مميزات العنف في المدرسة الجزائرية

دراسة ميدانية على عينة من الطلبة

د.أميرة جويدة

جامعة الجزائر

الإشكالية:

لقد عرف المجتمع الجزائري عدة تغيرات وتحولات اجتماعية خاصة خلال ربع القرن الماضي على جميع المؤسسات الاجتماعية منها المؤسسة التعليمية والتربوية بكل أطوارها و مراحلها التعليمية.

فلقد عرف عدد الأطفال المتمدرسين ارتفاعا مستمرا ، و يمكن قياس حدة الازدحام الديمغرافي على قطاع التعليم بالأعداد الهائلة المسجلة في كل سنة ، كذلك بنسبة التمدرس و كذا بعدد السكان في الفئات الصغرى حيث بلغت نسبة الأشخاص في الفئة العمرية 5 – 19 سنة في أول  تعداد للجزائر سنة 1966، %37,5  و في تعداد 1977، %39,4 و %38,4 سنة 1987 (1) ووصلت إلى حوالي 40 % سنة 2001 . وفي مقابل ذلك ارتفعت نسبة التمدرس عند فئة سن  6 – 14 سنة حيث بلغت سنة 1987 80% ( 88% عند الذكور و 72 %عند الإناث). و في سنة 1995. 89%، منه حوالي 92% عند الذكور و86% عند الإناث (2).

و بالرغم من النتائج الأخيرة التي تبين تناقص بسيط في نمو السكان بالجزائر، فإن الضغط الديمغرافي سيواصل تحت وقع القدرة على الإنجاب المتعلقة بدرجات تشكل السن في المجتمع الجزائري، ففي سنة 2005 التحق بالمدرسة حوالي 000 814 تلميذ أي بارتفاع سنوي متوسط قدره 27% و أن تعداد الذين سيدخلون إلى المدرسة سيتطور إلى 10,5 مليون نسمة، أي 30% من مجموع السكان مقابل 26% سنة 1993، و سترتفع نسبة الرسوب المدرسي و انخفاض نسبة النجاح في البكالوريا أي حوالي 000 300 شاب سيطردون من المنظومة التربوية كل عام. (3)

و حسب التقديرات دائما فإن الفئة السكانية ما بين 0 – 19 سنة ستصل إلى 15 مليون نسمة مع حلول عام 2020 أي مساوية بالتقريب لعدد سكان الجزائر في 1975 بينما فئة السكان المتمدرسين 6 – 14 سنة ستنخفض بـ8,9 نقطة ما بين 1990 إلى 2020 حيث ستنتقل من %24,5 إلى %15,6 من مجموع السكان. (1)

فالمنظومة التربوية تواجه صعوبات جمة لامتصاص هذا العدد الهائل من الأطفال و توضح ذلك نسبة الرسوب المدرسي في مرحلة التعليم الأساسي و المقدرة بـ%13,9 من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن نوعية التعليم قد تتعرض إلى تأثيرات كاكتظاظ الأقسام بمعدل 35 تلميذ في القسم الواحد بالمرحلة الأساسية.

و قد يرجع هذا الارتفاع في عدد التلاميذ بالأقسام كذلك إلى تطبيق سياسة تعميم التعليم، التي رسخت ابتداء من سنة 1976 مجانية التعليم و إلزاميته على جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 – 14 سنة.  لهذا ارتفع عدد المتمدرسين بشكل معتبر في الفترة الممتدة بين 1966 – 1987  و خلال هذه الفترة تضاعف عدد المتمدرسين في التعليم الأساسي في الطورين الأول و الثاني بـ33 مرة و عدد التلاميذ انتقل من 1,6 مليون إلى 5,3 مليون تلميذ في حين تضاعف العدد الإجمالي للسكان بـ1,9 مرة فقط. (2)

كما ارتفع عدد تلاميذ الطور الثالث من التعليم الأساسي 13 مرة و التعليم الثانوي بـ40 مرة(3).

أما عن التسرب المدرسي فلقد بلغت نسبة المتسربين سنة 1997 من التعليم الأساسي إلى غاية التعليم العالي 95% يعني ذلك أنه من بين 100 تلميذ التحق بالسنة الأولى أساسي لم  يصل منهم إلى الطور الثالث/السنة السابعة أساسي سوى 87 تلميذ بمعدل تسرب في هذا المستوى قدره 13%    و 40 تلميذ انتقلوا إلى التعليم الثانوي/السنة الأولى ثانوي بمعدل تسرب إجمالي قدره 60%   و %9 منهم فقط نجحوا في شهادة البكالوريا، ويزاولون الدراسات العليا بمعدل تسرب إجمالي قدره %90 ثم أن 5 طلاب فقط يحصلون على شهادة التعليم العالي، أي ما يعادل 95% من عدد المتسربين.(4)

إن بقاء نسبة الرسوب المدرسي و الأمية مرتفعة يؤثر على عملية التنمية و على قدرة الأفراد في الاستفادة من المعرفة في تحسين أوضاعهم و أوضاع أسرتهم.  هذا رغم الاستثمارات المالية الضخمة التي تخصصها الدولة لقطاع التربية التي لم تفي بالغرض المطلوب نتيجة ارتفاع عدد السكان في فئة التمدرس. فالنتائج تبقى أقل من الأهداف المنشودة بسبب سوء الظروف الاجتماعية   و الاقتصادية و كذا المعيشية بصفة عامة للطفل المتمدرس، فهو في الغالب قادم من عائلة كبيرة العدد تعيش تحت وقع الفقر في مسكن ضيق مما ينعكس على مقدار استيعابه و نجاحه المدرسي. أما في المدرسة فإنه لا يمثل شيئا بصفته فردا غارقا في قسم مكتظ بالتلاميذ يلقن من طرف معلم ناقص التكوين، مرهق بثقل البرنامج و كثرة أعداد التلاميذ، و في الشارع الذي يقضي مجمل حاجياته الغير مدرسية يعيد أخذه إليه بعد انتهاء الطور الأساسي الإجباري 6 – 14 سنة، دون أي تأهيل فيذهب حينئذ ليلتحق بـ000 300 شاب مبعدين كل سنة من المدرسة.

هكذا نلاحظ أنه رغم الاستثمارات الديموغرافية الضخمة في مجال التربية تبقى ناقصة لاستقبال الكم الهائل من المتمدرسين، و نشير هنا أن الجزائر كانت متفطنة لهذا المشكل و لعل خير دليل على ذلك هو أن أول قطاع شعر مسؤولوه بضغط المواليد الجدد الكبيرا هو قطاع التربية و التعليم حيث صرح وزير التعليم بمناسبة الدخول المدرسي لسنة 1966 قائلا : ”… يجب أن نحارب هذا المعدل المتزايد عن طريق تنظيم النسل و إلا فإن مشكلة تعليم الجزائريين ستظل بدون حل…“.

ومن كل ما جاء من مشاكل متعلقة بالكم الديمغرافي وغيرها ، تولدت في المدرسة الجزائرية سلوكات غريبة مؤخرا امتازت بالعنف.

ولقد ارتبط مفهوم العنف ضد التلميذ عموما بالتحولات التي طرأت على مفهوم التنمية بعد أن كانت التنمية بداية محصورة بالنمو الاقتصادي وذلك قبل أن ينظر إليها لاحقا انطلاقا من رؤية أقل اقتصادوية بدأت تتشكل منذ عام 1995 من خلال مقولة التنمية البشرية ثم مقولة التنمية المستدامة التي وفقت أو جمعت بين اعتبارات زيادة الإنتاج والإنتاجية وتحقيق العدالة والتمكين الاجتماعي من جهة وبين توسع خبرات الناس ومشاركتهم في مسيرة التنمية وتأمين استدامة العمل الإنمائي من جهة أخرى.

وكما نعلم فالذي يسعى إليه من وراء التعليم هو تنمية القدرات الفكرية والاجتماعية للتلميذ حتى يصبح عظوا فعالا في مجتمعه، فكان الهدف الأساسي لفتح المؤسسات التربوية هو الوصول إلى هذف المبتغى في جو من الأخذ والعطاء، والتنافس والنقاش حتى تصل كل الأسرة التعليمية لإنتاج الفرد الصالح في المستقبل لكن ما نلاحظه في الآونة الأخيرة هذه هو استفحال ظاهرة العنف المدرسي في مؤسستنا التربوية سواء بين التلاميذ أنفسهم أو بين التلاميذ والقائمين عليها من أساتذة ،مراقبين ،نظراء….الخ .

لهذا حولنا في هذه الدراسة التوغل في صفوف طلابنا اللذين يتكونون ليصبحوا أساتذة التعليم الأساسي والثانوي في المستقبل – طلبة السنة الأولى قسم التاريخ والجغرافيا – لانقضاء دراستهم بالأطوار التعليمة ما قبل الجامعة مؤخرا فقط.ذلك لمعرفة ما إذا مورس عليهم عنف أثناء مسارهم الدراسي ومعرفة الجنس، الطور والسن الأكثر تعرضا للعنف في المدرسة الجزائرية. وبهذا قمنا بافتراض الافتراضات التالية:

الذكور أكثرا عرضة للعنف من الإناث في الوسط المدرسي خاصة في الطور الثانوي؟

كلما كان التلميذ منحدر من أسرة مركزها الاجتماعي منخفض زادت نسبة تعرضه للعنف المدرسي بشتى أنواعه؟

كلما كان التلميذ متقدم في السن كلما زاد احتمال تعرضه للعنف في المدرسة؟

وبهذا سوف نحاول التدخل بهذه الورقة البحثية في المحور الأول العنف.

المنهجية المتبعة في الدراسة:

إن ميدان بحثنا هو المدرسة العليا للأساتذة في الآداب و العلوم الإنسانية قسم التاريخ والجغرافيا الكائنة ببلدية بوزريعة ولاية الجزائر. وقد اخترنا لبحثنا عينة انتقيناها من طلبة السنة الأولى المسجلين بهذا القسم المكون من تسعة أفواج اخترنا عشوائيا فوجين من طلبة التعليم الأساسي و فوجين من طلبة التعليم الثانوي .ومثل هذا الميدان فرضه علينا موضوع بحثنا باعتبار هؤلاء الطلبة متخرجين جدد من المدرسة الجزائرية باختلاف أطوارها وهم الذين سيدرسون بها لاحقا.

إذ تماشيا مع الإمكانيات الزمنية لهذه الدراسة ثم استخدام العينة العشوائية بدل الحصر الشامل لمجتمع الدراسة ككل أي استخدام طريقة تصميم صفات الجزء على الكل باستعمال نسبة من العدد الكلي لحالات تتوفر فيهم خاصيات نهتم بها أو وفق متطلبات وأهداف البحث.

وثم بذلك اختيار كما قلنا 4 أفواج من 9 ثم تم توزيع الاستمارات عليهم.أي على كافة طلبة الافواج الأربعة المختارة عشوائيا والبالغ عددهم 120 طالب وطالبة، وقد ضمت الاستمارة عدة أسئلة مغلقة لتسهيل عملية الإجابة على الطالب وعدة أسئلة مفتوحة لإعطاء فرصة كافية لتحدثه حول الموضوع وإعطاء رأيه فيما يخص ظاهرة استفحال العنف في المدرسة الجزائرية وكذلك للوصول إلى أهداف كنا نجهلها في السابق، كما قمنا بإعطاء ترميز مسبق للأسئلة لتسهيل عملية تفريغ البيانات فيما بعد.

وبعد تحديدنا واختيارنا للمجال المكاني و البشري بقي علينا تحديد الفترة الزمنية لإجراء ا لبحث وكانت بالفعل مابين 7 – 18 جانفي2007.

أما عن المنهج المتبع في هذه الدراسة فكان المنهج الإحصائي إذ سعدنا في جمع البيانات وترتيبها وكذا تبويبها في جداول بسيطة ومركبة ثم تحليلها وتفسيرها وهذا وفقا للمعطيات الإحصائية المتحصل عليها من خلال الدراسة الميدانية للموضوع، مما مكننا من الوصول إلى الاستنتاجات في فهم واقع هذه الظاهرة.

نتائج الدراسة:

تبعا للفرضية الأولى التي مفادها أن الذكور أكثرا عرضة للعنف من الإناث في الوسط المدرسي خاصة في الطور الثانوي ثم إنجاز الجداول التالية:

جدول رقم -1- علاقة جنس الطالب بمدى ممارسة العنف عليه في السابق

المجموع لا نعم مدى التعرض

الجنس

% ك % ك % ك
100 32 18.75 6 81.25 26 الذكور
100 88 29.54 26 70.45 62 الإناث
100 120 26.67 32 73.33 88 المجموع

من الجدول أعلاه نلاحظ أن اتجاهه العام يتجه نحو التأكيد بالأغلبية على ممارسة أي نوع من أنواع العنف على الطلبة ولو مرة واحدة في حياتهم الدراسية بنسبة73.33 بالمئة مقابل  26.67بالمئة نفو ذلك.

وعند ربطنا جنس الطالب بهذه الإجابة وجدنا الذكور أكثر تعرضا للعنف عنه عند الإناث بنسبة 81.25 بالمئة مقابل 70.45 بالمئة عند الإناث.إلا أننا وجدنا أن أغلب العنف الممارس عليهم ثم في الطور الأول من التعليم الأساسي وليس في الطور الأخير الثانوي كما ثم افتراضنا حيث صرح من بين 26 ذكر مورس عليه العنف في السابق في المجال المدرسي 12 طالب حدث له ذلك خلال الطور الأول من التعليم الأساسي بنسبة 46.15 بالمئة في المقابل كان الطور الثالث هو الطور الأقل تعرضا للعنف من جهة الطالب حيث وصلت نسبتهم في هذا الطور 23.08 بالمئة فقط ونفس الإجابات كانت عند الطلبات فأغلبيتهن وقع عليهم العنف في الطور الأول بنسبة 37.09 بالمئة مقابل 29.03 بالمئة في الطور الثالث  .كما هو مبين في الجدول الثاني التالي

جدول رقم -2- علاقة جنس الطالب بالطور الذي وقع فيه العنف

المجموع الطور الثالث الطور الثاني الطور الأول الطور

الجنس

% ك % ك % ك % ك
100 26 23.08 6 30.77 2 46.15 12 الذكور
100 62 29.03 18 33.87 21 37.09 23 الإناث
100 88 27.27 24 32.95 29 39.77 35 المجموع

ومن هنا نلاحظ أنه لا توجد علاقة بين جنس الطالب والطور الذي تعرض فيه للعنف فمهما كان جنسه إلا وكان الطور الأول هو الطور الذي يتعرض له بكثرة للعنف ربما كان ذلك لصغر سنه وضعفه.ولمعرفة الطرف الذي مارس عليه العنف خلال مساره الدراسي وقفنا عند هذا الجدول.

جدول رقم -3- علاقة جنس الطالب بالطرف الذي مارس عليه العنف

المجموع الطالب المدير المراقب العام المراقب الأستاذ الطرف

الجنس

% ك % ك % ك % ك % ك % ك
100 26 11.54 3 7.69 2 7.69 2 70.08 19 الذكور
100 62 6.45 4 6.45 5 4.84 3 80.64 50 الإناث
100 88 4.54 4 3.41 3 7.96 7 5.68 5 78.4 69 المجموع

من الجدول نلاحظ أن أغلب الطلبة مهما كان جنسهم صرحوا أن الطرف الذي مارس عليهم العنف هم الأساتذة الذين درسوهم بنسبة78.4 بالمئة، تلتها نسبة من صرح أن الطرف الذي مارس عليهم العنف المراقب العام بنسبة7.96  بالمئة ثم المراقب بنسبة 5.68 بالمئة، فالطالب أو التلميذ بنسبة 4.54 بالمئة وأخر نسبة كانت لمن صرح أن المدير هو الذي مارس عليهم العنف بنسبة3.41 بالمئة.

وعند ربطنا هذا المتغير بمتغير الجنس لاحظنا أنه مهما اختلف جنس التلميذ إلا وكان الطرف الذي مارس عليه العنف في السابق الأستاذ في مختلف الأطوار بنسبة 80.64 بالمئة عند الإناث و70.08 بالمئة عند الذكور .والشيء الملاحظ كذلك هو أن نسبة كبيرة من الذكور صرحوا أن هذا العنف مصدره المدير أي مدير المدرسة بنسبة11.54 بالمئة ،هذه الإجابة لم تتردد إطلاقا عند الإناث، في حين نجد العكس من ذلك حيث صرحن دون الذكور بنسبة 6.45 بالمئة أن الطرف الذي تسبب في العنف التلميذ أو الطالب نفسه.ونشير هنا أن أربعة طلاب صرحوا أنهم تعرضوا أكثر من مرة للعنف خلال مسارهم الدراسي من أطراف متعددة.

وبغية منا معرفة نوع العنف الذي مورس عليهم وقفنا عند هذا الجدول الذي يوضح العلاقة بين جنس الطالب ونوع العنف الممارس عليه.

جدول رقم -4- علاقة جنس الطالب بنوع العنف الممارس عليه

المجموع الاثنين معا الفضي مادي النوع

الجنس

% ك % ك % ك % ك
100 26 7.69 2 57.69 15 34.61 9 الذكور
100 62 11.29 7 61.29 38 27.42 17 الإناث
100 88 10.23 9 60.23 53 29.45 26 المجموع

أغلبية الطلبة المستجوبين صرحوا أن العنف الممارس عليهم كان الفضي أي السب والشتم،الاحتقار والتمييز بين التلاميذ حسب الطبقات الاجتماعية حيث أجابت إحدى الطالبات “اتخذ العنف أشكالا خطيرة باحداث الفرق بين التلاميذ حسب الطبقات الاجتماعية ” حيث وصلت نسبة من تعرضوا لهذا النوع من العنف 60.23 بالمئة  61.29 بالمئة عند الإناث مقابل57.69 عند الذكور.

كما نلاحظ أن العنف المادي و المتمثل في الضرب أو الجرح أخد نسبة معتبرة 29.45 بالمئة أغلبهم ذكور بنسبة 34.61 بالمئة في حين نجد أن أغلب الذين تعرضوا لكلا النوعين من العنف المادي والمعنوي كانوا من الجنس الأنثوي بنسبة 11.29 بالمئة.

كما بينت نتائج هذه الدراسة و التي أقيمت على 120 طالب وطالبة يسكنون في 25 ولاية مختلفة أن الذين تعرضوا بكثرة لظاهرة العنف المدرسي يسكنون ولايات الشرق بنسبة 88.89 بالمئة تليها الذين يسكنون في ولايات الجنوب بنسبة77.78 بالمئة ثم ولايات الغرب بنسبة 72 بالمئة وفي الأخير ولايات الوسط حيث صرح بذلك نسبة 71.43 بالمئة.كما هو مبين في الجدول التالي:

جدول رقم -5- منطقة سكن الطالب بمدى ممارسة العنف عليه في السابق

المجموع لا نعم مدى التعرض

الولاية

% ك % % ك %
100 77 28.57 22 71.43 55 ولايات الوسط
100 25 28 7 72 18 ولايات الغرب
100 9 11.11 1 88.89 8 ولايات الشرق
100 9 22.22 2 77.78 7 ولايات الجنوب
100 120 26.67 32 73.33 88 المجموع

تبعا للفرضية الثانية التي مفادها أن كلما كان التلميذ منحدر من أسرة مركزها الاجتماعي منخفض زادت نسبة تعرضه للعنف المدرسي بشتى أنواعه إنجاز الجداول التالية:

جدول رقم-6-  يبين مهنة الوالد بالطور الذي مورس عليه العنف

المجموع

الطور الثالث الطور الثاني الطور الأول الطور

المهنة

% ك % ك % ك % ك
100 12 8.33 1 41.67 5 50 6 بدون عمل
100 27 25.925 7 29.62 8 44.44 12 مهنة حرة
100

33 30.30 10 30.30 10 45.45 15 عامل بسيط
100 15 46.67 7 40 6 13.33 2 إطار متوسط
100

1 100 1 إطار عالي
100 88 27.27 24 32.95 29 39.77 35 المجموع

من الجدول أعلاه نلاحظ أن اغلب أفراد العينة ينحدرون من أسر ضعيفة من حيث مركزها الاجتماعي

.كما أن ظاهرة العنف الممارس يزداد مع تدني هذا المركز خاصة في الطور الأول من التعليم الأساسي حيث بلغت نسبة من تعرض إلى عنف فيه وآبائهم بدون عمل أي عاطلين عن العمل  50  بالمئة، في حين تنخفض هذه النسبة عند التلاميذ المنحدرين من أسر أين تكون مهنة الوالد عالية حيث وصلت 13.33 بالمئة عند الإطارات المتوسطة وانعدمت عند أبناء الإطارات عليا  ، وفي مقابل ذلك نلاحظ انه في الطور الثالث من التعليم الأساسي 100 بالمئة من أبناء الإطارات العليا تعرضو لعنف مدرسي مهما كان شكله وانخفضة نسبة أبناء  العاطلين عن العمل  في هذا الطور إذ مثلت سوى 8.33 بالمئة

ومنه فنستنتج أنّ لتدني الأوضاع الاجتماعية لبعض التلاميذ يعرضهم للعنف ذلك لأن ّ تكاليف التمدرس باهظة الثمن وأنّ أعوان السلك التعليمي يطالبون التلميذ بتحضير أدوات جديدة كل سنة.وان لم يحضرونها يتعرضون إلى نوع من الشتم .

لذا يعتبر العامل الاقتصادي ذا أهمية بالغة ، لان المقدرة الاقتصادية للأسرة تكون أساسا في تحديد العديد من العوامل الأخرى، المؤثرة على التحصيل المدرسي للتلميذ ،والتي تتحكم في نجاحه أو فشله في الدراسة ، فالأسرة التي لها مستوى اقتصادي ضعيف لا تكون قادرة على توفير احتياجات التلميذ وكذا تعجز عن تحمل عبء اللوازم المدرسية ،وفي مقابل ذلك يجد التلميذ الضعيف القليل البنية نفسه بين المطرقة و السندال ّ،أوليائه لا يستطيعون توفير الأدوات المدرسية له والأستاذ يطالبه بذلك ويؤنبه بكلام جارح أمام زملائه لعدم تحضيرها فيضطر للانسحاب من المدرسة في سن مبكر بصمت نتيجة العنف الرمزي الممارس عليه من طرف الأستاذ وهذا حسب ما جاء على لسان الضحايا المستجوبين.

جدول رقم-7- يبين المستوى التعليمي للوالد بمدى ممارسة العنف على الطالب في السابق

مدى التعرض

المستوى التعليمي

نعم لا المجموع
ك % ك % ك %
أمي 39 92.86 3 7.14 42 100
ابتدائي 26 83.87 5 16.13 31 100
متوسط 13 68.42 6 31.58 19 100
ثانوي 10 52.63 9 47.36 19 100
جامعي 1 10 9 90 10 100
المجموع 88 73.33 32 26.67 120 100

من الجدول أعلاه نلاحظ أن أغلب الطلبة الذين تعرضوا إلى عنف مدرسي المستوى التعليمي لآبائهم منخفض أو منعدم حيث بلغت نسبة من تعرضو لعنف في مرحلة دراستهم الأساسية وآبائهم بدون شهادة أي أميين  92.86 بالمئة أو ذوي المستوى التعليمي الابتدائي 83.87 بالمئة في حين تقل نسبة من تعرضو لظاهرة العنف المدرسي وهم ينحدرون من أب متقدم في التعليم حيث بلغت نسبة من تعرض لعنف ووالده له مستوى تعليمي جامعي 90 بالمئة.

وعليه فيعتبر المحيط الثقافي الذي يعيش فيه التلميذ من بين العوامل التي لها تأثير على حياته الدراسية ،فتوفر مناخ ثقافي خصب في الأسرة والمحيط الذي يحتك به التلميذ يشجعه على النجاح و مواصلة الدراسة بزيادة مستوى التحصيل العلمي لديه ، عكس التلميذ الذي ينشا في أسرة محدودة العلم والثقافة ،أي أن الوالدين أميين فهذا يؤدي إلى انعدام الاهتمام والاعتناء بالأطفال في حياتهم الدراسية لعدم وجود الوعي العلمي للوالدين واهتمامهم بمجالات الحياة اليومية كتوفير العيش أكثر من التعليم بحد ذاته .فالمستوى الثقافي للأسرة خاصة الوالدين له  تأثير مباشرة على الأبناء، فكلما كان هذا المستوى مرتفعا أدى إلى الاهتمام بالأبناء عن طريق توفير الجو الملائم للدراسة، وكذا توفير مستلزماتها مع مراقبة أعمالهم ومتابعة دراستهم داخل البيت والمدرسة وأيضا مساعدتهم في دروسهم والقيام بواجباتهم وتشجيعهم….، وهذا ما يساعد في رفع معنوياتهم الدراسية ويقلّ تسربهم منها.ضف إلى ذلك الفجوة التي نلاحظها في الطفل المنحدر من أسرة متعلمة وأسرة غير متعلمة  من ناحية التمييز والطبقية في مؤسساتنا التعليمية للأسف  مما يولد عنف رمزي ونفسي في نفسية التلميذ ويشعر بنوع من الاضطهاد الاجتماعي وهو في ريع صباه.

ولان سوف نعرج لتحليل الفرضية الثالثة والمتمثلة في تأثير سن الطالب على مدى تعرضه للعنف المدرسي في السابق إحصائيا:

جدول رقم -8- علاقة سن الطالب بمدى ممارسة العنف عليه في السابق

المجموع الطور الثالث الطور الثاني الطور الأول الطور

السن

% ك % ك % ك % ك
100 9 11.11 1 88.89 8 6-9
100 18 16.67 3 83.33 15 9-12
100 22 59.01 13 40.91 9 12-15
100 25 48 12 40 10 12 3 15-18
100 14 85.71 12 14.28 2 18-21
100 88 27.27 24 32.95 29 39.77 35 المجموع

إن اغلب الدين تعرضوا إلى عنف مدرسي في الطور الأول يقل سنهم عن12 سنة بنسبة 85.18 بالمئة فيحين الذين تعرضوا لعنف في مرحلة الثانوي فأغلبهم يزيد سنهم عن 18 سنة .

أما عن علاقة سن التلميذ أثناء وقوع الحدث عليه والطرف المتسبب فيه فنلاحظ أنه مهما اختلف سن التلميذ إلا وكان العنف الواقع عليه مقدم من طرف الأستاذ بنسبة100 بالمئة للذين يتراوح سنهم مابين 12-15 سنة.كما نلاحظ أن التلاميذ صغار السن و الأقل من 9 سنوات ممن تعرضوا لعنف أغلبهم إناث و بالضرب بنسبة 22.22 بالمئة.

كما نجد أن الذين وقع في حقهم عنف وكان سنهم يتراوح مابين 18-21 سنة كان من طرف المراقب أو المراقب العام بنسبة 42.86 بالمئة كما هو مبين في الجدول الموالي:

جدول رقم -9- علاقة سن الطالب بالطرف الذي مارس عليه العنف

المجموع الطالب المدير المراقب العام المراقب الأستاذ الطرف

السن

% ك % ك % ك % ك % ك % ك
100 9 22.22 2 77.78 7 6-9
100 18 5.55 1 5.55 1 5.55 1 83.33 15 9-12
100 22 100 22 12-15
100 25 4 1 8 2 12 3 8 2 68 17 15-18
100 14 21.43 3 21.43 3 57.14 8 18-21
100 88 4.54 4 3.41 3 7.95 7 5.68 5 78.40 69 المجموع

ولمعرفة تأثير سن التلميذ على نوع العنف الذي وقع في حقه نقف عند هذا الجدول الذي يبين لنا أن أغلب الذين تعرضوا لحالة عنف معنوي في السابق تراوح سنهم حينها ب88.89 بالمئة و في سن يفوق عن 18 سنة بنسبة 71.43 بالمئة فيحين الذين تعرضوا لعنف مادي نسبة كبيرة منهم كان سنهم يتراوح مابين 9-15 سنة بنسبة 45 بالمئة كما يبينه لنا الجدول التالي:

جدول رقم -10- علاقة سن الطالب بنوع العنف الممارس عليه

المجموع الاثنين معا الفضي مادي النوع

السن

% ك % ك % ك % ك
100 9 88.89 8 11.11 1 6-9
100 18 55.56 10 44.44 8 9-12
100 22 4.54 1 50 11 45.45 10 12-15
100 25 20 5 58.33 14 24 6 15-18
100 14 21.43 3 71.43 10 7.14 1 18-21
100 88 10.23 9 60.23 53 29.54 26 المجموع

وفي الأخير نذكر أن أغلب الطلبة المستجوبين لما طرحنا عليهم سؤالا فيما يخص رأيهم في المدرسة الجزائرية من ناحية انتشار العنف بها ذكر حوالي 93 طالب بأن الوضعية كارثية بنسبة 77.5 بالمئة وأجاب 16 طالب بأنها لبأس بها بنسبة13.33 بالمئة و 11 طالب من المستجوبين يرون أن الوضعية متوسطة تميل إلى التدهور أن تركت على نفس الحال بنسبة 9.17 بالمئة.

والى هذا ما دهب إليه كل أفراد العينة بنسبة 100بالمئة عندما طرحنا عليهم سؤالا مفاده كيف يمكن القضاء على العنف في المدرسة الجزائرية ؟كانت الإجابة بإصدار قوانين تجبر التلاميذ على احترام الأسرة التعليمية عامة وكذا إصدار قوانين ردعية على القائمين في ميدان التعليم خاصة على الأساتذة الذين يقومون بالتميز  و التفرقة بين تلاميذهم وكذا تكوينهم الجيد.

الخلاصة:

من خلال هذه الدراسة التي أنجزناها، توصلنا إلى أن الأسرة التعليمية عاشت في المدى القريب تغيرات بنائية، نتيجة التغيرات الاجتماعية التي حدثت,  و التي أعطت لها ميزة جديدة من حيث الحجم/ الكم والنوع، إذ أصبحت أكثر حجما عما كانت عليه في السابق و أقل نوعا و انسجاما.  كما مست هذه التحولات بعض القيم و المكنزمات مما أدت إلى انتشار ظاهرة العنف في مؤسستنا التربوية.

و يمكن إيجاز أهم النتائج المتحصل عليها في الآتي :

لقد أتضح لنا من خلال بحثنا أن عددا كبيرا من الطلبة تعرضوا لحالة من حالات العنف خلال مشوارهم الدراسي بنسبة 73.33 بالمئة، و الذكور أكثر تعرضا لذلك بنسبة 81.25 بالمئة ،كما أن هذه الظاهرة تنتشر أكثر في الطور الأول بنسبة 39.77 بالمئة وأن الأساتذة هم المتسببين في ذلك بنسبة 78.4 بالمئة .

كما بينت هذه الدراسة المتواضعة أن العنف المدرسي المنتشر في المدرسة الجزائرية بكثرة هو من النوع المعنوي أو الفضي –شتم سب احتقار تمييز- بنسبة 60.23 بالمئة وهو منتشر بكثرة عند الإناث،هذا من جهة ومن جهة أخرى بينت نتائج هذه الدراسة أن طلبة ولايات الشرق الجزائري هم الأكثر عرضة لهذه الظاهرة بنسبة 88.89 بالمئة في حين ولايات الوسط تقل فيها هذه الظاهرة بنسبة 28.57 بالمئة. ومن ناحية السن الذي كان يبلغه التلميذ حين وقع عليهم العنف فأغلبهم كانوا في سن المراهقة بنسبة 53.41 بالمئة.

و ختاما تبقى هذه النتائج خاصة بعينة بحثنا إذ لا يمكن تعميمها بكل المجتمع الجزائري،      و نرجو أن تكون هناك دراسات تتطرق إلى مثل هذه المواضيع الحساسة.  مع ذلك لا يفوتنا القول بأن نتائج هذا البحث تبقى مؤقتة لا يمكن تعميمها نظرا للمكان و الزمان الذي أجري البحث فيهما .

ومن خلال دراستنا للأسباب التي أدت إلى تعرض التلميذ مبكرا للعنف من خلال المؤسسة التربوية ارتأينا أن نساهم ببعض التوصيات التي نأمل أن تخفف من حدة انتشار هذه الظاهرة من بينها:

•العنف ليس حلاًّ مدرسيا وهناك بعض المعلمين الذين يلجئون أكثر من اللازم إلى هذه السلطة

• ضرورة وجود اتصال بين المدرسة وأولياء التلاميذ لمعرفة قدرات الأبناء ونتائج تحصيلهم المدرسي

•وضع قوانين لتصليح بعض التصرّفات الغير لائقة في المؤسسات التربوية

• يجب تنفيذ حملات إعلامية حول الموضوع لطاقم المدرسي عبر جمعيات أولياء التلاميذ.

المراجع

(1)N.  Dekkar et autres.La démographie algérienne face aux grandes questions de société, CENEAP, FNUAP, Alger, Mai 1999, p.10

(2)  IBID, p 73.

(3) المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي. تقرير حول المنظومة التربوية، الجزائر، أكتوبر 1993، ص 33.

(4)A. Bouisri. Evolution des politiques de population situation économique et démographique en Algérie, in population société et développement en Algérie, acte des journées d’études Alger 7-8/8/1997, CENEAP, FNUAP, Alger, 1998,   p 55.

(5)  المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي. مشروع التقرير الوطني حول التنمية البشرية، 1998،الدورة 13،الجزائر، ماي 1999، ص 59.

(6)  نفس المرجع، ص 60.

(7)  نفس المرجع، ص 64.

5 رأي حول “مميزات العنف في المدرسة الجزائرية”

  1. شكل جديد من العنف المدمر بدأ يظهر في المدارس ، أخذ طابعا عاديا. واستجابة لهذه الظاهرة المقلقة أعربمسؤول في التربية الوطنية على أن “المدرسة لا تنتج العنفولكن هي في ذاتها ضحية عنف”

    وهذا يبدو صحيحا على الأقل من حيث أن المدرسة قد تنتج غالبا العنف كما تبين من خلال أسبوع التوعية عن اللاعنف في المحيط المدرسي والذي أشرفت عليه مديرية التربية لوهران. حيث نظمت نشاطات ومنتديات مفتوحة سمحت لمختلف الأطراف الفاعلة في المدرسة بإبداء آرائهم والتعبير عن موضوع العنف.
    فعلل المدرسة متعددة منها
    اكتظاظ الأقسام ، طول البرامج وتعقدها ، ارتفاع عدد التلاميذ ذوي الصعوبات المدرسية والذين يعانون الفشل المدرسي. أساتذة غير قادرين على تسيير البرامج والتعامل معها بطريقة صحيحة والذين تفنى مجهوداتهم في محاولات للتحكم في نظام القسم ، غياب الحوار بين مختلف الفاعلين في المحيط المدرسي، إلغاء النشاطات الثقافية والرحلات البيداغوجية بسبب الإصلاحات المختلفة.
    فالتلاميذ الذين يعانون من الفشل المدرسي لايجدون مكانة في المحيط المدرسي مما يزيد من قلقهم ، مهمشين من طرف زملائهم ومعلميهم فهم لا يحضون بالاستماع ولايتمتعون بحق التعبير يميلون إلى سلوكات العنف إزاء كل شيء قد يرمز المدرسة كمنفذ وحيد لهم.
    العديد من الاستراتيجيات وضعت في محاولة للتصدي لهذه الانتهاكات.أهمهاتدريب المعلمين والمساعدين التربويين بصورة عاجلة في مجال الإتصال وإدارة الصراعات مما يسمح لهم باكتساب مهارات جديدة وتغيير السلوكات والمواقف أمام الوضعيات الصراعية باعتماد الإستماع ، الحوار مما يسمح بتجنب العنف تسيير قنواته.
    هذه الطريقة الجديدة للتدخل ستسهم حتما على خلق مناخ ثقة وهدوء في المدارس لتشجيع ثقافة السلم وتزويد الطفل بقيم المجتمع التي أصبحت الأسرة والمجتمع عاجزين عن توصيلها وتلقينها

  2. شكرا للأستاذ جمال رواني على هذه المداخلة المركزة المدعمة بالبراهين و الطرح الرصين و التحليل العميق لظاهرة العنف في الوسط المدرسي و عملية البحث عن الحلول من خلال استراتيجية الحوار.
    للعلم فالأستاذ جمال رواني يرأس حمعية “معا ضد العنف” Ensemble, pour la non-violence ; و للإستزادة يمكن زيارة موقع الحمعية على الرابط التالي :
    http://www.nonviolence.fr.gd

  3. Conférence de recherche du Comité de Citoyens contre la violence en milieu scolaire

    Les 28 et 29 mai 2010, le comité de citoyens travaillant sur le problème de la violence en milieu scolaire a réuni durant deux jours des enseignants, parents d’élèves, psychologues scolaires, conseillers d’orientation et représentants de la société civile pour réfléchir et travailler ensemble sur cette thématique et générer de nouvelles idées et plans d’action pour le futur
    http://www.4shared.com/document/RasVKAkJ/capitalisation_CRF_CECI_lila.html

التعليقات مغلقة.