د.حازم خيري
“القوة المطلقة خطيئة” بروميثيوس
تحكي الأسطورة اليونانية أن الإله بروميثيوس أحب الإنسان كثيرا وأشفق عليه، لِما قُضي عليه من خوف وذل وأمل عقيم، فسرق النار الإلهية، نار المعرفة، ومنحها لبنى الإنسان، فكان عقابه الأبدي أن شده كبير الآلهة، بالأغلال الفولاذية التى لا يمكن تحطيمها، إلى صخرة مرتفعة، ذات نتوءات بارزة، تُطل على ماء المحيط، وأطلق عليه النسور تنهش جلده، وكلما طلع الصباح كساه جلدا جديدا لتطعم به النسور! عذاب أبدى، شاركت المارد المُعذب فيه كل عناصر الطبيعة! بيد أن كبير الآلهة لم يكفه من بروميثيوس كل هذا العذاب الجسدي، فأرسل إليه وفدا من ربات الانتقام يعذبنه! فبروميثيوس، ككل الأبطال، له روح قوية لا تكسرها الآلام الجسدية، ولكن يكسرها أن تُفجع فى الفكرة التى تمثلها!
تلك هى أسطورة بروميثيوس، أوردتها فى صدر المقال، لارتباطها المُلهم بموضوعه، وهو الحضارة الغربية. فالغرب يحلو له دوما أن يرى نفسه بروميثيا، نسبة إلى الإله اليوناني بروميثيوس الذى سرق نار المعرفة من الآلهة ليعطيها إلى البشر! والغرب يحلو له أيضا أن يرى الحضارات الأخرى غير بروميثية!