عرض كتاب : جزائر الأنثروبولوجيين الجزء 2 / 3

الفصل الأول: اكتشافات Découvertes

لقد مثلت الجزائر بالنسبة للفرنسيين الأوائل الذين قدموا سنة 1830، ذلك المجهول، نقطة استفهام كبرى، شعب لا يعرفون عنه شيئا ذا بال.

لكن مع اصطدامهم بحركات المقاومة الشعبية والرفض الشعبي فطن الفرنسيون إلى ضرورة معرفة هذا الشعب ودراسته من أجل ترويضه والسيطرة عليه.

وهنا ظهرت ضرورة استدعاء الأنثربولوجيا وعسكرتها بالطريقة التي تحقق بها هذه الأهداف.

فبعد مرور عقد من الزمن أقدمت الحكومة الفرنسية على إجراء تحريات كبرى من سنة 1844 إلى غاية 1867 نشرت في قرابة 40 مجلدا حول مختلف نواحي الحياة

و من خلال دراسة النصوص الاثنولوجية الفرنسية  يمكننا أن نرصد ثلاث تيارات أنثربولوجية([1]).

1- تيار العسكريين: وهم أول من اضطلع بمهمة دراسة ذلك الجزائري الآخر العدو، وبحكم وطنيتهم وتتميز مذكراتهم ودراساتهم بالكره العميق لكل ما جزائري ونشر الأوهام والأكاذيب فالعربي هو ذلك المتوحش الهمجي الخبيث المنافق الكسول، المتعطش للدماء وقطع الرؤوس، السارق الناهب، قاطع الطريق وقائمة الأوصاف الدنيئة لا يمكن حصرها هنا.

من أبرز ممثلي هذا التيار   Alexis toqueville  و Paul Raynal  و Pelissier  و Carette  و De Neuveu

2- تيار الرحالة و الهواة و الإداريين: وظهر بعد ظهور الإدارة المدنية وخاصة “المكاتب العربية” و مجيء المستكشفين و الفضوليين و الهواة و الصحفيين ظهرت كتابات اتسمت باالغرائبية و الفلكلورية و السطحية أيضا

وتركزت دراساتهم على الجزائر الداخلية من خلال دراسة القبائل والزوايا والمرابطين والبدو الرحل، والدواوير وتم التركيز خاصة على الجانب الديني(الزوايا و المرابطين) من أجل تدجينه وتحريره لخدمة المستعمر وفن رواد هذا التيار النقيب فييو و Auguste pomele  

3- تيار الأكاديميين الكولون: وقد ظهر بعد مجيء المعمرين ومحاولتهم السيطرة على موارد الجزائر وخاصة الأراضي وقد حاولوا التأكيد على فرنسة الجزائر وإثارة الفكرة القبائلية ومن رواد هذا التيار إميل ماسكري (أستاذ بجامعة الجزائر) و  M. Fabar  و M. Dumas

وعموما فقد كان استكشاف ذلك الجزائري مليئا بالمغالطات والكذب والخداع، و الرمي بشتى الصفات القبيحة من توحش و بربرية و هذا ما يتبين لنا من خلال بعض المقتطفات من كتابات تلك الفترة.

يقول Paul Raynalفي كتابه L’expédition d’Alger

«لا شيء يساوي قبح الجزائر، ولا شيء يضاهي بها، ها أيضا الجو هنا لطيف والأرض خلابة ولا تنقصها إلا الحضارة، خاصة لدى البدو الرحل الذين يبدون وكأنهم بشر متوحش، يقطعون الرؤوس بشغف كبير… يتفننون في تعذيب الأسير يقطعون يديه، ثم أذنيه، ويوشمونه بالدم على العنق ثم يجتثون أنفه ولا يقطعون رأسه إلا عندما يقارب لفظ أنفاسه».[2]

ويقول Flabarو Dumas في كتابهما La Grande Kabylie الصادر سنة 1847    «يتميز العربي بكرهه للعمل فهو كسول، ولا يهتم طوال المهنة سوى بإشباع رغباته، وهو كسول جسميا حتى أن الخمول يكاد يسري على وقع دقات قلبه، وهو كذاب ومراوغ ومنافق».

«المرأة العادية عند العرب عموما قذرة، لا تأكل رفقة زوجها ولا بحضور الضيوف»([3]).

وفي إطار النزعة البربرية وطرح مشروع التكامل الفرنسي القبائلي تراهم يمجدون القبائلي على حساب العربي ويركزون على نقاط الخلاف بين العربي و القبائلي «لا يلتقي العرب والقبائل إلا على محور واحد وهو الكره، فالقبائلي يكره العربي والعربي يكره القبائلي، وهذا المقت المتأجج لا يمكن وصف تفسيره إلا بشعور تقليدي توارثته الأجيال كره بين عرق الغزاة (العرب) والعرق المقهور (البربر).

ولقد كان القبائل قبل مجيء العرب مسيحيين ولم يتقبلوا الإسلام طواعية لكنهم تقبلوا القرآن تحت وطأة السيف فهم مغلفون من الخارج بالعقيدة والبرنوس أما بالداخل فيحتفظون بالمضمون القديم»[4].

…….. يتبع


[1] –  أنظر ص 9

[2] – أنظر ص :101 نقلا عن Paul Raynal  من كتابه L’expedition d’Alger

[3] – أنظر الصفحات 113 إلى غاية 118  مقارنة تمييزية بين القبائلي و العربي قام بها M.dumas  و M. Fabar  في كتاب La grande Kabylie

[4] – أنظر ص 116

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.