الهوية – مقاربة 8

ما يهمني من فلسفة الألماني لايبنتز (Leibniz) (ضمن الهوية)، هو فكرته عن “الموناد”، المستقاة بدورها من فلسفة بيثاغوروس، وهي نظرة كونية شاملة متتابعة متصلة بالعناصر الأربعة التي نشأ منها الكون.

فالموناد بتعريف لايبنتز هو: وحدة مادية غير منقسمة ومستغلقة، تعتبر العنصر الأساسي في الواقع الفيزيقي. هي كالذرات في فلسفة ديمقريطس [التي تأسس عليها الخيمياء]، وإن كانت تحوي أيضًا كينونة سيكولوجية، وعندما تتجسد داخل الكائن البشري، نطلق عليها إسم روح!

كل موناد هو مستقل وموحّد! وبالتالي كل ما هو حقيقي عن الموناد هو محتوى في ذاته، ولا يمكنه أن يدخل في أي علاقة سببية مع موناد آخر! إذ في كل افتراض صحيح، الخبر محتوى داخل الفاعل!

هذا يعني أن كل حقيقة هي حقيقة ضرورية! وكل شيء يحدث بطريقته لأنه يجب أن يحدث بتلك الطريقة! و”يجب” لأن الله اختار أن يجعل واقعًا ما هو أفضل بين الاحتمالات! وستتغير الأمور فقط لو اختار الله احتمالات أخرى.

هذه الرؤية تجعل من فكرة الهوية الشخصية مفهومًا جامدًا. فأنت، لا يمكنك إلا أن تكون قارئًا لهذه الصفحات! ولأن ترفض هذا الافتراض الحقيقي، فأنت تسلب شيئًا جوهريًا منك، هذا الشيء الذي بواسطته تكون أنت ذاتك!

وهذا يعيدنا مباشرة إلى فكرته عن الموناد، الموناد الموحد والمستقل والمستغلق على ذاته وغير المنقسم! الموناد الذي لا يتحوّل فيبقى هو هو، وبالتالي تبقى أنت أنت… تبقى ذا هوية خاصة ثابتة ومستمرة، استمرارية الكينونة السيكولوجية (الروح) فيك!




ملاحظة: نشرتها مسبقًا على مدونتي..

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.