الثقافة..بين علم الاجتماع والأنثروبولوجيا

د.ناهد رمزي

الثقافة

على الرغم مما يبدو أن هناك عددا كبيرا من علماء الاجتماع يهتمون بدراسة النظم الاجتماعية والبناء الاجتماعي,وان هناك الى جانب ذلك تيارا آخر قويا يجذب اليه عددا كبيرا من العلماء ويوجههم نحو دراسة الثقافة والتعرض لمشكلاتها ومايقابل ذلك في الانثروبولوجيا من انصراف بعض الانثروبولوجيين نحو دراسة النظم الاجتماعية,واتجاه البعض الآخر من علماء الانثروبولوجيا نحو دراسة الثقافة,وانه يمكن القول عموماً ان الاتجاه الثقافي يغلب على الدراسات الانثروبولوجية في أمريكا,بينما تميل الانثروبولوجيا في بريطانيا ميلا شديداً نحو الدراسات البنائية.

إلا أنه مع ذلك قد يكون من التعسف أن نحاول تقسيم العلم والعلماء وحتى العالم الى مناطق محددة ونزعم انه يسود فيها أحد الاتجاهين: الاتجاه البنائي أو الاتجاه الثقافي.

إقرأ المزيدالثقافة..بين علم الاجتماع والأنثروبولوجيا

منهج البحث الأنثروبولوجي : الجزء 3 \ 3

خامسا: طرائق البحث الأنثروبولوجي:
1-طريقة الملاحظة بالمشاركة :

طريقة يعتمد عليها الباحثون الأنثروبولوجيين باعتبارها الطريقة المثلى للحصول على المعلومات والبيانات التي تساعد على فهم الظواهر وتحقيق الفروض التي يضعها هؤلاء لتفسير تلك الظواهر التي يتوفرون على دراستها، وتتلخص عملية الملاحظة بالمشاركة في محاولة الباحث الاشتراك في الأنشطة الاجتماعية المتنوعة التي يقوم بها أعضاء الزمرة الاجتماعية أو الجماعة موضوع الدراسة، بقدر ما تسمح الظروف والتقاليد، فمن خلال المشاركة في مناسبات الزواج والوفاة والميلاد والذهاب إلى السوق والتردد على مجلس كبار السن والزعماء المحليين وزيارة منتديات الشبان ووحدات الإنتاج،يستطيع الباحث الأنثروبولوجي أن يحصل على الكثير من المعلومات الحقيقية عن العلاقات القرابية والاقتصادية والسياسية في المجتمع موضوع الدراسة.(14).

تعتبر الملاحظة بالمشاركة الوسيلة الأساسية في العمل الحقلي, وكثيرا ما يعول عليها الباحث في اختيار البيانات التي يستخلصها بواسطة بعض الوسائل الأخرى، وهي ليست عملية ميسرة بل يمكن أن تتعرض للقصور بتأثير الأفكار المسبقة لدى الباحث, أو اتجاهاته الخاصة بالنسبة لرؤيته للآخرين, أو ميله إلى إضفاء تأويلات متسرعة على كل ما يلاحظ, أو عدم اهتمامه بالربط بين ما يلاحظ وبين السياقات المكانية والزمانية التي يتم في إطارها. ومصطلح الملاحظة بالمشاركة يتضمن فكرتين أقام عليهما بعض الباحثين موقفا ذا طرفين أحدهما يمثل الاندماج في المشاركة والثاني يمثل التركيز على الملاحظة والمهم أن هذا التقابل بين المشاركة الخالصة وبين الملاحظة الخالصة يشابه التقابل بين موقفي الاستغراق والانفصال اللذين يشار إليهما في الدراسة الحقلية الأنثروبولوجية كعملية ضرورية يقوم بها الباحث حتى يتمكن من فهم ما حوله وتسجيل ملاحظاته وتحليلاته عليه بعد ذلك.(15).

إقرأ المزيدمنهج البحث الأنثروبولوجي : الجزء 3 \ 3

منهج البحث الأنثروبولوجي : الجزء 1 / 3

.

مالينوفسكي رائد البحث الأنثروبولوجي الميداني يتحدث مع أحد السكان الأصليين

مقدمة:

لقد كان لتعدد اهتمامات وموضوعات الدراسة والبحث الأنثروبولوجي، تفرع وتعدد أقسام الأنثروبولوجيا، فهناك قسم يهتم بالدراسات الفيزيقية، ومنها ما تعلق بالدراسات الاجتماعية والثقافية، وهناك فرع اهتم بدراسة اللغات، والآداب، واللهجات، وفرع كان موضوع دراسته الشخصية والجوانب النفسية، وظلت الأنثروبولوجيا تتفرع، حتى صارت تتضمن فروع تركز مجال اهتمامها على دراسة شؤون الحياة المعاصرة، كالأنثروبولوجيا الحضرية مثلا.

وانطلاقا مما سبق أصبح من الطبيعي أن يستخدم المتخصصون والباحثون في مجال الأنثروبولوجيا مناهج متعددة، منها ما هو مشترك مع بعض فروع العلوم الإنسانية والاجتماعية، ومنها ما هو خاص بعلم الأنثريولوجي، وكمثال على ذلك انفراد الأنثروبولوجيا الفيزيقية بمنهج القياس الأنثروبولوجي ( الأنثروبومتري)، وقد كان تطور المنهج في الأنثروبولوجيا مصاحبا لتطور الفكر الأنثروبولوجي، وكان تفسير الحقائق الأنثروبولوجية قائم على أساس ترابطها وتداخلها بعضها ببعض، وهذا الذي ميز مناهج البحث الأنثروبولوجي عن مناهج البحث في العلوم الطبيعية، وبعض فروع العلوم الإنسانية والاجتماعية.

إقرأ المزيدمنهج البحث الأنثروبولوجي : الجزء 1 / 3

عرض كتاب : جزائر الأنثربولوجيين الجزء 3/3

الفصل الثاني: النفي والإنكار

لم يكتفي الفرنسيون بتشويه صورة الجزائري فبعد فشل مخططاتهم لتدجين هذا المتوحش، وجعله يتخلى عن هويته و دينه وتقاليده ويبني الحضارة الفرنسية انتقلوا إلى مرحلة أخرى وهي نفي هذا الجزائري وإنكاره فهو لا وجود له، ولا يمكنه التحضير بالطبيعة بل لا يجوز أصلا إلحاقه بالحضارة الفرنسية، إنه عرق دوني سكن هذه الأرض في غفلة من التاريخ ولم يتمكن من إنجاز شيء يذكر في مسيرة الحضارة الإنسانية، إذن فلا وجود لهوية جزائرية ولا شعب جزائري…

وعليه فعلى الفرنسيين أن يبنوا الجزائر الفرنسية لوحدهم ودون أن أي اعتبار للسكان المحليين ومن هنا تم إقامة مجموعة من الاستراتيجيات التي تهدف إلى إقامة المنظومة الحضارية الفرنسية من خلال إجبار الأهالي على الخضوع لنظام الأنديجانا Loi indigène   الذي يعتبر نظاما عنصريا قوامه تجميع الأهالي في مجمعات إدارية وإجبارهم على الخضوع للقضاء الفرنسي الخاص، وقد تم التبرير لذلك من خلال أمرين:

إقرأ المزيدعرض كتاب : جزائر الأنثربولوجيين الجزء 3/3

عرض كتاب : جزائر الأنثروبولوجيين الجزء 2 / 3

الفصل الأول: اكتشافات Découvertes

لقد مثلت الجزائر بالنسبة للفرنسيين الأوائل الذين قدموا سنة 1830، ذلك المجهول، نقطة استفهام كبرى، شعب لا يعرفون عنه شيئا ذا بال.

لكن مع اصطدامهم بحركات المقاومة الشعبية والرفض الشعبي فطن الفرنسيون إلى ضرورة معرفة هذا الشعب ودراسته من أجل ترويضه والسيطرة عليه.

وهنا ظهرت ضرورة استدعاء الأنثربولوجيا وعسكرتها بالطريقة التي تحقق بها هذه الأهداف.

فبعد مرور عقد من الزمن أقدمت الحكومة الفرنسية على إجراء تحريات كبرى من سنة 1844 إلى غاية 1867 نشرت في قرابة 40 مجلدا حول مختلف نواحي الحياة

و من خلال دراسة النصوص الاثنولوجية الفرنسية  يمكننا أن نرصد ثلاث تيارات أنثربولوجية([1]).

إقرأ المزيدعرض كتاب : جزائر الأنثروبولوجيين الجزء 2 / 3