منهج البحث الأنثروبولوجي : الجزء 3 \ 3

خامسا: طرائق البحث الأنثروبولوجي:
1-طريقة الملاحظة بالمشاركة :

طريقة يعتمد عليها الباحثون الأنثروبولوجيين باعتبارها الطريقة المثلى للحصول على المعلومات والبيانات التي تساعد على فهم الظواهر وتحقيق الفروض التي يضعها هؤلاء لتفسير تلك الظواهر التي يتوفرون على دراستها، وتتلخص عملية الملاحظة بالمشاركة في محاولة الباحث الاشتراك في الأنشطة الاجتماعية المتنوعة التي يقوم بها أعضاء الزمرة الاجتماعية أو الجماعة موضوع الدراسة، بقدر ما تسمح الظروف والتقاليد، فمن خلال المشاركة في مناسبات الزواج والوفاة والميلاد والذهاب إلى السوق والتردد على مجلس كبار السن والزعماء المحليين وزيارة منتديات الشبان ووحدات الإنتاج،يستطيع الباحث الأنثروبولوجي أن يحصل على الكثير من المعلومات الحقيقية عن العلاقات القرابية والاقتصادية والسياسية في المجتمع موضوع الدراسة.(14).

تعتبر الملاحظة بالمشاركة الوسيلة الأساسية في العمل الحقلي, وكثيرا ما يعول عليها الباحث في اختيار البيانات التي يستخلصها بواسطة بعض الوسائل الأخرى، وهي ليست عملية ميسرة بل يمكن أن تتعرض للقصور بتأثير الأفكار المسبقة لدى الباحث, أو اتجاهاته الخاصة بالنسبة لرؤيته للآخرين, أو ميله إلى إضفاء تأويلات متسرعة على كل ما يلاحظ, أو عدم اهتمامه بالربط بين ما يلاحظ وبين السياقات المكانية والزمانية التي يتم في إطارها. ومصطلح الملاحظة بالمشاركة يتضمن فكرتين أقام عليهما بعض الباحثين موقفا ذا طرفين أحدهما يمثل الاندماج في المشاركة والثاني يمثل التركيز على الملاحظة والمهم أن هذا التقابل بين المشاركة الخالصة وبين الملاحظة الخالصة يشابه التقابل بين موقفي الاستغراق والانفصال اللذين يشار إليهما في الدراسة الحقلية الأنثروبولوجية كعملية ضرورية يقوم بها الباحث حتى يتمكن من فهم ما حوله وتسجيل ملاحظاته وتحليلاته عليه بعد ذلك.(15).

إقرأ المزيدمنهج البحث الأنثروبولوجي : الجزء 3 \ 3

منهج البحث الأنثروبولوجي الجزء 2 / 3

5- المـنهج المـقارن :

إن الباحث في المجال الثقافي لا ينبغي له أن يتوقف, عند حدود عملية التحليل, بل لابد من أن يتعدى الدراسة التحليلية للأنماط الثقافية, بإستخدام المنهج المقارن, والفائدة العلمية المتوخاة من تطبيق المنهج المقارن , هي محاولة ربط التحليل الثقافي بعقد المقارنات العلمية بين شتى أشكال التكيف الإنساني التي نشاهدها في مختلف الثقافات والحضارات, فمن خلال المنهج المقارن يمكننا أن نحيط بالظاهرة موضوع الدراسة .

وعلى هذا الأساس كما يذكر أحد الباحثين : ” أن تطبيق المنهج المقارن, يقتضي منا تجنب المقارنات السطحية, والتعرض لجوانب أكثر عمقا لفحص وكشف طبيعة الواقع الثقافي, من خلال عقد المقارنات الجادة والعلمية بين شتى الثقافات, وكثيرا ما يستخدم أصحاب الاتجاه الثقافي مختلف المصطلحات الفنية, مثل: “السمات الثقافية ” , ” المركبات الثقافية ” , “الدائرة الثقافية ” , وذلك للتوصل إلى تحقيق دراسة أوفى وأدق في ميدان المقارنة والتصنيف “.(9).

إقرأ المزيدمنهج البحث الأنثروبولوجي الجزء 2 / 3

منهج البحث الأنثروبولوجي : الجزء 1 / 3

.

مالينوفسكي رائد البحث الأنثروبولوجي الميداني يتحدث مع أحد السكان الأصليين

مقدمة:

لقد كان لتعدد اهتمامات وموضوعات الدراسة والبحث الأنثروبولوجي، تفرع وتعدد أقسام الأنثروبولوجيا، فهناك قسم يهتم بالدراسات الفيزيقية، ومنها ما تعلق بالدراسات الاجتماعية والثقافية، وهناك فرع اهتم بدراسة اللغات، والآداب، واللهجات، وفرع كان موضوع دراسته الشخصية والجوانب النفسية، وظلت الأنثروبولوجيا تتفرع، حتى صارت تتضمن فروع تركز مجال اهتمامها على دراسة شؤون الحياة المعاصرة، كالأنثروبولوجيا الحضرية مثلا.

وانطلاقا مما سبق أصبح من الطبيعي أن يستخدم المتخصصون والباحثون في مجال الأنثروبولوجيا مناهج متعددة، منها ما هو مشترك مع بعض فروع العلوم الإنسانية والاجتماعية، ومنها ما هو خاص بعلم الأنثريولوجي، وكمثال على ذلك انفراد الأنثروبولوجيا الفيزيقية بمنهج القياس الأنثروبولوجي ( الأنثروبومتري)، وقد كان تطور المنهج في الأنثروبولوجيا مصاحبا لتطور الفكر الأنثروبولوجي، وكان تفسير الحقائق الأنثروبولوجية قائم على أساس ترابطها وتداخلها بعضها ببعض، وهذا الذي ميز مناهج البحث الأنثروبولوجي عن مناهج البحث في العلوم الطبيعية، وبعض فروع العلوم الإنسانية والاجتماعية.

إقرأ المزيدمنهج البحث الأنثروبولوجي : الجزء 1 / 3