المتخيل الروائي العربي.. مقاربة أنثروبولوجية

motakhail

يسعى الباحث المغربي الدكتور إبراهيم الحجري في كتابه «المتخيل الروائي العربي : الجسد، الهوية، الآخر» إلى إخضاع النصوص الروائية العربية الجديدة للمجهر السردي والأنثروبولوجي، بناء على كون السرد عملا متخيلا، يتضمن مادة إثنوغرافية تخص الممارسات والسلوكيات البشرية، وتصور المظاهر الثقافية التي تميز المرحلة المؤطرة لتواجد الكاتب. ومع أن الكثير من المسرود ليس واقعيا، فإن الانفلاتات اللغوية والأسطورية والتاريخية والسير ذاتية تقدم للباحث معطيات هامة بمكنته أن يؤسس عليها نموذجه التصوري المستعار من الإثنوغرافيا والأنثروبولوجيا. وهو تصور يمكن أن يقدم للسرديات آفاقا جديدة لتطوير مسارها النظري والإجرائي والنقدي، وهذا لن يتحقق إلا بتراكم الأعمال النقدية والدراسات البحثية في هذا المجال.
ويبدو أنه من الصعب بمكان، الفصل بين ما هو سردي وما هو إثنوغرافي، لكون البعد الثقافي حاضر ومحايث لكل السلوكيات التي تصدر عن شخصيات السرد، وكل المقولات اللغوية والدلالية التي يستضمرها ويروج لها، فالحدود بين الواقعي والخيالي هي مجرد حدود واهية، ولابد من الذهاب والإياب، والسفر والعودة بين الواقع بوصفه معطىً ومعينا يستند إليه الكاتب في نهل معطياته الثقافية، ومادة الحكي الخام، والمتخيل الذي يُرَمِّزُ هذه المعطيات ويسمو بها صوب بنيات استشرافية تنطلق من المعروف المعطى نحو الغائب/ الأتي/ المنتظر/ المقروء من خلال المؤشرات والدلائل التي يلمح إليها المعطى الإثنوغرافي المرصود، على الأقل، على مستوى النصوص الروائية.
ويمكن الذهاب بعيدا في التحليل، من خلال إبراز دلالات بعض المقولات الثقافية المذكورة على مستوى المتن الروائي، والوقوف عليها بعمق تبعا لما ترتبط به داخل منظومة الرموز السائدة، وفي تعالق حواري معها، حتى تتضح، بصورة جلية، وظيفة اشتغالها الضمني الصامت في تمرير بعض الخطابات التي لها امتداد في النسق العام السائد. ذاك الذي يعمل عمله في الخفاء، ولا يتجلى إلا في السلوكيات والتصرفات التي تنبثق عن الأشخاص دون وعي مثل اللباس والمظهر الفيزيولوجي والطقوسيات المتعلقة بالأعراس والكرامة والبخور والألوان والفنون الفرجوية والعين المريضة والسحر والحسد والكرامة والشهادة والبركة والمرض والأسطورة… وغيرها من المقولات التي تحمل في طياتها أبعاداً أنثروبولوجية سواء في بعدها الرمزي أو حتى في بعدها الإتيمولوجي. ويبدو واضحا كيف أن السردية تمكن الذات من إعادة صياغة فهمها لذاتها ولمشروعها ولهويتها، وإعادة تأويل تلقيها للإشكالات والمحن، حيث يشتغل السرد التاريخي كنسق ترميز وتمفصل، يشيد أنظمة جديدة للفهم والصياغة، ويقدم نفسه كاستراتيجية تأويلية ثانية، تعتمد آليات الأطر والسيناريوهات والخطاطات، ويشخص هذه الآليات المعرفية واللسانية.

3 رأي حول “المتخيل الروائي العربي.. مقاربة أنثروبولوجية”

  1. هذا الكتاب مهم للغاية وربما رائد في مجال النقد الروائي , يهمني جدا الاطلاع عليه .

    رد
  2. للأسف الكتاب غير متوفر بصيغة رقمية، يمكنك التواصل مع دار النشر وهي دارالنايا للدراسات والنشر والتوزيع بدمشق وهذه أرقام التواصل معها:
    هاتف: +963-11-5630559
    فاكس: +963-11-5630559
    خليوي: +963-944624693
    ص.ب: 2322
    العنوان: دمشق

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.