديّة و “البدائية”. ذلك باعتبار أنّ العمل الإثنوغرافيّ يعني ضمنيّا أنّ المُجتمع المدروس هو مُجتمع ما قبل صناعيّ في أحسن الأحوال. ولم يتغير موضوع الدراسات الإثنوغرافيّة إلا مؤخرا، مع النقد الذي قاده كل من جورج بالنديه (George Balandier) و مارك أوجيه ( (Mark Augéوغيرهما، مع ما أصبح يعرف اليوم بأنثروبولوجيا المجتمعات المعاصرة.

أما ثانيا، تفترض دراسة مجتمع ما أنثروبولوجياً أنّ المجتمع نفسه غير قادر على إنتاج معرفة “علميّة” تخصّه، فجلّ المجتمعات والثقافات المدروسة كانت ثقافات “ما قبل كتابيّة”، تتركز كل معارفها حول “تمركز هوويّ حول ذاته” ولا تستطيع أن تقول أيّ شيء “قابل للفهم” بناءً على طابعها الشفاهي وحده. لذلك كانت إحدى مهام الإثنوغرافيّ هي صياغة خطاب مفهوم ومساعدة تلك الثقافة على أن “تعي وتفهم” ذاتها.

إذن ساهمت هذه التمثّلات العامة في تشكيل المشروع التونسيّ التعليميّ الحداثيّ الذي يقوم في جزء منه، حسب منذر الكيلاني، على كبت وتجنّب الاعتراف بذلك الجانب من المجتمع التونسيّ الذي كان “تقليديّا” (تم رصد عودة هذا المكبوت الاجتماعي إثر انتفاضة 17/14، ويمكن العودة لدراسة أجراها محمد نجيب بوطالب بعنوان “القبلية والجهويّة في المجتمع العربيّ المعاصر: دراسة مقارنة للثورتين التونسيّة والليبيّة”). لهذا لعبت السوسيولوجيا دور الأسد في تشكيل معرفة تخصّ المجتمع التونسيّ، باعتبارها، كما أشرت، تعني من ضمن ما تعنيه أنّ المُجتمع أصبح قادرا على معرفة نفسه في إطار مرحلة عَصرنة البلاد كما حدث في البلدان الصناعيّة الأولى. هذه الأسباب، وغيرها، أرجأت بعث إجازة في اختصاص الأنثروبولوجيا حتى وقت متأخر مقارنة ببقية البلدان المماثلة (مصر والجزائر مثلا).

III-الإجازة الأساسيّة في الأنثروبولوجيا

1-التوجيه

يعجّ برنامج الفلسفة سنة الباكالوريا بالمواضيع الأنثروبولوجية؛ الانية والغيريّة، الأنظمة الرمزيّة، الخصوصيّة والكونيّة إلخ. لكن نهاية كل سنة يصعب أن تجد تلميذا قادرا على تشكيل صورة متماسكة — بالحد الأدنى — لما تعنيه الأنثروبولوجيا، ويوجد خلط ملموس وثابت يمكن لأيّ منا مُعاينته حين يذكر هذا المصطلح أمام تلميذ باكالوريا، إذا غالبا ما يقع مزج الأنثروبولوجيا مع الأركيولوجيا (فرع من الأنثروبولوجيا التي تضمّ أيضا الأنثروبولوجيا البيولوجيّة، الأنثروبولوجيا الألسنيّة والأنثروبولوجيا الاجتماعيّة الثقافيّة). هذا الخلط لا يخصّ التلميذ فقط، بل يمسّ حتى بعض المختصّين في العلوم الإنسانيّة. الثابت في كل هذا هو وجود ربط ضبابيّ وغير متناسق يجعل الأغلبيّة تعتقد أنّ هذا المصطلح يحيل على ما قبل التاريخيّ والأحفوريّ. تمثّل هذه الضبابيّة أحد أهم العوائق التي تواجه الناجحين في الباكالوريا، إذ يدفهم هذا الارتباك، وعدم وضوح تمثّلهم، إلى تجنب اختيار هذا الاختصاص.

أما بالنسبة للذين يعون طبيعة الاختصاص، فيسارع معظمهم لتفاديه أيضا، كونه في النهاية اختصاص علوم إنسانيّة، شبيه بالسوسيولوجيا أو الفلسفة، فيما يفضّل عادة الناجحون بمعدلات أدبية فوق متوسطة التوجه الى دراسة القانون، اللغات، أو المدارس التحضيريّة عوضا عنها. هذه الهرميّة القيميّة التي يتمثّل من خلالها الناجحون المواد المعروضة للتوجيه الجامعيّ مبنية أساسا على متطلبات سوق الشغل من ناحية والقيمة الاجتماعيّة لتلك المواد من ناحية أخرى. إذن، نجحت السياسات التعليميّة في إعلاء قيمة كل الاختصاصات التقنيّة (علوم صلبة) على حساب الاختصاصات النقدية (علوم إنسانيّة واجتماعية) لعدة أسباب، منها ضرب هذه المنظومة التعلميّة في مجملها باعتبارها كانت خلال الستينيات والسبعينيات إحدى أبرز مصادر المعارضة السياسيّة، والتركيز على سوق شغل تقنيّ.

لذلك، أتذكر جيدا، أنه خلال أول حصة دراسيّة، سألَت الأستاذة “من منكم اختار القدوم هنا طوعا؟”، فأجاب سبعة أشخاص بالإيجاب، من جملة ما يقارب الثلاثين، اختفى اكثرهم في جولة إعادة التوجيه التالية. الوضعيّة كانت مشابهة أيضا في مدينة تونس خلال نفس السنة، إذ ارتضى ثلاثة أشخاص فقط لأنفسهم التوجه إلى القسم من جملة ثلاثين. أغلب المُتوجّهين إلى هذا الاختصاص إمّا فعلوا ذلك لأنه اختصاص جديد؛ أيّ أنّ منافسة ضئيلة ستحكم عملية العرض في السوق، كما قال كثيرون، أو لأنهم لم يجدوا غير هذا الاختصاص لملء الخانة الرابعة أو الخامسة من اختياراتهم، باعتبار أن مُعدل التوجيه متدنٍ جدا.

2- ما بعد التوجيه: بداية جامعيّة

يجد هؤلاء الطلبة الجدد أنفسهم إذاً في عالم مُستحدث تماما، لم يختاروا فيه إلا القليل، وأول ما يُشكل طرافة هذه الوضعية هو اللقاء مع الأساتذة. جلّ الأساتذة في قسم الأنثروبولوجيا جدد أيضا، لذلك كان اللقاء بين الطرفين استثنائيا. بداية، لم نواجه كطلبة أي فرض مسرحيّ للهيبات والتراتبيّات كما يصادف أن يواجه، في الغالب، بقيّة الزملاء. لا شكّ أنّ ذلك قد يبدو إيجابيا بالفعل، ولكن كنّا مُقتنعين أنّ السبب وراء هذه العلاقة الأفقيّة مع معظم أساتذة السنوات الأولى والثانية– تغيّرت الأمور في السنة الثالثة وسآتي على ذلك لاحقا — كانت بسبب أنّ الأخيرين لا يعلمون كثيرا ما يفعلونه في هذا الاختصاص مثل أغلبنا.

لم تكن الأنثروبولوجيا تدرّس كاختصاص مستقل، كما ذكرت، إلا مؤخرا، ذلك يعني أنّ تكوين أول جيل من طلبة الأنثروبولوجيا يستوجب تدخّلات خارجية عن الاختصاص نفسه. كانت تلك هي الحال في سوسة وتونس أيضا، اذ مثّل السوسيولوجيون العمود الفقريّ للجسد التعليميّ، إضافة إلى بعض المؤرّخين والجغرافيّين وأساتذة الفلسفة. إلا أنّ هذا التنوع، الإيجابي ظاهرا، مسّ سلبا روح الاختصاص نفسها وبدا التكوين، نسبيا، عمليّة ترقيع يُسقط كلّ أستاذ من خلالها مناهج وخصائص نمطه المعرفي على موضوع ومنهج الأنثروبولوجيا.

ظلت الحال هكذا طيلة سنتين، سمح لنا بعض الأساتذة، خلالهما، بالمشاركة في صياغة الدّرس والتعاون على بنائه. لكن خلال السنة الثالثة، تغيّرت المعطيات كليا، أساسا لأنّ المواد المقترحة حينها تطلبت تدخل اختصاصات أخرى إضافية، مثل الديموغرافيا والأنثروبولوجيا الأدبيّة. كانت ساعات هذه المواد تأتي متثاقلة وكنّا ننزع إلى تجنّبها والغياب عنها، ويعود ذلك جوهريا إلى النّزعة الحدّية لأساتذتها وقلّة انفتاحهم على رأي الطلبة، ذلك على الرغم من أنّ أستاذة الأنثروبولوجيا الأدبيّة لا تُميز بين “الثقافة” كمفهوم وصفيّ و”الحضارة” كمفهوم معياريّ. أما الطريقة التي تلقينا من خلالها مادة الديموغرافيا فهي صراحة الأكثر طرافة، وسيظلّ الامتحان الذي أجريناه نهاية السداسيّة الأولى تاريخيا لدفعة كاملة من الطلبة، حيث تطّلبت الإجابة على سؤال من أسئلة الامتحان التي تُقّيم بخمس نقاط، تكرار عملية حسابية أربع وستون مرة. وقد استغرق الامر قرابة الساعتين من بين ثلاث ساعات، هي المدّة الإجماليّة للاختبار. مع العلم أنّ الأنثروبولوجيا تُعتبر اختصاصا “نوعيّا” لا “كميّا”، أي أنّ الأنثروبولوجيا الديموغرافية تختلف جديّا عن الديموغرافيا كاختصاص كميّ. ومع ذلك دُرّسنا تماما كما يُدرِّس هذا الأستاذ طلبته، بل وفعل ذلك بطريقة نعتبرها جميعا مسرحيّة بكلّ المقاييس.

حين نتحدث عادة عن فشل الجامعة في تكوين جيل من الطلبة النقديّين والمثقّفين، ننزع لاستعمال تحليلات بنيوية مُجرّدة، واستحضار مفاهيم مثل مؤسسة، هيكلي، نسقي إلخ، وهو بلا ريب مفيد جدا للفهم. لكن هذا التحليل صار يُختار عادة لأنّه يمنح مستعمله وضعيّة آمنة ويجنّبه المواجهات المباشرة مع من يتربعون أعلى الهرم الأكاديميّ. هذه المقاربة، كما يؤكد فريدريك لوردون (Frédéric Lordon) لا تأخذ في الحسبان العواطف البشرية؛ أي أنّ تلك البُنى والمؤسسات باعتبارها بناءات بشرية، فهي مسكونة كذلك بعواطفهم ورغباتهم وتركيباتهم النفسيّة. وتقوم في المُقابل، ومن جديد، بتشكيل الخبرات العاطفيّة لساكنيها، عن طريق الممارسة اليوميّة والمستمرة. البُنى الاجتماعية صلبة لأنّها بكلّ بساطة تشكّل الخبرات العاطفيّة للذين يتزعمونها، لذلك يسرعون للدفاع عن وضعيّاتهم تجاه كل نقد ومساس من شرعيّاتهم، باعتبار أن رهاب فقدان شيء ما يُمثّل أحد أهم دوافعه السلوكيّة.

على هذه الشاكلة أيضا، يُشكل جزء من الأساتذة المسيطرين في أي جامعة قوة مُحافظة، تُعيد انتاج نفس تلك التصوّرات الهرميّة والخطيّة التي تتأسس من خلالها علاقة الأستاذ والطالب. وذلك يعود في جزء كبير منه، كما يعلم أيّ باحث جديّ، إلى البُنى النفسيّة لهؤلاء، التي تشكلت في سياق ثقافيّ معيّن يمكن تتبّعه وتحليله. ولا ريب، أنّ الإقرار بوجود علاقة ملموسة بين البُنى النفسيّة لمجموعة بشريّة ما وثقافتهم كما يذهب فرنسوا لابلونتين (François Laplantine) أمر في غاية الأهميّة اليوم، خصوصا مع تبلور أكثر وضوحا لما يمكن أن تمنحنا إياه اختصاصات مثل الطبّ النفسيّ الثقافيّ (Ethnopsychiatrie) والعلوم الدماغيّة الاجتماعيّة ” Neurosciences sociale” من بصيرة لفهم التعقيد البشريّ.

مثّلت لنا هذه الإشكالات، كغيرنا من الطلبة، إطارا تشكّل بين حدوده جزء من تجربتنا الجامعيّة. ولعلّ الطرافة في هذا العصر، أنّ التنشئة الجامعيّة للطالب تأخذ شكل حياته الرقميّة أيضا، وما تمنحه هذه الخبرات من قدرة على الانفتاح على إمكانات مُجتمعية أكبر. ورغم أنّ الطالب غير قادر فعليّا على تجسّد تلك التصوّرات التي يقارن من خلالها وضعيّته الحاليّة مع بقيّة إمكانات العالم، لأنها عشوائية وغير منّظمة، إلاّ أنها تزيد في اغترابه ورفضه لمشروعيّة الأستاذ، الذي يتمادى في دفاعه عن أنماط تعليميّة لا تناسب السياق الراهن: منها مثلا اعتبار أنّ الأستاذ المصدر الوحيد للمعرفة المشروعة التي يستوجب للطالب استعمالها في الفرض.

يتطلب تحليل هذه الأبعاد، التي تُشكل جُزءاً من الحياة الجامعيّة، سياقات مختلفة ليتم تفكيكها بأكثر طرافة وتعمّق، ولكن قد أشعر بنوع من عدم احترام الذات إذا اتخذت نفس المنهج البنيوي اللاّشخصي في الحديث عنها بكل تجرّد. وهذا، في جزء كبير منه، نتيجة ما تعلّمته من دراسة المواد المُقترحة في البرنامج، حيث يتميز هذا الأخير بتنوعه وثرائه، رغم النجاح النسبيّ جدا في تمكّن الأساتذة من إيصال فحواه لنا.

3-ما بعد الإجازة

بعد إتمام الإجازة الأساسية، يُقترح على الطلبة الناجحين، في سوسة، إكمال مشوارهم الجامعيّ في اختصاص “دراسات افريقيّة”. أما في تونس، فيُعرض عليهم ماجستير أساسيّ في الأنثروبولوجيا، حيث يتضح سريعا أنّه مُوجّه لدراسة الثقافة المغاربيّة أساسا، نظرا لطبيعة المواد المُقترحة. نظريا يبدو كلا المشروعين جيّدين، إذ قد يمنح تأسيس ماجستير “دراسات افريقيّة” الفرصة لتكوين جيل من المنفتحين على قارة يُرشّح الجميع أنّها ستكون مفتاح الاقتصاد العالميّ خلال الخمسينيّة القادمة، كما يُساهم هذا الانفتاح أيضا في إثراء الوعي الهوويّ التونسيّ بأنّنا ننتمي إلى تلك الجغرافيا وما يعنيه ذلك من أهميّة. ولكن يُعاني القسم من نقص لمختصين فعليّين في تلك المجالات، كما يُواصل بعض الأساتذة اسقاطاتهم وتوجيه محتوى الدرس الى ما يتقنونه على حساب ما يجب أن يحتويه، زد على ذلك ضعف احتماليّة أن يذهب الطلبة فعليّا إلى العمل الميدانيّ في افريقيا جنوب الصحراء. وقد ينتهي بهم الأمر إلى دراسة “افريقيا في تونس” دون أيّ رؤية واضحة عمّا يفعلونه. هذا الماجستير طموح جدا ولكنّه سيظلّ ربّما حبيس جدران الجامعة في ظلّ استمرار غياب عمل جديّ.

أمّا في خصوص الماجستير في تونس، فالأمر مختلف قليلا، على الأقلّ في ما يتعلّق بتوازي الطموحات مع الامكانيّات والرؤية الاستراتيجيّة للمشروع كلّه، باعتباره يتماهى مع مسيرة تشكّل شروط إمكان الأنثروبولوجيا نفسها في تونس — كما بينت في نشأة الاختصاص. لم يبدأ طلبة الماجستير الاشتغال بعد على مواضيعهم، ولكن يبدو أنّ الرؤى واضحة أكثر عند الطلبة في تونس مقارنة بزملائهم في سوسة باعتبار أنّ المواضيع المطروحة في الدراسات الافريقية لا توازي التكوين النظريّ الذي يتلقونه، في حين أنّ الطلبة في معهد ابن شرف مُحاطون بشبكة أكبر من المؤسسات البحثيّة (معهد الآداب العربية بتونس -IBLA)، المكتبة الوطنية، معهد البحوث المغاربية المعاصرة (IRMC)، ما يمنحهم سهولة أكبر في العمل على إنجاز اختياراتهم.

IV-خاتمة

حين اخترت دراسة الأنثروبولوجيا، لم أكن أراهن كثيرا على إحدى ضربات الحظّ التي تجعل من الإنسان ثريّا في لحظة، كنت أعي جيّدا أنّ دافعي هو فضول كبير وأسئلة أجّرُها خلفي منذ مدّة. هذا الأمر لا يعني، كذلك، أنّ الدراسة الجامعيّة في اختصاص مُماثل ستنتهي ضرورة بصاحبها في منزل والديه، وأن كلّ الفضائل من عمل مماثل ستكون فقط اشباع الفضول والإجابة عن تلك الأسئلة المحيرة، فالعلوم الإنسانية تُمّكن المُشتغل بها من عيش حياتين في نفس المُجتمع. حياة كفرد في مجموعة بشرية، وحياة كباحث. وقد جعلت الأنثروبولوجيا التجربة الأولى موضوع معرفتها؛ أي أنّ حياة الباحث كانسان؛ تفاعله مع محيطه والأماكن التي يقصدها، هي مصادر المعرفة الأكثر طرافة بالنسبة لها. ربّما هذه هي حال بقيّة العلوم الإنسانيّة، لكن طرافة الأنثروبولوجيا هي أنّها تعلنها صراحة.

تفتح الأنثروبولوجيا مجالا جديدا للتساؤل عن مُجتمع يخوض تجارب طريفة ومُكثّفة ويطرح أسئلة حارقة لا يبدو أن أحدا بدأ في الإجابة عليها بجديّة. لا يدّعي هذا النمط المعرفيّ أنّه قادر وحده على تقديم الإجابات أو تطوير معرفة فاعلة، إلاّ إذا كان مسنودا بعمل مُنفتح ويجمع بقية الاختصاصية المعرفية التي تهتم بفهم الانسان.  لذلك، فإنّ الرهان الأنثروبولوجيّ يتجاوز التكوين الشكليّ والميكانيكيّ للأكاديميّين الذين يرتدون ربطات العنق، فالمشروع يتعلق، فعليّا، بتكوين باحثين ومُثقّفين قادرين على حمل ما يحدث بين سطور كتاباتهم وقراءاتهم إلى النقاش العام وبين بقية الاختصاصات لتكون المعرفة مؤثّرة فالفضاء الاجتماعي، باعتبار أنّ العلوم الإنسانيّة علوم نقديّة، أي أنّها تتطلب، كما يُحاجج بيار بورديو في مقاله المُميز بعنوان “من أجل معرفة ملتزمة” (Pour un savoir engagé) ، وعيا والتزاما ايتيقيّين.

ما زلت في بداية الطريق، أحمل الكثير من الآمال، ربمّا حين أقرأ ما كتبته الآن بعد بضعة سنوات سأسخر كثيرا من نفسي، ولكنّني أحمل في هذه اللحظة اقتناعا ما بأنّ تدريس الأنثروبولوجيا في تونس قادر على إضافة ديناميكيّة جديدة إلى الحياة الجامعيّة والاجتماعيّة.

  • مراجع:
[i] David Buss, Evolutionary Psychology: The New Science of the Mind, Pearson.

[ii] Stéphanie Pouessel, « D’ici et d’ailleurs : l’anthropologie en Tunisie », Le Carnet de l’IRMC, 23 octobre 2013. [En ligne] http://irmc.hypotheses.org/1293

[iii] Jean Duvignaud, Chebika, Étude sociologique, Paris, Gallimard, 1968.

[iv] Sihem Najar  (direction), Penser la société tunisienne aujourd’hui : La jeune recherche en sciences humaines et sociales, IRMC, Tunisie, 2013.


[v] David Graeber, Fragments of an Anarchist Anthropology, Prickly Paradigm Press , 2004.

 

 

المصدر: موقع المراسل

الرابط:  https://al-morasel.com/2019/10/1098

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.