كتاب في ثياب الأعرابي الأصمعي إمام الأنثروبولوجيا العربية

الأنثروبولوجي في ثياب الأعرابي

الكتاب: في ثياب الأعرابي الأصمعي إمام الأنثروبولوجيا العربية

تأليف: فاضل الربيعي

الناشر: المجلة العربية -الرياض 2012

الصفحات: 96 صفحة

القطع: المتوسط

 

يبين كتاب” في ثياب الأعرابي .. الأصمعي إمام الأنثروبولوجيا العربية”، لمؤلفه فاضل الربيعي، أن علم الانثروبولوجيا عربي النشأة والأساس، ومن ثم انتقلت في أسسها ومضامينها، إلى الثقافة الغربية.

ويوضح الربيعي في أبحاث كتابه، ماهية نشوء وتكامل ركائز علم الانثروبولوجيا عربياً، مشيراً إلى أنه يعود الفضل بذلك إلى الأصمعي، ذلك حين طاف في مضارب القبائل يجمع غريب الكلام، حتى قيل: إنه لم يترك شاردة وواردة عن حياتها وأشعارها وأنماط عيشها وسلوكها، إلا وأشار أو ألمح إليه أو قام بتدوينه وتسجيله.

كما يرى الربيعي أن عمل الأصمعي في نوادره، لم يكن مجرد ملح نتسلى به، ولكنه كان تدويناً منهجياً لأعراف وتقاليد ذات خصوصية، ويؤكد أن عمل الأصمعي هو ذاته الأنثروبولوجيا، كما انتهجها الغرب، من دراسته لمجتمعاتنا ومجتمعات أخرى.

وأن التراث العظيم الذي جمعه الأصمعي، كان يتضمن فكرة لم يتسن لنا إمعان النظر فيها، ومفادها أنه كان يقوم بأول عمل أنثروبولوجي ميداني في تاريخ العرب والإنسانية جمعاء . ويجد الربيعي في تجواب الأصمعي ضمن مختلف البوادي والقفار والمدن والمضارب التي تعيش في أطراف الأمصار، كان أول عمل أنثروبولوجي ميداني تقوم به الدولة العربية الإسلامية في العصر العباسي .

ويدلل على صحة ما ذهب إليه، فيوضح أن التجربة الأوروبية لعلماء الأنثروبولوجيا في الشرق العربي، وفي مجتمعات القبائل البدائية في إفريقيا وسواها، كانت تتجسد في دراسة المجتمعات المحلية، من خلال عمل ميداني يساعد في جمع كل المواد الضرورية عن أنماط الحياة العامة (الزواج، الطبخ، الحكايات، العادات)، وأن هذا العمل الذي مكن أجيالاً من العلماء والباحثين في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، من فهم هذه المجتمعات ورسم إطار مناسب للتعامل معها.

ويشدد الربيعي على أن هذا النوع من العمل، هو ذاته الذي قام به الأصمعي في العصر العباسي( 740 831 م )، أي قبل أكثر من ألف ومئتي عام من التجربة الأوروبية. ثم يورد الربيعي حكاية (صوت صفير البلبل) التي تتلخص في: ” يحكى أن الأصمعي سمع بأن الشعراء قد ضُيق عليهم من قبل الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، فهو يحفظ كل قصيدة يقولونها ويدعي بأنه سمعها من قبل، فبعد أن ينتهي الشاعر من قول القصيدة، يقوم الأمير بسرد القصيدة إليه.

ويقول له لا بل حتى الجاري عندي يحفظها، فيأتي الجاري (الغلام كان يحفظ الشعر بعد تكراره القصيدة مرتين)، فيسرد القصيدة مرة أخرى. ويقول الأمير، ليس الأمر كذلك فحسب، بل إن عندي جارية هي تحفظها أيضاً (والجارية تحفظه بعد المرة الثالثة).

ويعمل هذا مع كل الشعراء. وأصيب الشعراء بالخيبة والإحباط، حيث إنه كان يتوجب على الأمير دفع مبلغ من المال لكل قصيدة لم يسمعها، ويكون مقابل ما كتبت عليه ذهباً. فسمع الأصمعي بذلك، فقال إن بالأمر مكراً. فأعد قصيدة منوعة الكلمات وغريبة المعاني. فلبس لبس الأعراب وتنكر.. فدخل على الأمير، وقال إن لدي قصيدة أود أن ألقيها عليك، ولا أعتقد أنك سمعتها من قبل. فقال له الأمير، هات ما عندك، فقال القصيدة .

ويتابع المؤلف سرد تلك الحكاية إلى آخرها، وذلك قبل أن ينتقل إلى توضيح حقائق علمية منهجية، تفيد بأن هذه المروية الأسطورية تستحق أن تقرأ من منظورين، منظور تاريخي بمعاملتها كحكاية تقليدية تندرج في النسق الثقافي ذاته للمرويات العربية الإسلامية المتأخرة، وبوصفها من تلفيق رواة الأخبار المتأخرين.. ويبدو أن الأساس الذي انبنت عليه الحكاية يتعلق بأجواء التشهير ببخل الخليفة وقطعه أرزاق الشعراء. فقد عرف عنه أنه كان شحيح العطاء.

وأما المنظور الثاني، فهو الأسطوري، بوصفها أسطورة إسلامية تروي أخباراً تاريخية، ولكنها لا تقول التاريخ، ولا تتقيد بقواعد سرده الصحيحة.

ثم يتناول الربيعي الجو الثقافي الذي نشأ فيه الأصمعي، شارحاً واقع وجود الأصمعي نفسه في مطلع شبابه، بين مدرستين أدبيتين لغويتين متفلسفتين ومتصارعتين،: مدرسة البصرة (التي تعتمد طرق وأساليب النقل)، مدرسة الكوفة (التي اعتمدت مبدأ المقاربة أو ما يعرف بمدرسة القياس).

ويشير الربيعي إلى أنه من قلب صراع المدرستين، شق الأصمعي طريقه نحو منهج جديد، يعتمد على أسس لم تكن مألوفة من قبل لتدوين الثقافة الشفهية وتدقيق موادها وتصنيفها وجمعها وإعادة روايتها.

ثم يورد لقاء الأصمعي بهارون الرشيد ويسجل بعض نوادره.

 

رأي واحد حول “كتاب في ثياب الأعرابي الأصمعي إمام الأنثروبولوجيا العربية”

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.