أدب الرحلة والرحّالة في التراث العربي

عالج المستشرقون الأدب الجغرافي العربي بمنهاجٍ تاريخاني, يهتم للمصادر والمعلومات ولتناسل الخرائط وترتيبات الفلك, وصورة الأرض وأقسامها لدى اليونان والفرس والهنود, وماذا أضاف العرب, وكيف طوَّروا. وقد برز في هذا المجال فيستنفلد ودي غويه وكراتشكوفسكي. فيستنفلد نشر “معجم البلدان” لياقوت الحموي, ودي غويه نشر “المكتبة الجغرافية العربية” التي شملت عشرة نصوصٍ جغرافيةٍ شديدة الأهمية, وتنتمي جميعاً الى القرنين الرابع والخامس للهجرة/ العاشر والحادي عشر للميلاد. ثم جاء كراتشكوفسكي ليستند الى نشرات السابقين للنصوص وملاحظاتهم, فيكتب كتابه المهم بعنوان: “تاريخ الأدب الجغرافي العربي”.
وعندما تقدمت الدراسات والمناهج بعد الحرب العالمية الثانية, بدأ الاهتمام بقراءةٍ أُخرى للجغرافيين العرب والمسلمين. كما تصاعد الاهتمام برحلات الرحّالة في البر والبحر, والنصوص التي سجلوها عن أنفسهم, ودلالات تلك النصوص على رؤى الذات والآخَر, وكيف فهم الرحّالة العرب, والبحّارة العرب موقع دار الإسلام في “العالم المعمور” ثم كيف فهموا العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية بين “الممالك” الإسلامية, والممالك الأخرى الدانية والنائية.

الانطباع الذي ساد لدى الدارسين أن الرحالة الأوائل مثل أبي دلف وأبي مِسعرَ وابن فضلان كانوا مبعوثين رسميين, باعتبار ان الرحلة البعيدة كانت تتطلب نفقاتٍ لا يستطيعها المسافر العادي, مهما بلغ حبه للترحل والاطلاع على أحوال الناس والحيوان والنبات والطبيعة. لكن اليعقوبي والمسعودي يحدثاننا عن رحلاتٍ لهما أفادا منها في كتابة كتبهما من دون أن تكون لهما علاقة أو اهتمام بالتواصل مع الدوائر الرسمية. ثم ان التجارة البعيدة المدى تواصلت منذ القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي, وقصص السندباد البحري لا بد من أنها نشأت إبان ازدهار ميناء البصرة, قبل دمار المدينة في ثورة الزنج بعد أواسط القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي. وهذا كله مع التجاهل والتجاوز للرحلة في طلب العلم, والتي بدأت مطلع القرن الثامن الميلادي” وان لم تكن لها الأهداف والشروط التي لرحلات الفضول والاستشكاف والتواصل مع الآخر المختلف ديناً وخَلْقاً وخُلُقاً وتبعيةً سياسية.

إقرأ المزيد

الأيام الدراسية حول علم الموسيقى و الأعراق Ethnomusicologie

الجزائر – اختتمت مساء يوم الاثنين الأيام الدراسية التي ينظمها المركز الوطني لأبحاث ما قبل التاريخ و الأنتروبولوجيا والأبحاث التاريخية (الجزائر العاصمة) يومي 3 و 4 أكتوبر حول موضوع علم الموسيقى و الأعراق  Ethnomusicologie بسلسلة من التوصيات.

و تتمحور هذه التوصيات حول تشكيل فرق متعددة الإختصاصات مهمتها تصميم واستكمال أدوات العمل الميدانية التي من شأنها أن تسمح للمحققين-المسجلين بتحديد من خلال الكتابة و كل وسائل التسجيل الأخرى الأدب الشفهي و الموسيقى و تصميم الرقصات والمهارات المحلية و كل المعارف المحلية التقليدية و غيرها من المهارات المهددة بالزوال

كما تمت التوصية بالإستلهام من بروتوكول علم الموسيقى و الأعراق الذي أعده الباحث مهنى محفوفي لهذا الفن.
و يوصى المشاركون في هذه الأيام بتكوين موظفين مؤهلين من أجل مباشرة واستكمال حتى النهاية المهمة الكبيرة المتمثلة في جمع و تسجيل و جرد التراث الثقافي غير المادي الجزائري. و سيتمحور هذا التكوين الذي سيشرف عليه المركز الوطني لأبحاث ما قبل التاريخ و الأنتروبولوجيا و الأبحاث التاريخية حول شقين من شانهما السماح للمحققين باكتساب المعارف السديدة و المنهجية.

إقرأ المزيد