كتاب ديناميكيّة اللعب في الحضارات والثقافات الإنسانيّة

dynamic-g

لتحميل الكتاب أنقر فوق صورة الغلاف أو أنقر هنا

إذا واجهت مشكلة في تحميل الكتاب أنقر هنا

الكتاب :ديناميكيّة اللعب في الحضارات والثقافات الإنسانيّة
المؤلف :يوهان هوتسينغا
ترجمة :صديق جوهر
الناشر :مشروع كلمة
الطبعة: الأولى, 2012
عدد الصفحات :570

 يُعدّ كتاب «ديناميكية اللعب في الحضارات والثقافات الإنسانية» لمؤلفة الهولندي يوهان هوتسينغا علامة بارزة في تاريخ الدراسات الثقافية الأوروبية المعاصرة، والدراسة الأولى التي تتناول نظرية اللعب وعلاقتها بالثقافة الإنسانية والتطور الحضاري على مر العصور.
يقف هذا الكتاب، الصادر ضمن مشروع «كلمة» للترجمة والذي نقله إلى العربية د. صديق جوهر، من الناحية الفكرية موقفاً علمياً وفلسفياً خاصاً يتمثل في افتراض أن اللعب هو الأساس التناقضي والصراعي للحضارة، وأنه الأقدم عهداً والأعمق أصلاً من الحضارة ذاتها. إذ انتشرت بعض الأقوال المأثورة و«الموتيفات» المنطقية إبان العصور القديمة وخلال عصر النهضة وفي مسرحيات وليام شكسبير ومنها «الديناميكية الجدلية» المعروفة التي تؤكد أن الممثل على خشبة المسرح يُعد تجسيداً ليس للإنسان فحسب، إنما يصور بشكل مكثف الحياة البشرية على أنها مسرحية يلعب فيها الإنسان أدواراً شتى، فهو في حقيقة الأمر يعيش في حالة من اللعب.
اتخذت هذه المفارقة الخاصة بالعلاقة التي تربط الإنسان باللعب أبعاداً تاريخية إيجابية في الدراسات التي قام بها يوهان هوتسينغا مؤلف كتاب «ديناميكية اللعب في الحضارات والثقافات الإنسانية»، ويرى هوتسينغا أن اللعب أو القيام بالأدوار الحقيقية على مسرح الحياة من ركائز الحضارة. وتأثر هوتسينغا في هذا الرأي بعلمي الأخلاق والفلسفة الأفلاطونية المحدثة. ورغم إلمامه بعلم فقه اللغات الإندوأوروبية وتأثره بدراسة لغة المندرين وهي لغة البلاط الصيني القديم، إلاّ أن مقاربة هوتسينغا لموضوع اللعب كانت تعتمد على علم اللغويات، فالعديد من اللغات تتشابك وتتداخل وتتشابه في تعريف اللعب على أنه مجموعة من المباريات أو المنافسات أو الحوادث ذات الطابع الطقسيّ.
استطلع هوتسينغا مدى تأثير العناصر الخاصة بالمسابقات الرياضية في نشوء الحضارات القديمة وتطوّرها، إذ تأثر في هذه المقاربة بآراء الفيلسوف الألماني نيتشه الواردة في كتابه «ميلاد التراجيديا»، بالإضافة إلى الدراسات الرائدة التي قام بها المفكر الفرنسي مارسيل غرانيه عن الحضارة الصينية القديمة. اكتشف هوتسينغا أن تطور المجتمعات القديمة في مختلف المجالات الفنية والعسكرية والاقتصادية كان يعتمد على اللعب والتنافس في المسابقات الرياضية المنظمة.
يرى المؤلف الهولندي أن هذه الألعاب الرياضية رغم أنها كانت تؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج مأسوية مدمرة، إلاّ أنها كانت ترتكز في مجملها على التنافس عن طريق اللعب. ويتناول بالمناقشة والبحث الممارسات الغريبة والطقوس الشاذة التي كانت القبائل القديمة والشعوب البدائية تمارسها أثناء الاحتفالات والمناسبات.
كما يرى هوتسينغا أن أبشع وأقذر مشاهد الخراب تُعدّ جزءاً من الحضارة الانسانية عندما تكون في إطار الطقوس الاجتماعية وفي سياق القوانين والقواعد المتفق عليها في مجتمع ما. ويبدو أن الحضارة تتطور عن طريق لعبة الصراع، طالما أن هناك قواعد يخضع لها الجميع أثناء اللعب، وطالما أن الصراع يتم في حدود معروفة لا يتخطّاها أحد.
تكمن المفارقة بحسب وجهة نظر هوتسينغا في طبيعة الشبه بين اللعب والصراعات الحربية. على سبيل المثال، أدّت المذابح المتبادلة بين الخصوم أثناء المواجهات في الحروب الأوروبية التي دارت في العهد الإقطاعي وإبان الصراعات العسكرية التي دارت بين الجيوش النظامية القديمة كما حدث في معركة فونتنوي (1745) – بين الجيش الفرنسي والتحالف العسكري البريطاني / الهولندي – إلى تدمير قواعد اللعب بين الجانبين. وفي مباريات المبارزة في العصور الوسطى أو مبارزات الساموراي تتضاءل الفوارق بين الحقيقة واللعب. ويشير هوتسينغا إلى أن العلاقة بين اللعب والحرب ظلت قائمة منذ الأزل حتى تلاشت مع نشوب الحرب الأهلية الأميركية التي يعتبرها المؤرخون تجسيداً أولياً لفكرة الحرب الشاملة.
يتكوّن الكتاب من اثني عشر فصلاً، فضلاً عن افتتاحية ومقدمة نقدية بقلم الناقد الكبير جورج شتاينر وتوطئة المؤلف. وعلى امتداد فصول الكتاب أعمل المؤلف عديداً من مناهج البحث والتحليل وأدواتهما التي تتراوح بين طرائق التحليل الأنثربولوجي والتحليل الإيتمولوجي، إلى ديناميات التحليل الاجتماعي والثقافي والتاريخي، موظفاً هذه المناهج والآليات في خدمة فكرته المحورية. كما يؤكد الباحث منذ بداية الكتاب إلي نهايته أن عامل اللعب كان حاضراً وفاعلاً علي الدوام خلال مسيرة الحضارة والثقافة، وأنه علة ظهور الكثير من الأشكال والقوالب الرئيسية في الحياة الاجتماعية، إذ أن شهوة التنافس الكامنة في اللعب كحافز اجتماعي هي أقدم من الحضارات والثقافات الإنسانية.
بحسب تحليل هوتسينغا لديناميكية اللعب، فإن الحضارة لم تخرج من عباءة اللعب كما يخرج الوليد من رحم أمه، لكن الحضارة ذاتها نشأت باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من اللعب واستمرت هكذا إلى يومنا هذا. كانت العادات الثقافية في العصور الوسطى والتقاليد التي أفرزت فن العمارة الباروكي في القرن السابع عشر وفن الزخرفة الركوكي أو «الروكوكو» في القرن الثامن عشر مفعمة بعنصر اللعب.
أثناء هذه العهود السعيدة كان التطوّر الاجتماعي من الأمور التي تستلزم احتفاليات ومهرجانات دائمة. وظلّت فكرة اللعب تراود البشر حتى إبان القرن الثامن عشر في ظل انتشار الفنون والعلوم السياسية وظهور الأزياء والملابس الرسمية، وكان هناك تناغم بين كل هذه الأشياء والطبيعة المحيطة.
أما في القرن التاسع عشر ففسدت الحضارة بعدما ارتدت أوروبا بأسرها «حُلة المرجل»، أو بمعنى آخر بعدما دخلت الثورة الصناعية أوروبا. وهكذا أصبحت المعطيات العلمية والطموحات التعليمية والوعي الاجتماعي من المكوّنات الرئيسية للحضارة.
ولد يوهان هوتسينغا مؤلف الكتاب في مدينة غرونينغين، هولندا، عام 1872 وتلقى تعليمه الجامعي في الجامعة التي تحمل اسم المدينة، مسقط رأسه، حيث كان والده ـ الأستاذ الجامعي المتخصص في علم النفس ـ يعمل في كلية الطب في الجامعة ذاتها. كما درس هوتسينغا اللغويات المقارنة (الهندية والجرمانية) لفترة محدّدة في جامعة لايبزغ في ولاية ساكسونية الألمانية قبل نيله درجة الدكتوراة عام 1897 من جامعة غرونينغين، ثم درّس التاريخ لمدة قصيرة في المدرسة الثانوية في مدينة هآرلم ـ التي يُطلق عليها اسم مدينة الزهور ـ عاصمة مقاطعة شمال هولندا. بعد ذلك تقلد هوتسينغا منصب أستاذ التاريخ الهندي في جامعة أمستردام، وأضحى أستاذاً للتاريخ في جامعة غرونينغين بين عامي 1905 و1915. وأخيراً أصبح أستاذاً للتاريخ العام في جامعة لندن – في بريطانيا. ورغم أن باكورة مؤلفات هوتسينغا كانت تتعلق بتاريخ الشعوب الهندية وثقافاتها، إلا أن كتابه المشهور «خريف العصور الوسطى» الذي تناول مرحلة العصور الوسطى في أوروبا جذب أنظار النقاد والمؤرخين الأوروبين إليه، بالإضافة إلى كتابه الذي تناول السيرة الذاتية للفيلسوف الروتردامي دسيدريوس إراسموس. وبين أعماله المعروفة «في ظل أشباح الغد» و»شروط استرجاع الحضارة» و»عالم مستباح». إلا أن كتابه الموسوعي «ديناميكية اللعب في الحضارات والثقافات الإنسانية» يُعتبر علامة بارزة في تاريخ الدراسات الثقافية الأوروبية المعاصرة، وهي الدراسة الأولى التي تتناول نظرية اللعب وعلاقتها بالثقافة الإنسانية والتطوّر الحضاري على مرّ العصور.
مترجم الكتاب الدكتور صديق محمد جوهر يحمل درجتي الماجستير والدكتوراه في الأدب الإنكليزي والنقد من جامعة إنديانا في الولايات المتحدة الأميركية. تولى تدريس مادة الترجمة في بعض الجامعات العربية، له العديد من الأعمال والكتب المترجمة من اللغتين الإنكليزية والعربية في مختلف المجالات. عمل مترجماً فورياً وتحريرياً لدى بعض الجهات الحكومية في العالم العربي.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.