الدين بوصفه شبكة دلالية: مقاربة كليفورد غيرتز

Geertz
الدين بوصفه شبكة دلالية: مقاربة كليفورد غيرتز (Clifford Geertz)
بقلم: محمد براهيم صالحي
ترجمة: مصطفى مرضي

قراءة في كتاب “الإسلام ملاحظا” بعد مضي أربعين سنة، أية علاقة ملائمة؟

يمكن قراءة الكتاب الذي ألفه ك. غيرتز (C. Geertz) الموسوم بـ “الاسلام ملاحظا”1 حاليا ضمن اتجاهين: الاتجاه الأول ذو بعد منهجي، وهو البعد الذي توحي به المقدمة المتعلقة بمسألة كيفية الانتقال من الحالة المحلية إلى الحالة العامة، كما تتعلق هذه المسألة بطبيعة عمل عالم الأنثروبولوجيا غيرتز بصفته “رسام منمنمات”. وبتعبير آخر، فإن عالم الانثروبولوجيا ليس ملاحظاً للحركات الكبرى على السطح فحسب، بل يشتغل من أجل بناء فهم مرتبط بالنبضات الحقيقية للمجتمع وباختلاجاته انطلاقاً من “سمك غليظ” للحقائق الامبريقية. فمن خلال الولوج إلى تشعبات تلك الحقائق يمكن أن يحظى الباحث، حسب غيرتز، باكتشاف التشابكات المعقدة والمتحركة التي تشكل إيقاعات مجتمع ما.

أما الاتجاه الثاني للقراءة فهو مرتبط بالمقاربة الاجتماعية، وهو اتجاه قلما يكون ثابتاً،أو حاملاً معه ليقينيات التي طالما كانت، مثلاً، النظريات الانقسامية الأكثر شيوعاً وشعبية، في السبعينيات، التي كانت تفسر لنا حقل المجتمعات المغاربية. و لهذا نجدها مقاربة أكثر مرونة باعتبارها لا تغلق الآفاق ولا تحول دون التعبير عن حساسيات الباحث.

وأرى من جانبي أن أعمال المؤلف غيرتز تتجلى بشكل أساسي من خلال هذا الكتاب. إن متابعاتي لأعماله، خصوصاً مقاربته للثقافة و رجوعي إلى مؤلفات ماكس فيبر الذي يعتبر غيرتز، أحد ورثته، في الكثير من الوجوه، قد ساعدني على تعميق معرفتي به.

أود أن أؤكد هنا أن اهتمامي بكتاب “الإسلام ملاحظا” يتعدى دراسة حالة من الحالات، إذ يمتد إلى التوجه المنهجي للمؤلف الذي أركز عليه، بصفة أساسية، اهتمامي. أقول التوجه بدل النموذج، ذلك أنني أعتقد أن غيرتز لا ينمذج مقاربته، ولا يقدم نماذج ثابتة، بل يقدم تفسيرات ممكنة التي يحتمل أن يكون، في لحظة من اللحظات وبناء على ملاحظة الوقائع، معها ممكناً استخلاص تفسيرات أكثر معقولية و أفضل دلالة من أية مقاربة أخرى.

لقد ظهرت الطبعة الإنجليزية (الأصلية) لكتاب غيرتز (الإسلام ملاحظا) سنة 1968، أي منذ أربعين سنة خلت. يشتمل هذا الكتاب على عدة مقالات، التي تعتبر خلاصة جهد من التأملات التي بدأها مبكراً بداية من بحثين أجراهما على التوالي في كل من اندونيسيا في الفترة الممتدة من 1957 إلى 1958، وفي المغرب في السنوات التالية 1964-1966.

إن المقاربة الأنثروبولوجية للدين، وخصوصاً للإسلام، التي قام ببسطها غيرتز في جانبيها المنهجي والنظري، تعد في ذات الوقت قطيعة مع النزعة الوظيفية وبديلاً لها. إن ما يدافع عنه غيرتز في مقاربته للدين هي نفس المقاربة التي تبناها في تحليله للثقافة2.

و يتعلق الأمر فعلاً بمقاربة تولي اهتمامها في المقام الأول لإنتاج للمعنى الذي يقوم الأفراد بإضفائه على أفعالهم والذي يقوم على توجيه مصيرهم الاجتماعي. هذا هو المعنى الكامل لتعبير “الوصف المكثف” التي يتمثل في الإجابة عن السؤالين التاليين: ماذا يقول هؤلاء الأفراد عن أفعالهم؟ وكيف ينتجون المعنى؟

يقوم هنا غيرتز بمراجعة نقدية للنظريات التفسيرية الكبرى التي أجابت، بشكل من الأشكال، عن تساؤلات المجتمعات الأصلية للانثروبولوجيين أكثر مما أجابت عن حال المجتمعات المحلية ومن وجهة نظر أفراد هذه المجتمعات. وفضلاً عن ذلك، فهي كلها مقاربات تتسم بنزعة حتمية وسببية و قد سعى غيرتز إلى نقدها وتجاوزها.

يعتبر المعنى فعلاً من بين المسائل المفتاحية للأنثروبولوجيا البنائية لغيرتز، و قد اختتم المؤلف كتابه “الإسلام ملاحظا” حول هذه المسألة بالذات. و عليه يعتبر الفصل الرابع الموسوم “معركة من أجل حقيقة الواقع”، بمعنى من المعاني، اللحظة التي يكشف فيها المؤلف عن خلاصاته العامة حول مقاربة الدين وليس فقط في الحالتين المدروستين في الكتاب. وفضلاً عن ذلك، فأن الكتاب المذكور يطرح على نفسه أسئلة هي من الأهمية بمكان، باعتبارها أسئلة تعبر عن أحداث لازالت تتميز براهنية دائمة وملحة، مثل التغير في سياق دين منزل وذي نزعة شمولية و كونية، أو في العلاقة مع الحداثة.

يرى المؤلف في مقدمة كتابه في طبعته الفرنسية سنة 1991، أن “الأمور قد تطورت على نحو أقل بكثير عما كان متوقعاً منها”، وهي حالة كل من المغرب واندونيسيا. إنني لا أسعى، بعد مرور أربعين سنة، إلى مناقشة ذلك. فمن البديهي، أن التحولات التي جرت في الحقل الديني في المغرب، مثلاً خلال فترة التسعينيات، لم تكن مدروسة بالشكل الكافي مقارنة مع الجزائر، حيث عرف هذا البلد في سنة 1991 تمزقات وانكسارات أكثر حدة، وظهر فيها تيار ديني جديد في المجتمع أكثر بروزاً يمكن قراءته سوسيولوجياً بيسر وسهولة. و قد امتلك هذا التيار انغراسا اجتماعيا واضحاً بشكل جيد، غير أن الإسهام الثمين الذي قدمه غيرتز، حتى وإن كان ذلك مفيداً في الحالة الجزائرية، لا يمكن أن يغنينا عن ابتداع أدوات جديدة لفهم الظاهرة الدينية. ذلك أن الحوادث الضاجة التي طالما أشبعت وصفاً لا يمكنها أن تحمل معها عناصر كفيلة لفهم، بصورة عميقة، التغيرات الدينية.

إن مجتمعات الإسلام ليست مُشكَّلة تشكيلاً متجانساً إلى الحد الذي نجد فيها أسلوباً دينياً شائعاَ بصورة متماثلة وشاملة، فحقائقها وتغيراتها أيضاً أكثر تعقيداً مما نتصور. وبصورة أعمق، فإن الأفراد لا يغيرون، بصورة آلية، من النمط الديني، بل يقومون بتبني استراتيجيات متكيفة وملائمة حسب حاجياتهم في لحظة محددة من لحظات أنتاج المعنى، و من أجل فهم، حسب تصورهم، التغيرات التي تحدث في المجتمع. وهذا ما أشار إليه غيرتز في تحليله “للفاصل الكتابي” intermède scripturaliste، عندما ينتقل الأفراد من تمسكهم بنوع من القداسة (أو أسلوب ديني) إلى أسلوب ديني آخر. فلا يعني ذلك أنهم يرفضون بصورة قطعية هذا الأسلوب، وإنما يعتبرونه “غير يقيني”.

يعبر الدين عن نفسه أولاً بواسطة الرموز، ويحدث أن لا يعود لهذه الرموز تأثير يذكر على الواقع. فقدرة هذه الرموز على التفسير لم تعد عملية وإجرائية، إذ يحدث طلاق بين الواقع والرموز الدينية التي لم تعد لها سلطة حتى وإن ظلت تتمتع بسمعة ما3.

فبدون شك، و من خلال هذه المقاربة حول التغير الديني التي قمت بإنجازها، أحدد الإسهامات الكبيرة التي قدمها غيرتز سنة 1968. إن دعوته على الصعيد المنهجي، من خلال مجموع أعماله لاكتشاف موضوع البحث “في ثنايا الحقائق الامبريقية”، منظوراً إليها من قبل الفاعلين، مع البقاء “في أحجامها المصغرة”، ومفضلاً دراسات الحالة، تبدو لي أيضاً توجهات بحث تنطوي على مصداقية بديهية بالنسبة لأعمال عالم الاجتماع الانثروبولوجيا اليوم. كما يبدو، بالفعل، أن مقاربة التغيرات الدينية، والحركات الدينية، لا يمكن أن تكون مثمرة إن نحن اكتفينا من جهة بنوع من النظرة الإجمالية، ونسينا من جهة ثانية استراتيجية الفاعلين. ومن أجل توضيح ذلك، سأكتفي بالمثال الجزائري. فقد ظهرت منذ سنة 1990 أدبيات غزيرة عملت على إثبات فكرة تحول كلي للمجتمع باتجاه النزعة الإسلامية، التي تم تقديمها بصورة متجانسة وشمولية. فكل ما تبقى من اختلافات داخل المجتمع أصبح جزءاً من الماضي الذي لم يعد له وجود. فقد تم اعتبار الانخراط الجماهيري الكثيف في هذا التيار على أنه بحث عن بديل سياسي لسلطة مرفوضة وكذلك نوع من الانجذاب القوي نحو عقيدة تتجلى في “صفائها وطهارتها”. لقد ساهم العنف الذي ميز تسعينيات القرن الماضي، بطبيعة الحال، على تقليص تأثير هذا الانجذاب ليس إلا. وبمجرد مرور الموجة في شكلها الأولي، تبيَّنَ لنا أن الحقائق كانت أكثر تنوعاً وتعدداً. فقد تبيَّن أن النزعات الإسلامية لم تكن بالضرورة حركات وحدوية و متجانسة. و تراجع الأعمال العسكرية للحركات التمردية لم يكن يحمل معه تراجعاً وانحساراً في الممارسات الدينية التي كانت قائمة في بدايتها. لم تكن، مثل هذه الممارسات الدينية بالضرورة قائمة على الإكراه، بل كانت في معظم الأحيان مقبولة طوعياَ. وعلى أية حالة، فقد بنيت في محيط الأفكار الإسلامية، وبصورة تدريجية، أشكال من الامتثال الاجتماعي، أي منظومة من المعاني التي تعبّر عن نفسها في شكل سلوكيات وممارسات اجتماعية التي تجنّح في أن تصبح مثالاً ثابتاً مشتركاَ. وذلك لا يعني بالضرورة أن هناك انخراطاً كلياً في الاتجاه الراديكالي للاسلاموية. و فضلا عن ذلك، أن فهم الأسباب التي كانت وراء هذا الانخراط الطوعي بدل الإكراه المنظم من شأنه أن يسمح لنا بمعرفة نقطة الانطلاق التي تنفصل عن نوع من “عدم المسؤولية العامة” لأولئك الذين سيصبحون أتباعاً أو مناصرين. فاعتبار، على سبيل المثال، أن أعمال العنف هي نوع من “الجنون” يعني ذلك تبرئة الفاعلين من المسؤولية. غير أن حديث التائبين يبيّن بوضوح أن أعمالهم كانت مقرونة بتبرير لا يخلو من معنى. إن أفكار هذا التيار الذي حاول ترويجها ونمط تنشئته/وإعادة تنشئته الاجتماعية بواسطة المؤسسات الدينية أو التربوية تعمل اليوم بوصفها أداة لإضفاء الشرعية على الممارسات الاجتماعية في معانيها المتعددة. هناك، على سبيل المثال، الكثير من النساء المتحجبات خلال هذه السنوات الأخيرة، والكثير من الشباب الذين يؤمّون المساجد، و هم أكثر إمتثالية للتعاليم الإسلامية… وغالباً ما يكون هذا في الفضاءات التي لم تكن في يوم ما بالضرورة من المعاقل الإسلامية. فهناك رموز دينية جديدة تتجه نحو التكاثر و ليست لها صلة مباشرة بالطابع الراديكالي الديني. سيكون، على سبيل المثال، أمراً تعسفياً “تصنيف” كل النساء المتحجبات في طائفة “الإسلاميين”. فالرمز اللباسي الذي يتخذ من النزعة الإسلامية مرجعية له لم يكن مربوطاً بالضرورة بالممارسات الاجتماعية، ويبدو أنه تم توجيه استعماله في مجالات اجتماعية أخرى. كيف لنا أن نفهم ذلك إذا لم نستعن بالمؤشرات “الموضوعية” أو الوقوف على علاقة السبب بالنتيجة، كأن نستنتج آلياً (امرأة متحجبة تساوي امرأة إسلامية راديكالية)؟ يجب الذهاب أبعد من هذا، لإدراك معنى وتفسيرات الفاعلات لدى النساء. أعتقد، من جهة أخرى، أنني لم أسمع قدراً كبيراً من الحديث عن الزوايا، والجمعيات الدينية، و”الزيارات” والمواسم إلا منذ نهاية التسعينيات. فعدد مذكرات الباحثين الشباب حول هذه المسائل أصبح أكثر أهمية. وإلى ماذا يعود ذلك كله في الواقع؟ أي معنى يعطيه الأفراد لهذه الرموز الدينية القديمة التي تم “أحيائها وتأهيلها”؟

وأكثر من ذلك، لم يحصل في يوم ما الانتقال إلى دين آخر غير الإسلام مثلما حصل خلال هذه السنوات الأخيرة. إن أعمال المبشرين المسيحيين في بعض مناطق الجزائر (وليس فقط في منطقة القبائل) دفعت السلطات السياسية في البلاد إلى إصدار نص قانوني يلزم المعتنقين الجدد لأية ديانة على تنظيم أنفسهم في جمعيات معلنة ومعتمدة. و بصرف النظر عن حكمنا عن الوزن الحقيقي لهذه الظاهرة، فإننا نسجل انتقالها من مرحلة الظاهرة غير المفكر فيها إلى مرحلة الاعتراف بها، ذلك أن إصدار قانون، مهما كانت القيود التي ينطوي عليها، يعتبر بمثابة اعتراف بظاهرة يراد تنظيمها أو مراقبتها.

وجب التذكير أن هناك جماعة دينية مسيحية على اختلاف طوائفها يقدر عددها بـ 11.000 شخصاً موجودة في الجزائر4. تجدر الإشارة إلى أنه من النادر جداً أن وُجد نقاش كانت مؤسسات الدولة نفسها معنية به ويحظى بمثل هذه الدرجة من الأهمية والعلنية. إن الدفاع عن حرية المعتقد والعبادة أمور جرى طرحها من قبل بعض الفاعلين في المجتمع المدني أو من قبل الأحزاب السياسية، حتى وإن لم يكن لذلك امتداد له دلالة في المجتمع. إن ما تحول في ظاهره إلى نزاع بسبب تعدد الطوائف الدينية أصبح لأول مرة علنياً ومقبولاً ضمنياً.

كيف نفهم هذا القدر من الأشياء في تعددها وتعارضها، في حين أن الوقائع الحديثة تحثنا بالأحرى على الاعتقاد أن المجتمع قد انقلب بصورة نهائية؟ فالمسألة في جانبها الأنثروبولوجي ليست في تقدير حجم وأهمية الطائفة المسيحية (القديمة منها والجديدة)، لكن بالأحرى في فهم المعنى الذي يعطيه الأفراد المتمسكين بهذا الاعتقاد في السياق الجزائري؟ وبصورة أدق، ما هو منظور الأفراد إزاء التحول إلى دين آخر وكيف تم تفسيره؟ أنا لا أعتقد، كما يتصور غالباً الخطاب الرسمي أو الذي يدين هذه الظاهرة، أن الأفراد المعتنقين لدين آخر هم إما أشخاص “سذج” أو باحثون عن مكاسب مادية5. و تُبيَّن هذه الحالة في واقع الأمر ضرورة التخلي عن البحث عن تلك الأسباب الواهية وغير المجدية. فالبديل عن ذلك يكمن في البحث أولاً عن الحالات، والغوص في أعماق الوقائع الامبريقية، وتجنب الوقوف عند حدود الحوادث العرضية6، وثانياً طرح السؤال لمعرفة الكيفية التي يرى بها الأفراد هذا الرمز بالذات، بدل ذاك الذي ينطوي على معنى أكثر من غيره. ومن جانب آخر، يبدو لي مهماً، الإفادة من مقاربة غيرتز الذي كان أكثر انتباهاً لواقع الرموز الدينية المختلفة التي يمكن أن تؤثر بصورة متزامنة، حتى وإن كانت الرموز المسيطرة يمكنها أن تخفي رموزاً أكثر هامشية أو محدودة في نطاق ضيق. ما أريد أن أقوله، أن هناك منافسة بين عرض المعاني والرموز المرتبطة بالواقع الاجتماعي، والمسألة كلها تكمن، دون شك، في معرفة، وبصورة امبريقية، كيف تجري تلك المنافسة، وكيف يمكن إعادة بناء منطقها، وليس مجرد القول بوجود هذا المنطق ومحاولة فرضه باللجوء إلى الواقع بقوة.

اخترت هذه الأمثلة من أجل التدليل على أن قراءة غيرتز اليوم تعتبر نقطة انطلاق جيدة من أجل التفكير في الظاهرة الدينية، بصرف النظر عن الحالة التي درسها، ذلك أن مقاربته لم تكن منمذجة، محنطة في قوالب جامدة، فهي مقاربة مُحفّزة ومثمرة، حتى وإن كان يجب في بعض النقاط الإشارة إلى دقائق الأمور أو الفجوات الممكنة.

يتميز المؤلف من جانبه بالمثابرة والثبات، وهذا ما يؤكده سنة 1991 حول وجاهة تأملاته التي تعود إلى 1968، وقد تدعم هذا الموقف بصورة كبيرة في مقال له نشره سنة 2006 بعنوان “الدين، موضوع المستقبل”7.

و الجدير بالملاحظة أن غيرتز لا يزال وفياً لتأملاته التي أسس لها سنة 1968 فيما يخص مقاربته للدين، والإسلام، فهو لم يقدم أي تنازل كما في سنة 1968، أمام الاضطرابات الكبرى التي عرفها نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين. أود هنا أن اربط قراءتي ببعض جوانب ما جاء في كتاب “الإسلام ملاحظا” مع نص 2006 الذي يعتبر، من وجهة نظري، نصاً في غاية الأهمية.

الدين بوصفه شبكة دلالية

تنطلق هذه المقاربة المتعلقة بالدين على أساس التمييز بين الإلهي، والتعالي، والأنطولوجي والتصور الذي يحمله الأفراد حول الدين بمعنى الكلمة. إن الإلهي، هو ذلك الكائن الخالد الذي يُتمسَّك به ويُمجد، فهو مُدرَكٌ، إذن، في ديمومته.

يتصف الدين بحركة أكبر، فهو متأثر بالتغيرات، باعتباره نتاجاً تاريخياً. يشكل الدين، مثله مثل الثقافة، إطاراً للإدراك والتفسير. فهو يفترض وجود رموز، ومؤسسات: “سواء كان أم لم يكن مصدراً عميقاً للإيمان عند الإنسان أو جماعة بشرية، فهو، مدعوم دون شك، في هذا العامل بواسطة أشكال من الرموز والترتيبات الاجتماعية. إن ما يشكل ديناً معيناً- ومضمونه الخصوصي المتميز- يعبر عنه بالصور والاستعارات التي يستعملها الأتباع لتصوير وتمثيل الواقع8“، مضيفاً “أن وظيفة هذا الدين، وصيرورته التاريخية، ترتكز، بدورها، على المؤسسات التي تجعل هذه الصور وهذه الاستعارات في متناول أولئك الذين يلجأون إليها”.

يتعلق الأمر إذن بمقاربة دلالية للدين. يلخص بوهمان (G. Bohmann) تعريف غيرتز انطلاقاً من عناصر مستخلصة من كتابه “الإسلام ملاحظا” على النحو التالي:”الدين (1) منظومة من الرموز تستهدف خلق (2) حالات ذهنية ودوافع كلية، قوية ومستدامة (3)، وذلك بصياغة رؤى ذات أبعاد أنطولوجية عامة (4) و بمنحها هالة من السهولة على النحو التي تظهر فيه الحالات (4) الذهنية والدوافع متطابقة مع الواقع9“.

فالدين، إذن، إطارٌ يسمح للأفراد بفهم الحقائق الاجتماعية، ولكن أيضاً للتصرف انطلاقاً من المدركات التي يتيحها هذا الإطار. وهنا يُطرَح البعد التاريخي للدين بصورة جلية، و يقدم غيرتز هذه المسألة في شكل متخيل بداية من الصفحات الأولى من كتابه، حيث يقول :”الدين يمكن أن يكون حجراً مقذوفاً في العالم، لا ينبغي أن يكون ملموساً ولا أحد يقذفه10“.

فضمن هذا المنطق يقوم غيرتز بتحليل عمليات التغير الديني في كل من المغرب واندونيسيا. وفي هذا السياق يصبح الدين شبكة لتفسير الثقافات، غير أنه يكيّف نفسه إزاءها. فالأشكال الدينية التي نجدها عند كل من اليوسي (Al Yousi) وكاليجاغا (Kalijaga) تعود في أصلها إلى العمق الثقافي البربري، وجافانا والهندوس مقروءة بشكل جديد ضمن إسهامات إسلامية. إن العمليات التاريخية لكل من هذين المجتمعين تتجلى أيضاً ضمن سيرة هذين الوجهين من القداسة والمضمون الديني. فالوجه الرمزي الذي يمثله كاليجاغا يعبر عن دين يتميز بطابع باطني، وبالصبر والحساسية، وبنوع من الجمالية والنخبوية والتحلل في الفردانية. إنها حالة من الراحة النفسية، غير أنه سيكون في مساره التاريخي أشد توفيقاً. أما الوجه الثاني الذي يمثله اليوسي، فقد ارتبط بالغليان والحركية والتقوى ونوع من التشدد الأخلاقي والنزعة الشعبوية  وبحماسة كاريزمية فردية.

يبدو لي أن هذه الصفات المذكورة الذي يقدمها غيرتز لا يمكن أن تكون لها قيمة سوى تلك التي تدل على طرق استكشافية في البحث، باعتبار أن الشكل الرمزي لليوسي، ربما ليس هو الشكل الوحيد الموجود في حقل القداسة المحلية. إذ يمكن أن توجد إلى جانبه أشكال من الوجوه المطمئنة في الحالة المغربية11. و بصورة عامة، فإذا استندنا إلى حالة الجزائر، فإن مفهوم القداسة المحلية لم يكن فيها موحداً ومتماثلاً. فهناك أصناف متعددة نجد من ضمنها الأولياء الباحثين عن الطمأنينة والسكينة، والصابرين، والمتخندقين في خلواتهم والمتعايشين مع الأولياء الصالحين المحاربين. ومهما كان من أمر هذه الملاحظة، فأن أهمية تحليل غيرتز تكمن في أبرازه عبر هذين المثالين، لثقافتين قام الإسلام بعد مجيئه بتحويلهما واحتوائهما وامتلاكهما.

فالتغيرات التي حصلت بفعل الاتصال بعملية العلمنة والحداثة الذي أدخلها الاستعمار، تعبّر عن نفسها في الكتابات باعتبارها شكلا جديدا من الأشكال الرمزية و شبكة من التفسير التي تعطي معنى، ملبية بذلك الحاجة إلى فهم وتفسير الحقائق الجديدة. “إن ما يحدث لشعب ما يحدث أيضاً للإيمان، كما يحدث للرموز التي تعطي شكلاً لهذا الإيمان وتدعمه”12.

و في هذا الصدد، لم تعد الأشكال التقليدية على صلة مع الحداثة، إذ أصبحت غير قادرة على الالتصاق بالواقع، بما يجعلها إطاراً صالحاً لإضفاء معنى على تحولات المجتمع وصيرورته. إنه الطلاق بين الرموز والواقع. تشير مرحلة التدوين إلى الكيفية التي تجعل رموز أخرى تنبعث لإعطاء تطمينات للمؤمنين.

إن هذه العملية (المصطلح من استعمال المؤلف) توضح، في جانب من جوانبها، التغيرات التي طرأت على الحقل الديني الجزائري مع مجيء الحركة الإصلاحية الدينية في الثلاثينيات من القرن العشرين، التي تعتبر نفسها وريثة تيار النهضة الذي ظهر في المشرق في بداية القرن العشرين.

غير أنه يجب علينا هنا تقديم بعض التوضيحات. فإذا كانت هناك عروض جديدة قد بدأت تأخذ أبعادا هامة في رفع تحدي الحداثة، وحتى مناهضة السيطرة الكولونيالية، فليس أمراً محسوماً أن الرموز القديمة، ممثلة في أشكال القداسة المحلية والجمعيات الدينية، قد اختفت، وأنها كفَّت كلياً في أن تكون ذات أهمية لدى أولئك الذين انخرطوا فيها.

أعتقد أن هذه التشويشات موجودة بين الأسلوب الديني من جهة، ومن جهة أخرى، يمكن ملاحظة تحولات الأسلوب التقليدي و الحكم عليها ضمن الضغوطات الممارسة عليه من قبل التيار الإصلاحي، ويزداد أثر تلك التحولات في العديد من الحالات حتى داخل المؤسسة الدينية التقليدية نفسها. فحينما نتأمل عن كثب المنافسة الدينية في الفترة الواقعة ما بين 1930 و1950 في الجزائر، ينذر أن لا نلمس نبرات إصلاحية في المسلك الديني لبعض المؤسسات، حتى وإن كانت تبدي معارضتها لإلحاقها بالتيار الديني الجديد13.

لا تبدو لي الأمور على قدر كبير من الحسم في عمليات التغير الديني، التي هي في طبيعتها معقدة ومتباينة. و نجد المثال النموذجي على هذه الحالة مجسداً في تأسيس للجمعية الدينية الجزائرية “العلوية” سنة 1925، أي في وقت كانت فيه الحركات الإصلاحية لاتزال في إرهاصاتها الأولى و فروعها في حالة تشكُّلها. و لا تشكّل مرحلة التدوين بالضرورة عائقاً في دورة تأسيس الجمعيات الدينية. إن حالة “العلوية” الجزائرية تبين أن حتى في الأسلوب التقليدي تجري عمليات إصلاح منافسة، غير أنها تبقى وفية لجذورها الصوفية، الأمر يتعلق هنا بتكييفات وتهيئات الرموز.

ويلاحظ من ناحية أخرى أن الحركة الإصلاحية، وإن استطاعت أن تؤثر على مجمل الحقل الديني الجزائري والقوى السياسية الوطنية الكبرى، فإنها بقيت، مع ذلك، خاضعة لمنافسة شرسة مع الفاعلين الدينيين التقليديين الذين يحتفظون بسطوتهم على مناطق كاملة ويمكنهم أن يعقدوا تحالفات مع الفاعلين السياسيين14. وهي حالة مصالي الحاج، القائد الكاريزماتي الوطني، الذي، بعد أن كان متبنياً للمبادئ المؤسسة للنزعة الإصلاحية في مقاربته للأمة، بقي وفياً لجذوره الدرقاوية وزاويتها15.

يتعين علينا أن نشير من ناحية أخرى، أن التيار الإصلاحي لم ير مقولاته مفروضة في مجملها على الفاعلين الدينيين الآخرين إلا بعد أن أحكمت الدولة الجزائرية قبضتها مباشرة على المجال الديني، أي بعد أن أنشأت بيروقراطية دينية حقيقية قوية في نهجها السياسي وفي أنماط سيطرتها على المجتمع.

يقوم غيرتز في نصه الصادر سنة 2006، الذي انطلق من سياق “ترحيل الإسلام” بواسطة حركات الهجرة وأزمات الهوية التي نجمت عنها، بنقد صارم للنزعة التطورية للفكر الغربي الذي استخلص حكماً متسرعاً بأفول الدين. إن النزعات العقلانية والعلمانية والوطنية. وبصورة مختصرة، فك السحر عن العالم، كان من نتائجها أن أدخلت على العلوم الاجتماعية نوعاً من الرفض في بقاء الدين بوصفه عنصرا مهيكلا لعملية البحث عن المعنى.

كانت السيطرة الكولونيالية في البلدان المسيطر عليها، (ومن بينها الجزائر)، بمثابة ستار، كما يوضح غيرتز، وحتى فيما يخص دور النخب المستغربة (نسبة للغرب) أيضاً، ذلك أن “الأنا” العميق، قد انبثق، من العمق منذ فترة الاستقلالات، وهنا برز الدين مجدداً على السطح. و في واقع الأمر، فإن في هذا النص الذي يقترح فيه غيرتز منهجاً لفهم النزاعات والتحولات الحالية المطبوعة بشدة بالدين، لا نميز فيه، بصورة واضحة، كل عمليات إعادة توصيف الدين بعد فترات من البناء الوطني والعلماني.

وإذا عدت إلى حديثي عن الجزائر، فإنه من الواضح أن الإسلام لم يتم استبعاده من قبل النخب الوطنية بما فيها النخب الأكثر ليبرالية و”غربنة” (نسبة إلى الغرب). و في هذا المقام يشكّل فرحات عباس، المثال النموذجي الذي كان يربط، بصورة صريحة، بين “الأنا” والدخول في الحداثة. و لم يكن الدين، في فترة ما بعد الاستقلال، مطموساً من قبل بيروقراطية جزائرية حاملة لعقلانية وحداثة ثقافية، لكنه كان مسخراً لأغراض معينة.

و قد قامت، في مقابل ذلك، هذه النخب بتقديم تنازلات عندما كان الفاعلون الدينيون يمارسون ضغطاً، أو حينما تبين ذلك مهماً من أجل إقامة مشروعهم. ومن جانب آخر، فإن ما كان هدفاً مركزياً في منطق كل من مشروع الدولة ونخبها هو اختفاء التقاليد، ومن ثم الممارسات والرموز الدينية التي تعبّر عنها، ممثلة خصوصاً في الجانب المتعلق بالطقوس والجمعيات الدينية. وفي هذا الإطار، بالتحديد، يتم الإجماع مع البيروقراطية الدينية التي قامت برسكلة الكثير من الإصلاحيين.

إن الأشكال الدينية الجديدة التي تعتبر النزعة الإسلامية واحدة من عناصرها ستقوم بإدانة هذا التواطؤ مع البيروقراطية الدينية الخاضعة للسياسة. إن أزمة النموذج السياسي والحداثي الديني هي التي ستساهم في تفجير التوازن والإجماع بين البيروقراطية الدينية والسلطة السياسية لصالح نبوءة دينية، التي تعتبر فيها الرموز أكثر ضماناً في سياق أوضاع متأزمة وانهيار يقينيات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، ولكن، كما أشرت إلى ذلك في مقدمة هذا النص، يمكننا إذن القول، و بصورة جادة، أن عملية الاكتساح قد تحققت، وقطاع الشعائر والجمعيات الدينية قد اكتسب قوة وبروزاً. لماذا؟ واستعادة لسؤال غيرتز، ما هي طبيعة البحث عن المعنى في هذه الحالة تحديداً؟

و تتمثل النقطة الثانية المثارة أعلاه في كثافة الرموز التي تم إعدادها من قبل دعاة النبوءة الجدد. إن هذه الرموز التي فرضت بالقوة أو الخوف من القصاص في لحظات الصعود القوي على الصعيد العسكري تتجه اليوم لتصير علامة مسجلة لامتثالية اجتماعية جديدة. لقد ذكرتُ سابقاً مثال الحجاب الذي لا يمكن أن يكون وجوده مفروضاً بالقوة فقط، وعليه، لا يمكن اعتباره بالتالي علامة انخراط في الحركة الإسلامية الراديكالية. و ذلك دليل على وجود انفصال بين الرمز الديني والانخراط في التيار الإسلامي الراديكالي. وهذا ما يطرح تساؤلاً ليس من الممكن الإجابة عنه دون مسائلة الحقائق الامبريقية، ودون “النظر ما فوق أكتاف” الأفراد على حد تعبير غيرتز. وفي هذا المنظور كان غيرتز محقاً في رفضه البحث عما هو كمي، والتوجه نحو تفسير العملية الذاتية. وفي هذا السياق، يجب التساؤل : هل الحجاب والتردد على المساجد يعتبر فعلاً علامة أكيدة على الانخراط في النزعة الإسلاموية. ألا توجد قراءات أخرى عند الأفراد، ومن ثم بناءات انطلاقاً من مخططات نظرية وفكر ديني جديد؟

يوجد أيضاً في نص غيرتز الصادر سنة 2006- (وكما يؤكد عليه أيضاً في كتابه “الإسلام ملاحظا”)- ما يستوجب الإلحاح على مسألة أنه “يجب الاهتمام بنوعية الفكر: إطار الإدراك، الأشكال الرمزية، والآفاق الأخلاقية”. وبتعبير آخر يجب البحث عن التفسير والفهم بدل البحث الدائم عن الأسباب. منهجياً، تبدو لي المقابلة الامبريقية عند غيرتز وجيهة لتوضيح وكشف الحقائق المعقدة بدل المقاربة السطحية التي تتميز دوماً بنوع من الاختزالية، حتى وإن تمكن هذا الاتجاه الامبريقي من أن يؤدي إلى “الغموض”، و”الارتياب” والشكوك، مع أن الأمر يتعلق ” بفرصة ممتازة من أجل الارتباك اللصيق بالواقع الاجتماعي”.

خـلاصـة

لم أقم، عمداً، بإجراء جرد شامل لكل العناصر التي تم التطرق إليها في كتاب “الإسلام ملاحظا” ولا للنص الصادر سنة 2006 المعروض في هذا المقال. أردتُ فقط، عن طريق هذا الأخير، على الأقل، الاقتصار على الجوانب التي استرعت انتباهي والتي استوقفتني في تأملاتي حول الدين انطلاقاً من الحالة الجزائرية التي أعرفها جيداً. وضمن هذا الاتجاه، وبصرف النظر عن الحالتين المغربية والإندونيسية، أعتقد أن غيرتز، بقي، خصوصاً في تعريفه للدين والتغير الديني، ذا إسهام ثمين وطراوة لا جدال فيها. إن قراءة النصين تحتاج، لكي تحظى بمزيد من التعليق والنقاش، الانطلاق من حالة محددة ومحللة من جهة، استعمالها مسلك استكشافي لحالة أخرى مثل حالة الجزائر من جهة أخرى. و أعتقد أن هذا التمرين، الذي تعذر تحقيقه كلياً في هذا المقال -(الذي ليس ألا محاولة)- سيسمح بتقدير مساهمة المؤلف على الصعيدين النظري والمنهجي، لكن أيضاً الإشارة إلى الفروق الدقيقة الذي يمكن تقديمها. إن الفائدة التي يمكن استخلاصها من الاطلاع على أعمال غيرتز- وهذا أمر سبق لي الإشارة إليه في بداية النص- تتمثل في اقتراح ميادين بحث وتفكير وتوجهات نظرية ممكنة هي أكثر جدارة من الأطر الجامدة، بمعنى تلك النماذج الجاهزة أو نوع من النموذج الشامل.

الهوامش

1 Geertz, C., Observer l’islam. Changements religieux au Maroc et en Indonésie, Paris, Ed. la Découverte, 1992.

2 Voir Geertz, C., Bali. Interprétation d’une culture, Paris, Ed. Gallimard, 1983. Ou Le souk de Sefrou. Sur l’économie de bazar, Traduction et présentation : Daniel Cefaï, Paris, Ed. Bouchène, 2003.

3 Voir chapitre 3, pp. 76-77 notamment.

4 هذا رقم ذكرته جريدة ” El Watan” ليوم الخميس 21 فيفري، وحسب مصطفى كريم، رئيس الكنيسة البروتستانتية في الجزائر، فإن الكنيسة الإنجيلية تحصي 50.000 مسيحياً، من بينهم 10.000 من المتدينين الممارسين، منتظمين في 33 طائفة. إن القانون المنظم لممارسة الشعائر غير الإسلامية تمت المصادقة عليه في مارس 2006. ينص في أحد بنوده على عقوبات ثقيلة جداً ضد أي شخص “يحرض، أو يكره أو يستعمل وسائل استمالة وإغراء من شأنها تحويل المسلم إلى دين آخر…”. لقد أخذ النقاش حول هذه المسألة أبعاداً لم تكن متوقعة خلال شهر فيفري 2008 بعد حصة بثت على أمواج الأثير في القناة الثالثة للإذاعة الجزائرية التي كان من أهدافها توضيح المشكل الذي طرحه النشطاء المبشرون. وبمقتضى هذا القانون تم غلق كنيستين بروتستانتيتين في ولاية تيزي وزو التي تضم 900 عضواً

5 لقد جاء في تقارير الصحافة أن عملية اعتناق المسحية كانت مقابل وعد بمنح “الفيزا” أو مبلغ مالي كبير من العملة الصعبة

6 فالشيء الوحيد الذي تشهد عليه “الحوادث” التي أثارت ضجة إعلامية كبيرة تمثل في أن طائفة مسيحية طالبت، بصورة علنية، بحقها في الوجود وأن المواطنين الجزائريين اخترقوا طابو اعتناق دين آخر. لكننا لا نعرف شيئاً مؤكداً عن حجم الظاهرة ولا الكيفية التي يسلكها المعتنقون في بناء المعنى وتوجيه أفعالهم..

7 مقال نشر بعد وفاته في جريدة “لوموند” الفرنسية بتاريخ 04/05/2006. وهو عبارة عن محاضرة كان من المنتظر أن يلقيها في ملتقى “العلوم الاجتماعية في تحول” في باريس، 3-6 ماي 2006.

8 Geertz, C.,Op. cit., p.17.

9 Bohmann, Gerda, L’islamisme radical au Maghreb, in L. Addi. L’anthropologie du Maghreb : les apports de Berque, Bourdieu, Geertz et Gellner, Paris, Awal/Ibis Press, 2003, pp.125-142.

10 Geertz, C., Op. cit., p. 17.

11 Cette critique est formulée par H. Rachik., Chose et sens : réflexion sur le débat entre Gellner et Geertz, in L. Addi, Op.cit., pp. 95-109.

12 Geertz, C., Op.cit.

13 أنظر في هذا الصدد العديد من الأمثلة الواردة في أطروحتي للدكتوراه بعنوان :
« Société et religion en Kabylie 1850-2000», Université de la Sorbonne-nouvelle, Paris III, juin 2004 ; en particulier Chapitre I, IV, VI VII

14 Ibid.

15 Voir sa trajectoire dans les mémoires de Messali Hadj, 1898-1938, Alger, ANEP, 2005.

المصدر :

مجلة “انسانيات” ، عدد 50، سنة 2010

رأيان حول “الدين بوصفه شبكة دلالية: مقاربة كليفورد غيرتز”

  1. كم أشعر بالسعادة وأنا أقرأ هذا المقال الذي كنت قد إستمعت من قبل لمحتواه من خلال محاضرات الأستاذ الدكتور محمد براهيم صالحي بمدرسة الدكتوراه بوهران سنة 2007 – 2008. تحية كبيرة للأب الروحي للمدرسة ولجيل بأكمله من الأنثروبولوجيين الشباب, تحية لدفعتي بالمدرسة

    رد
  2. التقدير والاحترام لكاتب هذه الدراسة القديرة وكل الاخوة العاملين في مجال الدراسات العلمية الانثروبولوجية.
    اتمنى ان ينال العلماء والباحثين الدعم الكافي لاجراء دراسات اشمل واوسع وفق هذه المنهجية
    مع التقدير

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.