القراءة الأنثروبولوجية للنص الأدبي

 

القراءة الأنثروبولوجية للنص الأدبي

ذهب مع المطر (مجموعة قصصية الصديق معوش)

 أحمد محمد زغب

حين يطرح الأديب قضايا من صميم الأنثروبولوجيا ،كمسألة الموت مثلا، هل يطرح وجهة نظره الخاصة أو وجهة نظر الجماعة الشعبية التي يكتب عنها؟ طالما راودني هذا السؤال وأنا اهم بالكتابة عن عمل من الأعمال الأدبية.
فإن كان يعبر عن وجهة نظره الشخصية فكيف نسوغ لأنفسنا الادّعاء بأننا نتناول أنثروبولوجيا المجتمع؟ أما إن كان الأديب يصف المجتمع الذي يكتب عنه، فما الفرق بين عمله وبين أي عمل أثنوغرافي آخر؟
لعل هذا صميم السؤال الذي طرحه الباحثان الفرنسيان Pièrre Gerfaud Jean- وJean paul Tourrel، كيف نتناول العمل الأدبي والموضوع الأنثروبولوجي تحت نفس العنوان؟.
لعل السعي إلى تحقيق نموذج أنثروبولوجي للعمل الأدبي، ينقذنا من المأزق. فهذا النموذج متصور كنظام بنية داخلية للعمل المدروس يكون في مستوى كشف الدارس للطبيعة الأنثروبولوجية للعمل المدروس، الخصائص الثقافية التي اعتمد على مبادئها الكاتب أي ثقافة الكاتب وثقافة مجتمع الكاتب.
تسمح هذه المقاربة للدراس بان يكشف نفسه عضوا داخل الثقافة مشابها او مختلفا عن ثقافة الكاتب، في إطار منهج تركيبي بالاعتماد على مناهج من مختلف المقاربات كالسيمياء والدلالة وغيرهما.(Gerfod et tourrel p10).
وعلى ذلك نشرع في البحث عن العلامات الإشارية، الرئيسية في المجموعة القصصية ، (ذهب مع المطر للصّدّيق معوش) لنحاورها من أجل أن تسمح لنا بصياغة النموذج الرمزي التي ترتضيه الثقافة حسب تصور الأديب. ومن هذا النموذج يتم استنباط الدلالات الظاهرة والمضمرة.
لعل العلامة الأكثر بروزا في المجموعة هي المطر. وردت في عنوان المجموعة، وفي عنواني نصين قصصيين (ذهب مع المطر، يوم للمطر والهذيان) وبدأت إحدى القصص الأخرى بكلمة مطر(ص47)، علاوة على ذكر المطر في مواضع كثيرة من المجموعة ،على الرغم من البيئة الصحراوية لمجتمع القصص.
ولا شك في أن المطر، لفظ مشحون بالدلالات، فهو الماء الذي منه كل شيء حي، ثم إن هذا الماء نازل من السماء، بكل ما تحمل السماء من معاني الرفعة والقداسة.
كما ان الموت يفرض نفسه على المجموعة، في قصتين كان الموت موضوعا رئيسيُّا : أبوك الدايم الله(ص73)، وعشاء الميت(ص95)،بالإضافة إلى كونه هاجسا يفرض نفسه على شخصيات كثير من القصص الأخرى.
الطفولة رمز من الرموز الدالة على المستقبل والطفولة تفرض نفسها في مواضع كثيرة ،كما انها الموضوع الرئيسي لثلاثة قصص على الأقل (نفاطة في المولد ،قبة سيدي عبد الملك وولدي يحى)، لذا لا بد ان نقف عندها عند صياغة النموذج، وأخيرا نجد الجدة بما تشير إليه من تراث وماضي وأصالة مع كل ما يعتور هذا الماضي من نقاط منيرة واخرى مظلمة.
ونشرع في تحليل المستويات التي يمكن أن نصل منها إلى تكوين فكرة عن مجتمع القصص .
المستوى الإثنوغرافي:
مسرح الأحداث، مدينة صحراوية مبانيها من الجبس غالبا، طراز معماري قديم، يتميز بالقباب كطراز تقليدي، ومع ذلك فهناك عمران مدينة؛ شوارع وأسواق ومقاهي ومستشفى ومدارس، ومع ذلك فالفقر يخيم على المواطنين والتكافل الاجتماعي حاضر بحيث لا يبيت الفرد جائعا أو عريانا. كما نجد مظاهر للتشرد في غياب التكافل الاجتماعي.
نجد ملامح واضحة لنمط المعيشة، الكسكس واللحم في الولائم والسلطة، تناول التمر واللبن وأشجار النخيل تنتج التمور في الأرياف المحيطة بالمدينة. ونلمح شرب الشاي والفول السوداني كمظهر من مظاهر الترف .
الجانب الاجتماعي:
نجد ملامح الأسرة الممتدة فالجدة تقيم مع أحفادها في البيت الواحد، والأسرة كثيرة العدد، وتتميز علاقات القرابة بالتواصل فالجدة ترسل حفيدها إلى قريباتها في الطرف الآخر من المدينة، والأخ يساعد شقيقته في إقامة الوليمة(عشاء الميت) لزوجها المتوفى، والعلاقة الطبيعية بين الأبناء والآباء ولاسيما أثناء الأزمات(الحزن الشديد عند الفراق)والمجتمع ينظر إلى الزواج باعتباره قيمة اجتماعية ونفسية فالزواج معلم مؤدب (ص100).أما مصادر العيش فنلمح التجارة والوظيف العمومي بالإضافة إلى الموارد التقليدية كالنخيل والزراعة.
الممارسات الطقوسية:
تطالعنا المجموعة القصصية بعدد من الطقوس الاحتفالية، منها الاحتفال بالمولد النبوي برفع الأصوات بالقصائد والأناشيد الدينية في المساجد، ويعبر الأطفال عن بهجتهم بشراء المفرقعات حتى إن كان بعض الأطفال فقراء لا يمتلكون شراءها مثلما هو السارد في الأقصوصة: (نفاطة في المولد) إنما يصنعون مفرقعات بأيديهم بأدواتهم الخاصة علبة فارغة صمام هواء للعجلة، حجارة الكربون الكبريت…الخ. هذه المفرقعات سواء المصنوعة محليا أو المستوردة تحدث أصواتا مدوية تبعث البهجة في نفوس الأطفال، كما يغتنم الكبار الفرصة لختان أطفالهم بمناسبة المولد النبوي الشريف.
كما تحتفل النسوة بعاشوراء بالتجمع في الليالي وبث أشجانهن غناء ،وتأخذ الفتيات أعذاق النخيل الجافة ويطفن بها بين البيوت ، يربطن الخيوط وينشدن النشيد المتفائل برفع الأوكاس عن الناس.
ومن الطقوس أيضا طقوس الجنازة وهي من طقوس العبور، وهي تشي بالثقافة الرسمية المهيمنة أي : الثقافة الإسلامية، سواء في قراءة القرآن على الميت أم المشاركة الجماعية في مراسيم الدفن أو مواساة أهل الميت، او إطعام الطعام الدسم صدقة على روح الميت اعتقادا منهم ان هذه الصدقة تدعمه حين الوقوف أمام ربه.
كما تقوم الجدة بالصلاة والأذكار والأوراد والأدعية، وهي طقوس دينية رسمية. بالإضافة إلى ذكر المساجد في المدينة فقد ورد أكثر من مرة ان المدينة بها مساجد تؤذن لصلاة الجماعة وتقام الصلاة وتؤدى فيها أوراد الوظيفة والهيلالة…(ص81) ويتصل بها المعوزون لجمع الصدقات (ص49).
المعتقدات:
تبدو بعض المعتقدات الشعبية، مثل الإيمان بحكمة القدامى، والإيمان بكرامات الأولياء الصالحين، من ذلك كرامة الولي الصالح سيدي عبد المالك الذي جيء إليه بكمية قليلة من الطعام دعا إليها أهل القرية كلهم فأكلوا جميعا حتى شبعوا، و بقي الإناء مليئا بالطعام، ولعنة إيذاء الأولياء، وإمكانية أن تحل اللعنة بالشخص فيموت او يتحول إلى امرأة أو إلى كلب. وإمكانية ان تذهب الصدقات عشاء الميت إليه بعد وفاته فينتعش في قبره .
الفنون والآداب:
في القصص ذكر للشعر والأمثال والحكايات الشعبية، فمن الشعر نجد الأراجيز النسوية بمناسبة الختان مثلا: يا لمطهر زوج اولاد. خمسة في عين الحساد
ومن الحكايات وجدنا الجدة هي التي تحكي حكايات الظلام الذي اختطف الرجل وذهب به إلى بلاد الجان فرأى عجبا وتمثلا واضحا للأسطورة الدينية للخضر عليه السلام مع سيدينا موسى عليه السلام المذكورة في القرآن(سورة الكهف).
أما الأمثال الشعبية فنجد بعضا منها مبثوثة في مختلف القصص مما ينبئ عن مجتمع شعبي تقليدي، من ذلك : مقولة التجربة خير من جحش، ومن تدخل فيما لا يعني سمع ما لا يرضيه، وكذلك المدائح الدينية التي تنشد في المساجد بمناسبة المولد النبوي: عطر اللهم قبره الشريف
بعرف شذي من صلاة وتسليم .
اللهم صل وسلم وبارك عليه.
الثقافة النخبوية:
نلمح أن المجموعة القصصية تخرج أحيانا من الثقافة التقليدية إلى الثقافة النخبوية، من التقاليد الموروثة إلى التقاليد الزاحفة من ثقافات مغايرة، ومنها الجلوس لقراءة الجرائد ودواوين الشعر في المقاهي وفي غرف السقيفة أحيانا وهي غرفة في البيت التقليدي جانبية تتخذ عادة لاستقبال الضيوف. والنقاش بين الشباب في شؤون سياسية وقضايا قومية، كقضية فلسطين والاتفاق بين السلطة الفلسطينية والدولة المغتصبة، ورأيهم في ان المقاومة افضل من هذا الاتفاقية المذلة، والخوض في الأدب النخبوي، وربما يعرضون فيما بينهم محاولاتهم الإبداعية، ويعرض كل منهم رأيه في الأدب وفي شؤون مختلفة مثل شعر نزار قباني وفطوى طوقان ومحمود درويش.
المستوى الأثنولوجي:
تبدو الثقافة المهيمنة، هي الثقافة الإسلامية الشعبية بعيدا عن أعين الرسميين من الفقهاء وعلماء الدين. فالناس يمارسون الدين وفق الموروث فيتبركون بالأولياء ويضعون خضاب الحناء في قباب الأولياء للطفل المزمع ختانه والعروس ليلة زفافها، ويطوفون البيوت لتزيين أعذاق النخيل في أيام عاشوراء بالخيوط وقطع القماش ويدعون الله أن يرفع الأوكاس عن الناس، وفي الوقت ذاته يحرصون على الصلوات والأدعية والأوراد، وينشدون المدائح الدينية عبر مكبرات الصوت في المساجد.
ومن الثقافة الشعبية احترام التراث الثقافي التقليدي وتوقير كبار السّنّ في شخص الجدة التي تحيل إلى الماضي التقليدي في صورته الأمية (غير النخبوية) فالأطفال – السارد في قصة رحلة في الظلام – يستمتع بلهجة العجوز التي تعتريها ألفاظ تجاوزها الزمن أو ما سماه السارد بقايا اللهجة القديمة المهددة بالانقراض (ص40).
نلمح الثقافة العصرية تأخذ في الاكتساح، كوجود قاعة للعروض الثقافية، والآلات الحديثة كالسيارات والهاتف والأجهزة المنوعة، والسجائر التي يدخنها الرجال وقوانين الدولة التي تفرض على المجتمع ؛ كذهاب الشبان إلى الخدمة الوطنية، ثم احتلال الكتابة مكانا مرموقا في المجتمع بدل الشفاهية التي كانت السمة البارزة للثقافة التقليدية.
يدخل التحديث حتى على أنماط العمل إذ نجد زراعة جديدة لم يعهدها أهل المنطقة وهي زراعة البطاطا، وطرق حديثة للسقي وهو الرشّ المحوري الذي ينتج رذاذا يعم الأرض المزروعة ممثلا دور المطر.
نستطيع ان نلمح الفرد في مراحل مختلفة من العمر من الطفولة إلى الشباب إلى الكهولة إلى الشيخوخة، وكل الشرائح يحدوها ميل إلى الحياة، لكن تعترضها صعوبات كالخوف من المجهول أو الخوف من الجريمة أو الفقر أو العادات والمعتقدات البالية. فالأطفال مثلا يحبون الحرية والاستمتاع بالألعاب كالكرة والجري فوق اسطح المنازل وفرقعة المفرقعات ومع ذلك نجد الحرية دائما تكتنفها تلك الحواجز، أو الخوف بالنسبة للشباب المتجه للخدمة الوطنية فالتضحية ضرورية لكن الخوف يبقى هاجس الأهل ولاسيما الأبوان، أما الكبار فيطمحون إلى العمل والسكن والعيش الكريم ، لكنهم يصطدمون بتجاهل المسؤولين لاحتياجاتهم، ويفكر المواطن البائس عمار ولد فطيمة في أقصوصة بعنوان الطبقات (ص 75) أنه لو كان خائنا لوطنه أو حركيا إذن لكان يغرف من اليورو ؛ العملة الصعبة، التي أصبح ((القومية)) يعيشون بها سادة بينما هو يستلف ثمن خبز أطفاله. وعلى العموم فمهما كان الفرد في هذا المجتمع فلا بد أنه يعيش على الأمل في تحقيق غاية في نفسه، ومهما كانت هذه الغاية فلا بد من اعتراض عقبات وعوائق لتحول دونها.
المستوى الأنثروبولوجي:
رهبة الإنسان الفطرية من العالم العلوي، ورغبته في كشف المجهول، ووقوفه موقف الحائر من مشكل الموت النهاية الحتمية التي تنتظره، وانسياقه وراء الغامض من الأمور، كانت علامات أنثروبولوجية بارزة في مجموعة الصديق معوش.
لكننا نقف عند الثنائية الضدية، الحياة /الموت، صحيح أن الحياة هي المسرح الذي تتحرك فيه الأحداث، لكن المطر يبدو سمة بارزة لمظهر من مظاهرها، على الرغم من أن المطر قد يكون سببا في الكوارث. لكن إشارات المطر في المجموعة ونحن في منطقة صحراوية قاحلة ،مبشرة بالحياة، فالبدو يعتمدون عليها في معاشهم.
المطر في المجموعة تشير إلى عوامل بؤس وحزن ومعاناة، فهي مزعجة وهي نذير فقدان (ذهب مع المطرص33) وهي أيضا خلفية لبؤس المرأة المشردة في قصة (صورة من الحياة ص47).
وهكذا فبقدر ما كان الموت فجائعيا، كانت الحياة كئيبة، وذلك بسبب هاجس الموت بكل ما يتعلق به (الخوف، الكآبة، الفاقة…..الخ.)الذي يكتنف الحياة. وهكذا نتصور الثنائية الأولى في الصراع بين الموت والحياة والتداخل بينهما:

والإنسان الذي يعيش في هذا الواقع المحفوف بالكآبة والذي تحدق به الموت في كل حين، وهو عاجز على أن يسيطر على هذا الواقع لا يسعه إلا الاستجابة إلى الإحساس الصوفي القوي بالقوى الماورائية، وهذا يجرنا إلى الثنائية الضدية الثانية المقدس /الدنيوي، وهكذا فالحياة في المجموعة القصصية مشحونة بالطقوس. والطقوس كما يراها مرسيا إليادMercia Eliade تفعّل لحظة البدء وتحيّن أفعال الكائنات المقدسة في الزمن البدئي.
والطقوس في نظر إلياد هي إلغاء الزمن الدنيوي والعيش في الزمن الأنطولوجي البدئي فيختفي الدنيوي ويتحد الفرد مع الزمن المقدس الخالد. ولهذا لا يستطيع الإنسان البدائي ان يتحمل التاريخ ،فيلوذ بالتاريخ المقدس أي: الأسطورة، من أجل إلغائه بصفة دورية وإعادته التاريخَ بنفسه عن طريق أسطرته ، فذكرى الحدث الواقعي التاريخي لا يصمد في الذاكرة الشعبية أمدا طويلا ، إنما يتحول إلى حدث أسطوري وتبطل الشخصيات التاريخية وتحوّلها إلى نماذج بدئية (أسطورة العود الأبدي ص19 ومايليها).
تعود بعض هذه الطقوس إلى الثقافة المهيمنة، الصلاة والذكر وقراءة القرآن والدعاء، بينما تعود طقوس أخرى إلى رواسب ثقافية، كالأغاني التي ترفع تعويذات سحرية شعارات لها :
يا لمطهر زوز أولاد خمسة في عين الحساد.
وكالتخلص من الأوكاس بممارسة السحر الاتصالي ،وذلك بإلصاق قطع القماش من ملابسهم القديمة على أعذاق النخيل، ووضع خضاب الحناء في ضريح الولي الصالح وغير ذلك مما يعد طقوسا تعود إلى ثقافات غابرة.
وهذه الطقوس تخفف التوتر الذي يشعر به الإنسان وتعيد إليه توازنه وهو يشعر بالهلع من المجهول ويشعر بالقوى الماورائية المتحكمة في الكون ، ينزل عند رغبتها بواسطة الطقوس التي يعتقد انها قادرة على التأثير على تلك القوى الخفية.
ونلاحظ الفرق الكبير بين الطقوس الموروثة المستمدة من الماضي : طقوس الجدة، وبين طقوس الحرية والانطلاق التي ترنو إلى المستقبل (الأطفال). ونلاحظ في المجموعة أن الأطفال متصلون بالكبار (الجدة) يستمدون منها حكايات الماضي التي تحمل القيم التي يجب أن يتأسس عليها المستقبل، وفي العجائب التي رآها الرجل المختطف كالحكمة من الجراء الذين ينبحون في بطن الكلبة ،فهم الصغار الذين لا ينتظرون دورهم فيسفهون الكبار ولا يحترمونهم ولا يستفيدون من تجاربهم. ومفارقة الحصانين وهي مفارقة تكشف الفقير المتعفف الذي يبدو غنيا والغني الملهوف الذي لا تبدو عليه آثار النعمة في درس وعظي واضح يحث على القناعة وعدم الجحود.
فالعلاقة بين الماضي (الجدة) والمستقبل (الطفل) تكاملية فالحاضر غرس الماضي والمستقبل جني الحاضر، كل ذلك في إطار الثقافة التي تستمد المدد الإلهي لمحاولة التغلب على المعيقات الطبيعية والبشرية.
فالموت ليس النهاية في ثقافة المجتمع ، فهو يتشاكل مع الماضي والمستقبل، فهناك أحداث أخرى تنتظر الإنسان بعد الموت، ومن ثم فالماضي يبقى حيا في أنفسنا، ويعيش فينا وينتقل معنا إلى المستقبل، ولا ينبغي أن نطرحه وراء ظهورنا وننساه، فالتراث يتضمنه الحاضر. والمقدس الذي يحيط بالحياة هو الذي يشرع لهذه العلاقة .
وهكذا يمكن تحديد النموذج بالدارة كما سماها فراس السواح في كتابه دين الإنسان (ص312) التي تجمع بين المستويين: المستوى المحسوس أي العالم الواقعي، بكل مايعج فيه من حياة الإنسان وتفاعله مع الطبيعة، والمستوى القدسي وهو الغيب الذي صدرت عنه هذه الظواهر المحسوسة، والذي يتصل بالكون والإنسان من خلال حالة فعالية هي قوته السارية التي تجمع بين ذينك المستويين.

 

المصدر: شبكة ضياء https://goo.gl/TWiV1c

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.