دور النساء في مجتمع الاندمان

The Andamanese

The role of women

by. George Weber

ترجمة:  طريف سردست

Andamanese

من المثير ان مجتمع الاندمان لايمكن وصفه بالمجتمع الامومي على الرغم من انه، على الاغلب، المجتمع المنحدر مباشرة من اقدم هجرة بشرية الى آسيا. وبملاحقة اثار الماضي في هذا المجتمع نرى ان النساء في هذا المجتمع على الدوام كانوا يملكون نفوذاً قوي وفقط الزعيم الغبي قادر على تجاهل أرآهم. وعلى الرغم من نفوذهم الا انهم اقل من الرجل في السلم الاجتماعي. غير انه بالمقارنة مع وضع المرأة في المناطق الاسيوية المحيطة بهم فيمنطقة خليج بنغلاديش، نرى ان المرأة هناك في وضع مخزي، مما يكفي لرؤية الفرق الكبير بينهن، حيث ان الجماعة المنعزلة حافظت الى حد كبير على المساواة القديمة بين الجنسين. وعلى كل حال، ففي النهاية كان من واجب المرأة ان تحمل اثقل الاحمال عند الانتقال الى مكان جديد حتى تكون ايد الرجال حرة ومستعدة إذا صادف طريقهم صيدة مفاجأة. هذا الامر ادى هو الذي خلق امتيازات اجتماعية للذكور على الانثى ومع الاجيال اصبحت امتيازات ” طبيعية”. غير انه يرينا الميكانيزم الذي يجعل تقسيم العمل يؤدي الى امتيازات اجتماعية متزايدة تنمو وتتعزز لصالح الذكور (بفضل طبيعة الذكور)، وهو الذي نرى نتائجه في المجتمعات القارية البطرياركية.

نحن نسمع اصوات الرجال عالية عن كيف يجب ان تكون الزوجة ولكن، للاسف، ليس لدينا الكثير من الاصوات النسائية التي تصف وظيفة الرجل وماذا تنتظر المرأة منه. عام 1867 وثق البريطانيين رأي امرأة من الاندامان بإسم مارياراتي تصف به وظيفة الرجل، بعد ان اصبحت ارملة فتقول: “الزوجة مساعدة كبيرة لرجل الاندمان، حيث تقدم له السكن وتنسج الحصر وتطهي له الطعام وتاتي بالخشب لوقد النار وتجلب الماء وتلتقط الجمبري وتحمل له اغراضه وتحلق له شعره وترعاه في مرضه. ووظيفة الرجل حماية زوجته وصنع الزوارق وصيد الخنازير وصيد السمك. الان اصبح الابن هو الذي سيرعى مارياراتي”.

ايضا يمكن النظر الى كتابات البريطانيين عن رفض الرجال السكن الثابت للقيام بمهمات الزرع او تقديم الخدمات، ولاحظوا ان النساء متعودات اكثر على القيام بالمهمات الخدمية. ولكن حتى النساء لن يرضوا بصنع سقوف البيوت او خياطة الملابس للبريطانيين. عندما كان البريطانيون يأتون بالرجال للقيام بالخدمات كانوا يختفون بسرعة في مجاهل الغابات عند اول فرصة متاحة، في حين كانت النساء يبقين فترة اطول قليلا.

مجتمع الاندامان التقليدي ( ولحد الان في مجتمع جاراوه وسينتنيلي) يعرف فقط نوعا واحدا من الادوار الاجتماعية هو دور: الرجل والمرأة. تقسيم العمل بين الجنسين كان واضحا: الرجال يطاردون والنساء يجمعون. بناء البيوت كان يساهم فيه الطرفين في حين ان كل طرف كان مُلزما ان يقوم بصنع ادواته الخاصة. الرجل يقوم بطهي الطعام في الاحتفالات الكبيرة في حين تقوم المرأة بطهي الطعام اليومي. والحطب قامت النساء وحدهن بجمعه. كل ذلك يقدم مؤشرات كافية الى ان طبيعة الحياة هي التي فرضت طبيعة المهمات التي توزعت بين الرجل والمراة، وان تطور التهديدات المحيقة بالمجتمع البدائي هي التي تؤدي الى ترسيخ اهمية الرجل وزيادة سلطته كما نرى في المجتمعات الاكثر تعقيدا.

خارج المهمات اليومية كانت النساء يلعبن دورا هاما في جميع عمليات السلام. بعد عام 1858 لم يطل الامر بالبريطانيين ليفهموا ان إستقبال جموعهم من قبل مجموعة من رجال فقط على الاغلب فخ منصوب في حين ان وجود النساء بين مجموعة الاستقبال هو الذي يعني الترحيب.

الحرب كانت وظيفة الرجال في حين ان انتاج السلام كان من وظيفة النساء. النزاعات الداخلية لايمكن انهاءها الا بتتدخل المرأة ، إذ ان الرجال لايطلبون السلام حتى لو كانوا على شفا الموت. عندما تصل اللحظة التي تضج فيها النساء بلعب الرجال ملاعيب الحرب الصبيانية يجتمعون وينطلقون الى نساء معسكر العدو لرؤية فيما إذا كانوا هن ايضا قد ضاجوا واصبحوا راغبين في انهاء اللعبة بدون خاسر ومنتصر. الحرب لدى الاندامان تحتاج الى فصل خاص بها، وبالاختصار يمكن القول ان هدف المعركة هو قتل اكبر عدد من محاربيي الاعداء. غير انه لايجوز على الاطلاق التعرض للنساء والاطفال بأي شكل كان، غير انه حدث انهم تعرضوا للموت عن طريق الصدفة.

حفلة السلام تقيمها النساء وتجري في القرية التي قامت بالهجوم الاخير. في هذه القرية يجري تحضير مكان الرقص حسب طقوس دقيقة حيث وتحيطها مايسمى koro-tsop, وعبارة عن خط مستقيم من قصب السكر وعلى اعلاها تربط متدلية اوراق النخل. النساء يقومون بمراقبة الطريق في انتظار القادمين، وعندما يرونهم قريبين تجلس النساء على احد اطراف الساحة. في حين يجلس الرجال امام القصب المزين. كل رجل منهم يكون ظهره في إتجاه koro-tsop وايديه مرتخية من جانبه والى الامام وليس مسلح.

الزوار الذي وصلوا يبدؤن رقص عادي، والنساء يضربون افخاذهن كعلامة على بدء وانتهاء الرقصات. وعلى الرغم من ان الزوار جاءوا مع اسلحتهم الا ان الرقص يكون بدون سلاح. صفوف الراقصين المنتظمة تتجه الى الجالسين ثم تعود الى الوراء، وينتظر ان يكون الرقص تهديدي ويثير الخوف لدى الجالسين الذي ينتظر منهم ان يبقون بدون حراك. بعد انتهاء الرقص يقوم كل رجل من الراقصين بهز اكتاف الاخر من الامام، وعند الانتهاء من بعضهم يقومون بالعملية على رجال اهل البيت ولكن من الخلف. بعد ذلك يجلس الرجال فتتقدم النساء الزائرات وتقوم بنفس الرقص الذي سبقهن اليه الرجال. وفي النهاية يقوموا ايضا بهز اكتاف بعضهن واكتاف الرجال الجالسين. فقط عندها يجلس الجميع ويبدؤون بالبكاء. الطرفين يبقون ضيوف عند بعضهم لبضعة ايام ويقومون بالصيد سوية وفي النهاية يتبادلون السهام.

الفكرة العامة ان النساء يمتلكن وضعا روحيا خاصا، بالذات لانهم القناة التي تأتي منها الحياة. مهبل المرأة يثير لديهم الرهبة حيث يملك الفعالية ذاتها التي تملكها ارواح الاموات الخطيرة. ولذلك نجد ان المرأة في الاندامان الكبيرة واونغه يغطون اعضائهن التناسلية بألياف من اوراق نخل خاص. هذا النوع من الالياف يستخدم ايضا في الطقوس التي تهدف الى ابقاء الارواح الخطيرة محبوسة في قبورها وتستخدم في الاماكن الاخرى التي يعتقد انها مسكونة بارواح الشريرة، وعند مدحل القرية عندما تكون القرية خالية مؤقتا (لحفظها من دخول الارواح)، وفي اوقات طقوس السلام (لابعاد روح الشر). الاتفاق على استخدام الالياف ذاتها لهذا الهدف لدى هذه العشائر ليس صدفة، وانما تعود جذور هذا الطقس الى الفترة التي كانوا جميعهم يعيشون سوية.

المعاناة والموت الذي حمله الغرباء الى المنطقة عانت على الخصوص منه النساء، وانعكس ذلك على سلوكهم تجاه الغرباء نجد نموذجا عنه في تقرير كوربين بعد زيارة للجزيرة عام 1863، يقول:” امرأة كبيرة بالسن تتقدم مني، تبدو مجنونة وتتكلم بصوت عالي وغضب، وكانها تقرأ علي لعنتها. انا القيت عليها التحية العادية وهي ردت على تحيتي ولكن بعد ان عملت حركة توحي بالرغبة بالانقاض على يدي وعضها، ولكني ابعدت يدي عنها، غير ان رغبتها بتقطيعي لو استطاعت وصلت لي. انا استنتجت انها مجنونة ولربما فقدت ابن او احد الاقرباء بسبب الاوروبيين. في حاشية لاحقة جرى اضافة التعليق التالي على التقرير:” مثل هذا الامر جرى ملاحظته كثيرا. كان الغرباء لايعجبونها لكون الاب او الابن او احد الاقرباء تضرر بسببنا”.