الحدث الصدمي “استراتيجية التدخل ما بعد الصدمة”

أ.بكيري نجيبة

جامعة بجاية / الجزائر

مقدمة: إن أحداث العنف المتصاعدة جعلت الفرد يعيش في جو من الذعر والهلع والخوف  ومن خلال هذه المداخلة المتمثلة في “الحدث الصدمي ” سوف نتعرض إلى مفهوم الصدمة والتجربة الصدمية  ومن صعوبات نفسية  واجتماعية لمختلف الضحايا وضرورة وضع استراتيجية  التدخل وتسير قلق ما بعد الصدمة، فالظلم والاستبداد، وسلب حرية الفرد

والاستفزاز والفقر  وكلها أساليب قمعية فجرت من ورائها مأساة زرعت الرعب ر في  المجتمعات ولاسيما في المجتمع الجزائري الذي بدوره جرفه تيار العنف إلى هاوية الانهيار والذي ضرب أعماق المجتمع من طفولة بريئة ونساء وأرامل وشيوخا غير مقتدرين ، لقد اتسعت شقة الصدمة وخلفت عددا كبيرا من شريحة المصدومين الذين هم بحاجة ماسة إلى التكفل النفسي والاجتماعي.

إن التجربة الصدمية وأحداث التحطيم وأفعال العنف عند مختلف الضحايا لمختلف أشكال العنف كالخوف، والإصابات الجسدية …إلخ هم احاسيس بعدم القدرة والعجز.

هذه الاحساسات تؤدي إلى إحساس  الضحية  بتأنيب الضمير حيث العذاب يكون نفسي أوجسمي فالضحية تصبح تعيش قلق مع علاقته بالعالم الخارجي ويعيش أحاسيس بالعزلة والتشرد والنرفزة والحسرة على كل ما ضاع منه سواءا ماديا أو إنسانيا.

هذه التجربة المؤلمة التي عيشت من طرف هذه الضحية جسديا (جرح) أو معرفيا (الضحية لا تريد تصديق ذلك) أو نفسيا (ضغط لا يحتمل) بما في ذلك الصور البشعة المسترجعة.

إن هذا الحدث الصدمي مع الوقت ينتهي على المستوى الجسدي ولكن يبقى مستمر نفسيا   (الجرح الثانوي) وهو يظهر من خلال اختلال في نوعية الحياة الشخصية (خواف، اضطرابات في السلوك، وفي الحياة الاجتماعية والعملية)

ولهذا من الضرورة وضع استراتيجية تدخل لكي تتمكن الضحية من استيعاب واستدخال التجربة الصدمية لأن سلامة الشخص من سلامة المجتمع.

الصدمة والتجربة الصدمية

الصدمة: نقصد بها السيرورة التي تحدث داخل الجهاز النفسي وليس الحدث الذي يؤدي إلى الصدمة  وهي كلمة يونانية  تعني جرح ونتكلم عن الصدمة لنحدد الشخص الضحية الذي واجه عدة مواقف  منها الموت، الاصابات الجسدية، الاحساس الشديد بالخوف والعجز.

نتيجة صدمات أساسية تجمع الاغتصاب، الاختطاف، الأعمال الارهابية ، التعذيب ، حروب، مشاهدة أعمال تعذيب ، التقليل الوحشي والاعتداءات الجسدية.

•        التجربة الصدمية:

إن الحدث الصدمي الكبير ينتج عنه قلق مهم جدا  لدى ضحايا متأثرة بالتجربة الصدمية وهو ما يسمى بالقلق الأولي وبعد تعامله مع هذا الحدث ينتج عنه آثار سلبية ما يسمى (بالقلق الثانوي)أنظر المخطط1.

ولذلك فإن النواة الصدمية لقلق الضحايا تتكون من العديد من الإحساسات والمشاعر المضطربة منها الحقد النرفزة أنظر  المخطط 2

حسب نظرية التعلم الاجتماعي التي تكلم عنها ألبرت بنديرا albert bandura بجامعة ستاندفور ولقد قدم في كتابيه سنة (1977، 1969) وهو بين كيف يمكننا إدماج الظواهر المعرفية التي أهملتها النظريات السابقة وهي تتأ سس حول قواعد تجريبية لنظريات اجتماعية وهو يخص أساسا السلوك الانسانى والمحيط ومدى تفاعلها وتأثرهما ببعضهما البعض كما هو موضح في المخطط 03

(الانفعالات، المعرفة) الشخص

السلوك                                    المحيط

المخطط رقم-03-

أهم الصعوبات الاستجابية المشتركة في حالات حصر الشديد D.S.P.T

أو في حالات الحصر ما بعد الصدمة   D.S.A

الصعوبات المعطاة أو الملاحظة

1-      الصعوبات المعرفية:

      صعوبة في  التذكر (الذاكرة)

      صعوبة في التركيز والانتباه

      عدم التوجيه /  الاختلاط

      صعوبة في التفكير والتعبير

      صعوبة في الكتابة والحساب

      صعوبة في اتخاذ القرارات

      صعوبة في القيام بالواجبات والمسؤوليات

      فساد الادراكات (الإحساسات)

1-      العلاقات والتصرفات

      الانفعال

      الصعوبات المعرفية

      صعوبة في تركيز الذاكرة

      ضغط علائقي

      زيادة في شرب الخمر

      زيادة أو كثرة استعمال الأدوية

      الادمان على المخدرات

      تصرفات مدمرة لنفسه

      سلوك عنيف جنسي

حالة حصر ما بعد الصدمة:

*جدول تحليل شامل لمعيار التشخيصية*

معيار –أ- الضحية:

      موضعها:

•        مباشرة

•        غير مباشرة

ب- الظواهر الداخلية: (على الأقل ظهور إحدى المظاهر الاتية)

      الذكريات المؤلمة والمتكررة للحدث (بطريقة عفوية أو متفاعل)

      إحساسات بضيق عند التعرض لمواقف التي تذكر بالحادث والخوف من أن يصبح ضحية للمرة الثانية.

      إنشغالات مقلقة متوجهة نحو الحادث.

      إحساس معايشة أو إعادة معايشة التجزئة الصدمية وكأنها تحدث الآن.

      أحلام مقلقة وكوابيس متكررة التي لها علاقة بالحادث والخوف من أن يصبح الفرد ضحية مرة أخرى.

      ألعاب  تكرارات لدى الأطفال التي لها علاقة بالتجربة الصدمية.

ج- معيار التحاشي (على الأقل ظهور ثلاث مظاهر الآتية):

      بذل جهود من أجل تحاشي كل تذكر صدمة تحت شكل تفكير أو إحساس، أو صور حتى الحوارات.

      تحاشي كل عمل ومواقف التي توقض الذكريات أو الحصر الجمعي.

      تصرفات لحماية الذاتية ضد كل خطر ممكن محتمل potentiel

      انخفاض واضح في الأعمال وعدم استثمارات désinvestissement

      عدم التذكر (psychogène) التي لها علاقة مع الحادث (جزئي أو كلي)

      تصرفات نكوصية في مستوى الأعمال الفردية

      احساسات عدم الاتصال بالأشخاص وكذلك إحساس بالغرابة.

      إحساس بأن المستقبل مغلق.

د- معيار عصبناتي:

•        صعوبة في النوم ونوم متقطع

•        صعوبة في التركيز

•        خمول في إحساسات جسدية

•        رد فعل جسدي خاصة مع المواقف التي تذكر بالحدث أو الخوف من الوقوع في الضحية.

حالة حصر شديد

جدول تحليل المعيار التشخيصية:

معيار -أ-

–        موقف – مباشر – إحساسات مضطربة

–        غير مباشر      – حصر غير عادي

معيار – ب-   انشطاري أو تعبيري (تظهر على ال قل 3 أعراض انشطارية)

–        نوع انطوائي انتظاري

–        إحساس بالخوف الشديد أو بالقلق أو غياب ردود الأفعال

–        إنخفاض إحساسي نحو المحيط

–        إحساس خروج من المعقول

–        إحساس بإنفكاك في الشخصية

–        فقدان الذاكرة النفسي الخاصة بالحدث

*نوع تعبير

      حرية التعبير عن ضيق العاطفي مشترك بالتجربة.

      حرية التعبير عن انشغالات التي تغزو موضوع الصدمة      علامات اضطرارية ترافقها تعبير

      زيادة عواطف وإحساسات مضطربة مشتركة بالتجربة.

معيار-ج- الاشياء الداخلية ( على الاقل ظهور واحد من هذه المظاهر)

      ذكريات متكررة ومؤلمة (لحدث مستفعلة أو تلقائية)

      إحساس بالحزن الشديد عندما يتعرض لمواقف مقلقة التي تذكر بالحدث أو الخوف من الوقوع في (نصيح ضحية)

      انشغال وسواسي بالحدث والأشياء التي معه

      إحساس بإعادة معايشته التجربة الصدمية وكأنها تحضر في هذا الوقت.

      أحلام مقلقة أو قاموس متكرر يحدث أو الخوف من أن يصبح ضحية مرة أخرى.

      ألعاب متكررة والتي لها علاقة بالتجربة الصدمية لدى الأطفال

معيار –د-التحاشى: على الاقل واحد من هذه المظاهر الاتية:

بذل مجهود من أجل تعاني الصدمة تحت شكل تفكير ’أو إحساس أو صورة أو مناقشة تحاشي كل عمل أو موقف الذي يوقظ الذكريات أو الحصر traumatisme additionnelle  صعوبة في إستثمار(investir ) في كل النشاطات دالةsignification

معيار و- مظاهر حصرية –أو حسية (ظهور على الأقل2 من المظاهر الأتية):

•        صعوبة في النوم أو نوم متقطع.

•        صعوبة في التركيز .

•        رد فعل حسي في مواجهة المواقف التي تذكر بالحدث أو الخوف من أن يصبح ضحية من جديد.

•        شديد اليقظة إيجاد المؤثر المقلق .

•        رد فعل القفز الزائد.

•        خمول في الإحساسات الجسدية .

•        هيجان أو نقص moteur.

•        مزاج وسريع وكثير العنف.

كما هو موضح في   المخطط رقم4

ETM

حدث صدمي كبير

إدراك حسي

مرحلة تأثر

صدمة أولية

الهروب –اهتزاز دائما- المواجهة

مرحلة ما بعد التأثر

ما بعد الصدمة

نوع انطوائي                 نوع تعبيري

المخطط رقم4

ولذلك فلما تكون انفعالات الفرد وتفكيره مصدومة فإن السلوك سوف يكون مضطرب وسوف ينعكس ذلك على المحيط أو المجتمع (أنظر المخطط 04) ولهذا فإن التدخل السريع هو الحل ومن بين العلاجات الفعالة في حالات الحدث ما بعد الصدمة le débriefing وهو عبارة عن تقنية

للمقابلة العلاجية والذي يقوم به المعالج بعد مدة من الزمن بعد الحدث العنيف 24 سا إلى 72 سا  أو أكثر ولكن حتى الآن العلاجات الوحيدة الفعالة  هي العلاجات السلوكية والمعرفية  ونستطيع إدماجها مع نظريات التعلم الاجتماعي  لبنديرا 1977 وذلك حسب المخطط رقم5

مضطرب

تنشيط خارجي

المخطط رقم 05

إذن فعلم النفس المعرفي يهتم بالعمليات الفكرية والطرق العلاجية المعرفية تهتم فبتغير المشاعر والأفعال تأثر على البنية الفكرية l’organisme يعالج المعلومة (منبه) فهناك تفاعل بين الأحداث والجهاز العصبي المركزي حيث أن المعلومة تخزن في الذاكرة طويلة المدى، أتوماتيكيا وهي تحمل مجموعة من المكتسبات  عن العالم والادراك والانتباه والذاكرة هم ظواهر  تساهم في هذه المكتسبات.

ولذلك فإن أصحاب هذه  النظرية يقولون بأن ضحايا العنف الاجتماعي قد أصيبوا بعد الصدمة في بنيتهم الفكرية (المعرفية)  ولذلك فهم يحتاجون إلى علاج معرفي ، بحيث يحتوي البرنامج على :

1-      عرض للحادثة الصدمية المفروضة (صور، أفكار، إحساسات جسمية)

•        تمثيل السلوك المتوافق مع الصدمة

•        السماح لصورة الثأر.

•        التكلم في الصور الأوتوماتيكية (الاحساس بالذنب، نزوة للعالم الغير صحيح والمستقر وضرورة التأثر )

•        أخد عطلة بالنسبة للحدث  الصدمي (كيف يمكن أن ينبغي للخطط بنائي- بأنه موجود أين الصدمة تفقد مكانها المركزي.)

2- التحسيس بحركات العين:

هذه الطريقة تبحث في تأسيسها على تقديرات نوروبسيولوجية وهي عزل عدة أجزاء من المخ بعث تحركات العين مشركة بإحساسات الصور أو الأفكار المرتبطة بالمدى الصدمي هدفه هو إنقاص القلق تغير معرفي وذلك للرفع من تقدير الذات.

أولا: التحضير:preparations

•        التكلم حول الحدث الصدمي.

•        البحث عن صورة هادئة.

ثانيا: التقييم ويجرى على 3 مراحل :

•        وصف بصوت مرتفع الصدمة مع التركيز على صورة أو فكرة أي ظهور المعرفة السلبية التي هو مرتبط بها

•        ومن هذا التفكير في معرفة إيجابية وذلك من خلال صدق سليم voc     سلم التقبل للمعرفة الإيجابية

•        إعادة بناء تفكير الصدمة وبما فيها الاحساسات الجسدية، للانفعالات ، الصور، والأفكار وتقييم مستوى القلق.

ثالثا: إلغاء الحساسية

العميل يجب عليه أن تكون في مخيلته صورة ، المعرفة، الانفعالات والأحاسيس الجسدية المرتبطة بالصدمة، نبدأ بحركات العين ، وإلغاء الحساسيات وهي تتبع إصبع المعالج التي تتحرك من جهة إلى أخرى من مجال الرؤية  والحركات عددها 24-60 لمدة 12-30 ثا وينصح للعميل بالقيام بتنفس بعد كل مرحلة وملاحظة ما هي المستجدات وبعذ ذلك القيام بإعادة التركيز على الصورة المعرفة، الاحساسات، قبل البداية من جديد الحركات ونكمل لمدة 60 دقيقة.

رابعا: وضع معرفة إيجابية:

على المعالج ان  يقوم بوضع المعرفة الايجابية يطلب من العميل باشراك المعرفة الايجابية مع ذكريات الصدمة.

5- النهاية: إذا كان العميل مضطرب ننصح بالاسترخاء وحركات العين حتى يهدأ.

6- المتابعة: العميل يتلقى النصيحة ويعمل جريدة من أجل وصف ما يستخلص من هذه الحصة، وإعلامه  بأن هذا العلاج المعرفي للصدمة سوف يتبعه خارج أوقات حصص  العلاج.

الخاتمة:

إن التكفل النفسي بالمصدومين ضحايا العنف الاجتماعي أصبح حتمية ضرورية من طرف الاخصائيين، فالميدان يعتبر خطوة أولى تهدف إلى العمل النفسي العلاجي فيما يخص باثولوجيا الصدمات لأن غياب أو عدم التكفل المبكر خطورة تهدد الفرد والمجتمع، فالفئات الموجودة بمجتمعنا المصدومة هي من جراء العنف الضارب بجميع الأصناف ينتمون إلى النوع الارجاعي وهو القدرة على إتمام سيرورة الحياة.

إن التكفل النفسي حتمية ضرورية لعلاج المصدومين ضحايا العنف بالوسائل النفسية الحديثة.

المراجع

1-      فيصل محمد خير  الزراد – العلاج المعرفي السلوكي – دار العلم للملايين – الطبعة1- 2005.

2-      Les thérapies comportementales et cognitives – 3edition – masson- paris 2001.

3-      Serge nicolas- la psychologie cognitive – armand colin- 3edition- 2004.

4-      Michel dglercq, françois lebigot – tromatisme psychique – 2edition- masson- paris- 2001.

5-      http ://fr.wikipedia.org/ wiki/ traumatisme psychique

6-      http://fr .wikipedia.org/ wiki/ n%c3%a9vrose. Traumatique psychique

رأيان حول “الحدث الصدمي “استراتيجية التدخل ما بعد الصدمة””

  1. أود أن ألفت إنتباه القراء بشكل عام وبشكل خاص ضحايا مثل هذه الاعتداءت المؤلمة وكذلك كافة الجهات الخيّرة التي تختص برصدها ومعالجتها إلى الموقع الإلكتروني لـ ’مركز علاج الصدمات النفسية عن طريق الإنترنت’ في ألمانيا والذي يقدم خدماته باللغة العربية لمعالجة الضحايا مجانا
    ilajnafsy.org

  2. شكرا للاخ علاء لاخبارنا بامكانية العلاج عن طريق الانترنيت ilajnafsy
    أنا شخصيا جربت ذلك العلاج و استفدت منه كثيرا و الحمد لله تحسنت حالتي بشكل ملحوظ و انصح كل المصابين بالصدمات النفسية بالبحت على المساعدة في احدى الجمعيات المخصصة و التسجيل في العلاج النفسي عن طريق الانترنيت

التعليقات مغلقة.