المفاهيم الأساسية للبنيوية

دراسة: د.يوسف حامد جابر


إن أية فعالية معرفية لا بد أن تستند في تشكيلها وتحديد خصائصها والإطار العام لها إلى أسس تعطي هذه الفعالية سماتها العامة، وتعمل على تجذير محتواها وتعميقه، كما تسهم في تنظيم حركتها وعلاقاتها. والبنيوية باعتبارها منهجاً نقدياً شاملاً، أو لنقل طريقة بحث في مكونات الواقع وكشف علائق هذه المكونات وتفاعلاتها، تطمح لكي تسجل إضافة حقيقية في مضمار المعارف الإنسانية، وهي بذلك، تستند إلى مفاهيم أساسية تحدد طبيعتها ومنطلقاتها، وترسم حركتها ومساراتها.‏

ويمكننا أن نجد ثلاثة مفاهيم أساسية، تشكل في علاقاتها وتفاعلاتها الإطار العام للبنيوية، هي: البنية، النظام، الوظيفة.‏

أولاً: البنية:‏

لم تنل أية ظاهرة معرفية من الاهتمام والدراسة قدر ما ناله مفهوم البنية في القرن الحالي، حيث أصبح هذا المفهوم يحتل مكان الصدارة في مختلف الدراسات الإنسانية الحديثة، سواء كانت هذه الدراسات نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو لغوية أو رياضية وغيرها. وأصبحنا نجد الباحثين العاملين في إطار هذه المفهومات يتحدثون عن بنية نفسية وأخرى رياضية ومنطقية وثالثة لغوية.. الخ.‏

إقرأ المزيدالمفاهيم الأساسية للبنيوية

ستروس : إنني أعيش في عالم لم اعد أنتمي إليه

ترجمة: مدني قصري


لم يكن كلود ليفي شتراوس يرغب في حديثٍ مطول يلخص فكره وحياته المهنية، لكنه شاء بمناسبة “سنة البرازيل في فرنسا” أن يعود بنا إلى علاقته مع “في بلاد غابات الجمر”.

ففي العام 1935 وصل وهو ما يزال استاذا شابا في التاسعة والعشرين من العمر، إلى ساو باولو، ثم توغل في اعماق ماتو غروسو في قلب الاقاليم الهندية التي خطا فيها خطواته الأولى على طريق الأمركة americanism.

هذه الفترة من الدراسة الميدانية التي تابعها حتى العام 1939، هي التي شكلت القاعدة الأساسية للبناء النظري الذي قامت عليه انثروبولوجيته البنيوية.

بعد إقامة طويلة في الولايات المتحدة، اصدر العام 1955 “مدارات حزينة” التي بدأها بجملة ما لبثت ان صارت مشهورة: البرازيل بلد يمثل أهم تجربة في حياتي على الاطلاق بحكم بعده عنا، وبحكم التناقضات ما بين هنا وهناك، وبحكم كونه هو الذي رسم مصير تجربتي المهنية الاساسية.

إقرأ المزيدستروس : إنني أعيش في عالم لم اعد أنتمي إليه

البنيوية في طورها الفرنسي: ليفي شتراوس، لاكان، ألتوسر، فوكو، ديريدا 3\3

الجزء الثالث

ألتوسير فيلسوف البنيوية
ألتوسير فيلسوف البنيوية

2-2-لاكان وإعادة قراءة فرويد قراءة فلسفية‏

كان للهيدغرية والهيغلية نصف الماركسية التي قدّمها كوجيف (سواء أُخذَت منه بصورة مباشرة أو غير مباشرة) تأثيرها الهائل في الفكر الفرنسي في الأربعينيات والخمسينيات. وكان جاك لاكان، الذي التحق بمحاضرات كوجيف، قد أعاد قراءة كامل أعمال فرويد وأعاد التفكير بها على نحوٍ شديد التدقيق، في ضوء مواقف فلسفية مثل هذه، منذ عام 1936. وقد انطوت إعادة القراءة التي قام بها لاكان على الإطاحة بالجوانب الميكانيكية في مذهب فرويد، وعلى وضع مبدأ الواقع الفرويدي تحت طائلة الشك، وأصبح موضوع هذا العلم هو الواقع النفسي وليس الموضوع، وقُصِرَ موضوع البحث في علم النفس على وقائع تتعلق بالرغبة.‏

إقرأ المزيدالبنيوية في طورها الفرنسي: ليفي شتراوس، لاكان، ألتوسر، فوكو، ديريدا 3\3

البنيوية في طورها الفرنسي: ليفي شتراوس، لاكان، ألتوسر، فوكو، ديريدا 1\3

الجزء الأول

البنيوية ستروس لاكان دريدا
حفلة غداء البنيويين للرسام الفرنسي هنري موريس و يظهر فيها ستروس و أصدقاؤه باللباس البدائي في إحدى الغابات

ا

تأليف: ليونارد جاكسون

ترجمة:  ثائر ديب

يبدأ الطور الفرنسي للبنيوية في الأربعينيات مع تكييف ليفي شتراوس أعمال جاكوبسون بحيث تتوافق مع الأنثروبولوجيا، وربما مع تكييف لاكان بعض المصطلحات السوسورية في الخمسينيات بحيث تتوافق مع طبعته الخاصة من التحليل النفسي. وقد بلغ هذا الطور ذروته في أوائل الستينيات وكان آنئذ ضرباً من الجنون الفكري طغى على كلّ المباحث التي أمكنه أن يطالها من التاريخ حتى الرياضيات؛ جنونٌ يصعب إيجازه هنا (أو ربما في أيّ مكان آخر). أمّا العناصر الألسنية في هذا الطور فلم تكن في الغالب أكثر من نثار متفرّق من الرطانة (انظر بياجيه 1968). في حين تمثّل الحدث اللافت بالنسبة للنظرية الأدبية في محاولة التوليف بين النموذج الألسني وفلسفة الذات الإنسانية التي عُرِفَت في فرنسا، حيث تمّ تفسير العقل والمجتمع بوصفهما أثرين لبنىً، ألسنيةٍ في الغالب. كما شهدت هذه الفترة إعادة تصوّر سوسور بوصفه فيلسوفاً. وحوالي عام 1967، كان انهيار المشروع البنيوي، بتأثير لاكان، وديريدا، وغيرهما، وبتأثير الأحداث السياسية، ليعقب هذا المشروع تشكيلة متنوعة من ما بعد البنيويات التي انتشرت في جميع أرجاء أوروبا وأمريكا.‏

إقرأ المزيدالبنيوية في طورها الفرنسي: ليفي شتراوس، لاكان، ألتوسر، فوكو، ديريدا 1\3

نقد ليفي شتراوس للنزعة التاريخية

د. نبيل رشاد سعيد*

تمهيد:
كان لعلم اللغة المعاصر أثر كبير على تصور (كلود ليفي شتراوس)(1) للتاريخ، لا سيما المنهج اللغوي الوصفي عنه (فرديناند دي سوسير)(2) الذي صب اهتمامه على «النسق» أو «البنية» اللغوية، فجعل دراسة اللغة من حيث تاريخها وتطورها أمرا ثانويا، فكان يرى بأن واجب علماء اللغة تأسيس علم ثابت أو قانون للغة، والتخلي عن دراسة قضايا اللغة وتجزئتها لمعرفة تاريخها، بل الصحيح هو دراسة اللغة بصورتها الراهنة.
لقد بذل ليفي شتراوس جهودا كبيرة ليثبت بأن الحوادث التاريخية تدور كلها ضمن النسق أو البناء اللغوي الذي ظل موجودا من ألوف السنين. وإن ما تريده جميع البنيات المناقضة للتاريخية ـ حسب جان بياجيه ـ هو وضع أسس ثابتة تشبه الأسس الرياضية التي لا تخضع للزمنية المتغيرة، وهذه الصفة وجدتها البنيوية(3) في اللغة.
استعان ليفي شتراوس بالمنهج اللغوي لـ (دي سوسير) الذي اعتبر اللغة فوق الواقع والتاريخ، فدرسها من حيث علاقتها بأساسها الاجتماعي. ونظر ليفي شتراوس إلى اللغة من حيث هي نتاج لمجتمعها، ولكنه مضى أبعد مما ذهب إليه دي سوسير، فقد استعان بالقوانين التي تتحدد بها اللغة المنطوقة، ليصل عن طريقها إلى أصل العادات والمعتقدات، بل أنه رأى ان أصل كل الظواهر الثقافية التي يتضمنها المجتمع من إبداع اللغة.

إقرأ المزيدنقد ليفي شتراوس للنزعة التاريخية