العلـوم الاجتماعية والفضـاء اإلإلكترونـي: نمـوذج أرنتروبـوس

موقع أرنتروبوس

العلـوم الاجتماعية والفضـاء اإلإلكترونـي: نمـوذج أرنتروبـوس

ملاحظة هامة: هذه المقالة مستلة من التقرير الأول للمرصد العربي للعلوم الاجتماعية الصادر عن المجلس العربي للعلوم الاجتماعية وهو من تأليف الدكتور محمد بامية وتحت إدارة الدكتورة ستناي شامي وفريق المجلس

تبـدو الدوريـات العلميـة العربيـة، بمـا فيهـا مـا رصدنـاه منهـا، قليلـة الاهتمـام بالحضـور الإلكترونـي. ولكننـا نقـع علـى مبـادرات علميـة ُمسـتقلّة تحصـر حضورهـا فـي ذلـك الفضـاء ّ وتُقـدم نفسـها كنمـوذج رائـد فـي توظيفـه لأهـداف علميـة. ففـي بعـض الحـالات، تكون للنشـر الإلكترونـي أهدافـا علميـة إضافيـة، قـد يكـون  أهمهـا المسـاهمة فـي تحديـث التعليـم العالـي فـي العالـم العربـي وجعلـه فـي متنـاول اليـد، وتمكيـن الطـلاب مـن الحصـول بسـهولة علـى كتـب ومقـالات ومصـادر أخـرى تتعلق بمجـال دراسـتهم، وتقديـم شـروح حـول مفاهيـم العلـوم الاجتماعيـة وتاريخهـا ومدارسـها. ولكـن نلمـس ضعفـا فـي مجـال الاسـتثمار الخـلاق هـذا. فعلـى سـبيل المثـال، فإن قواعـد البيانـات المتاحـة للجميـع تُشـكّل أحـد أهـم الابتـكارات الممكنـة والقـادرة علـى َدمقرطـة مجـال العلـم وتحديثـه وتوسـيعه، إلا أنهـا مـا زالـت محـدودة المفاعيـل كظاهـرة ممـا هـو موجـود فـي العالـم العربـي: فالكثيـر ُتيـح ّ منهـا يتعـدى كونـه جـداول للعناويـن أضيف إلـى النصـوص أو للقـارئ الفرصـة للتعـرف حتـى الشـروح، أو يكـون ذا كلفـة ماليـة هائلـة كقاعـدة ’‘معرفـة‘‘ تفـوق إمكانيـات معظـم المكتبـات العربيـة، ناهيـك عـن الفـراد.

فـي المقابـل، نرصـد بدايـاتٍ لنمـاذج واعـدة لمثـل هـذه المواقـع وإن لـم تكـن علـى شـكل قواعـد بيانـات، كموقـع أرنتروبـوس aranthropos.com  مـن الجزائـر والـذي ولـد ّ فـي العـام 2010 كأول موقـع عربـي متخصـص فـي الأنثروبولوجيـا والسوسيوأنثروبولوجيا، وقـد أصبـح هـذا الموقـع معروفـا فـي أوسـاط طـلاب الدراسـات العليـا فـي الأنثروبولوجيـا فـي مختلـف أنحـاء الوطـن العربـي. فـردا علـى سـؤال وجـه إلـى 10 طـلاب أنثروبولوجيـا فـي المعهـد العالـي للدكتـوراه فـي الجامعـة اللبنانيـة عـن مـدى معرفتهـم بالموقـع، جـاءت إجاباتهـم بأنهـم جميعـا متابعـون للموقـع الـذي يمثـل حسـب قولهـم منصـة مرجعيـة معرفيـة إضافيـة فـي مجـال تخصصهـم، ورافـدا لأحـدث المراجـع والمجـلات المتخصصـة، وصلـة وصـل ً ً ـا لمنهجيـة هامـة جـدا ال بمواقـع شـبيهة، وباب بـل جوهريـة.

شـكل موقـع “أرنتروبـوس” إضافـة مهمـة قدمـه الدوريـات العلميـة كونه يشـكل اسـتثناء لمـا هـو معهـود. ومـرد ذلـك إلـى أنـه يتميـز ليـس فقـط بغلبـة الطابـع الأكاديمـي ولكـن أيضـا بنظـرة موسـوعية، وإن كانـت تنحصـر فـي أحـد العلـوم الاجتماعيـة. فهنـا نرصـد حضـورا لاسـتعراض الكتـب العلميـة لا نجـده فـي كبيـر يتناسـق مـع الفهـم الموسـوعي للموقـع الـذي أسسـه الباحـث أي موقـع آخـر، وهـو حضـور مبـروك بـوطقوقـة، بهـدف وضـع مجـال علمـي، وليـس تزويدهـم بأكملـه فـي متنـاول القـراء بتحليـلات لمعضـلاتٍ اجتماعيـة محـددة.

إن رصـدا دقيقـا لهـذا الموقـع، يبـرز ظاهـرة نـادرة مـن الفهـم الموسـوعي، وهـي عرضـه لمحتـوى مجـلات أخـرى ( 26 % ممـا صنفنـاه كعـرض كتـب هـو فـي الواقـع عـرضه لـمجلات) خصوصـا مجلات عربيـة متخصصـة أو ذات طابـع ثقافـي، وبذلـك مقاربتهـا كجـزء مـن منظومـة معرفيـة مترابطـة. وهنـا دليـل علـى امكانيـة الفضـاء الإلكترونـي بالمسـاهمة فـي تشـكيل نـواة لجماعـة علميـة ذات خلفيـة معرفيـة مترابطـة، وإن لـم تكـن جماعـة موجـودة بشـكل مؤسسـاتي تقليـدي. فالموقـع لا يقدم أبحاثا بقدر ما يقدم كونا معرفيا مرتبطً بشـكل سـهل بأكـوان معرفيـة أخـرى. وإذا مـا أضفنـا  إلى هـذا الترابـط المكـون لمجـال علمـي ولنـواة جماعـة علميـة، الخدمـات المفيـدة التـي يقدمها الموقـع، مـن مثـل التنزيـل المجانـي لكتـب ومقالات  ومقـالات وشـرح لمفهـوم أنثروبولوجـي (بمعـدل مفهـوم واحـد كل شـهرين)، تبرز تجربة ثرية تسـتخدم الفضـاء الإلكترونـي بإمكانياتـه المختلفـة التـي تتعـدى كونـها وسـيلة لإعـادة إنتـاج المطبـوع فحسـب.

لتحميل التقرير : http://theacss.org/uploads/WEB-ASSR-Report-Arabic-2015.pdf

رأي واحد حول “العلـوم الاجتماعية والفضـاء اإلإلكترونـي: نمـوذج أرنتروبـوس”

  1. تحية طيبة ..دراسة مستحقة لتقدير هكذا جهد هو هذا الموقع الثري ..في ليبيا أيضا نطالعه بل ونتخذه مرجعا ودليلا بحثيا موثوقا فيه ..تغيب ليبيا عن السؤال والرصد عربيا سابقا ولاحقا ..شكرا للباحث صاحب الموقع ولكم أيضا لهذه البادرة البحثية الهامة.
    فاطمة غندور – استاذة جامعية – كلية الفنون والاعلام – جامعة طرابلس – ليبيا .

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.