الناشر: معهد البحوث والدراسات الإفريقية – جامعة القاهرة
الطبعة: 2004
عدد الصفحات: 466 صفحة
يختص هذا الكتاب بأحد فروع الأنثروبولوجيا وهو “الأنثروبولوجيا الثقافية”، ويحدد مجال اشتغاله على القارة الأفريقية، ولكنه يقدم تمهيدا مفصلا عن هذا العلم وأقسامه ووعلاقته بالتاريخ والآثار والإثنوغرافيا والإثنولوجيا، ومصطلحات الثقافة والحضارة،
إن أي شعب يملك ثقافة خاصة به تساعده على استمرارية وجوده عبر تاريخه الطويل، وتتفق مع ذاته ومع الطبيعة من حوله، وليس بمقدورنا أن ننعت شعباً ما حياً ومستمراً بأنه أقل قيمة أو أكثر بدائية واثقين من أن حكم كهذا هو حكم حقيقي لا وهمي قائم على جهل لطبيعة ما هو مغاير لمفاهيمنا وإرثنا الثقافي، ومن جهة أخرى نتساءل هل استطاعت الأنثروبيولوجيا كعلم إنساني محض تجاوز تلك النظرة المتعالية أحادية الجانب إزاء الشعوب الأخرى، وهل نحن بحاجة إلى هذا العلم، وهل هو أمر ضروري لتفهّم وتفاهم الشعوب؟ إننا نعرّف النوع الإنساني الآن بأنه حيوان ذو ثقافة فقط وهذه الثقافة تكتسب بالتعلم وتتيح للإنسان أن يتلاءم مع بيئته الطبيعية والاجتماعية. فالثقافة بالغة التنوع تتجلى في نظم وأنماط من التفكير مختلفة، إن تطور القدرة على التفاهم والسيطرة على الطبيعة هو النمط الرئيسي للنوع الإنساني، فالثقافة تبدوهنا أكثر من كونها مجرد ظاهرة بيولوجية بل تغدوشاملة لكل عناصر
“إنّ الرجل الأسود إنسان حيّ متفتح الحواس، لا يقبل الوساطة بين الذات والموضوع، لكنّه يقبل كل شيء أنغاما وروائح وإيقاعات وأشكالا وألوانا، إنّه يُحس الأشياء أكثر مما يراها1” يتعرّض الإنسان الإفريقي خاصة العديد من قبائل وسط إفريقيا التي تبدأ من ساحل المحيط الأطلسي على الحدود الجنوبية لنيجيريا إلى قبائل أثيوبيا شرقا – إلى تغييرات جسدية كالختان أواستئصال بعض أعضائه الجسدية أوتشريط جسمه أواستئصال بعض الأسنان أوحتى كلّها وهي في حدّ ذاتها علامة من علامات الصبر والشجاعة إلى جانب دلالاتها الطوطمية.
في ليبيا يتخذ البحث في شؤون الافارقة والقارة الأفريقية منحى آخر غير الذي تعرضه علينا بحوث الاستفراق .
فالبحوث الليبية تسعى جادة إلى طرح بديل عن الاستفراق الذي افرطت فيه اوروبا حتى باتت تقدم لنا قارة سوريالية على الوجه الذي تحبذ به اوروبا ان يرى عليه الناس افريقيا وليس مثلما هي على حقيقتها .
لكن الجهل ينسحب بالتدريج ويتراجع كلما سعيت أنا خطوات نحو الحقيقة ـ ومن هذا المنطلق كان اهتمامي بموجودات القارة أو قل ( انطولوجيا القارة ) بمعنى ادراك المكونات الحضارية لهذه القارة وذلك بتوليد طريقة بحث جديدة تصر في معظم مساراتها على الاصالة .