الاساليب التشخصية والعلاجية فى مسائد الطرق الصوفية فى السودان

sudan5

الاساليب التشخصية والعلاجية فى مسائد الطرق الصوفية فى السودان 

( رؤية انتربولوجية فى مسيد ام ضوابان نموذجا )

مزمل عقاب

 

نشأة الطرق الصوفية في السودان

دخل الإسلام  الى السودان فى العام الحادى عشر من الهجرة ، الموافق 651 ميلادية

(بعد سقوط دولة المقرة عم البلاد شيء من الفوضى، وانقطعت صلتها بمصر، ومن ثم لم يعرف عن تاريخها شيء، ثم ظهرت مملكة الفونج، في أوائل القرن السادس عشر، حيث الروايات الشفاهية، تؤرخ لسودان وادي النيل ونتيجة لسقوط مملكة المقرة، تصدع الحاجز الذي كان يحول دون البدو عن طريق وادي النيل([1]).

في نهاية القرن التاسع الهجري، ظهر الداعية (غلام الله بن عابد) وجد البلاد تُعاني من تعطش ديني وجذب روحي، بعد تدهور الكنيسة، الأمر الذي جعل الكثيرين من أهل الكتاب، يتجهون نحو الإسلام الذي ساعد على انتشاره حماس مشائخ القرآن، الذين أقاموا الخلاوي لتدريس القرآن الكريم.

(في أوائل النصف الثاني من القرن العاشر، ولى الملك عمارة الشيخ عجيب المانجلك، ففي أول ملكه قدم الشيخ إبراهيم البولاد من مصر إلى دار الشايقية، ثم توالى العلماء من الأندلس ومصر، وبغداد، حيث جاء الشيخ تاج الدين البهاري، وأدخل طريق الصوفية في دار الفونج([2]).

وقام شيوخ الطرق الصوفية بإنشاء الخلاوي القرآنية والمسايد كأماكن للعبادة والعلاج، ونتناول فيما يلي تعريف المسيد ومن ثم نتحدث عن مسيد أم ضواً بان.

المسيد:

المسيد (لغوياً) هي معروفة عند الجمهور، فقد لحقها الإبدال، والإبدال معروف في لهجات العرب، وإبدال الجيم “ياء” معروف ومألوف في الماضي والحاضر، وكذلك يقلب بعضهم الياء جيماً، كقولهم يمل بدل جمل أو شير بدل شجر، إن كلمة مسيد تلقفها أهل السودان من أفواه المشائخ الذين توافدوا على السودان في وقت مبكر وأسسوا المسيد.

تطلق كلمة “مسيد” على المكان الذي يجمع مدرسة القرآن والمصلى والسكن فإذا اجتمعت هذه المناشط (الاستخدامات) الثلاثة كان “مسيداً”([3]).

وعند البدو الرحل في شمال كردفان تطلق كلمة “مسيد” على الرمل في بطن الوادي، أو الشجرة الظليلة، والمراد أنهم يعنون بكلمة “مسيد” المكان النظيف الطاهر، واشتهرت في بلادنا قرى كثيرة باسم “المسيد” فمثلاً، مسيد ود الفادني، مسيد بربر، وكذلك قرية المسيد بالجزيرة”([4]).

يجمع الشيخ في المسيد ما بين العلاج القرآني والتطيب بالأعشاب، والكي بالنار، والفصد بالموس، وأهم ما اشتهرت به المسايد في السودان، علاج الأمراض النفسية والعقلية، والتي تُعرف عند العامة “بالجن”، ولا يخلو المسيد من بعض الشيوخ الذين عالجوا هذه الأوجاع النفسية بمقدرة وثقة عظيمتين”([5]).

يستخدم الشيخ في العلاج، وسائل تقليدية هي، العزيمة، المحاية، الحجاب وهناك الضرب، والقيود بالسلاسل، والرجيم الغذائي، وهي أشبه بالعلاج بالإكراه في الطب النفسي، ومع وجود متسع من المكان والعدد الكافي من معاوني الشيخ، والنشاطات الجماعية والفردية المتنوعة بالمسيد، كلها تعين كثيراً في تنفيذ برامج العلاج بالتأهيل والعمل.

كذلك الأنشطة العلاجية “كالذكر” وإن مشاركة المريض في التلاوة والصلاة الجماعية ساهمت في المعالجة التقليدية، أضف إلى ذلك أن العلاج قائم على اختبارات القوة العقلية، وبعد العلاج يُعطى حجاب وهو وقاية ضد معاودة المرض. وفي المسيد فالجو العام يعين المريض على الشفاء، فكل شيء يعين المرضى، أصوات مرتلي القرآن وأصحاب الأناشيد وغيرهم([6]).

العيادة الشعبية :

وفي العيادة الشعبية يتم التشخيص والعلاج بواسطة الشيخ، والذي يستمد تأثيره على المرضى من سلطته الروحية، ومعرفته الشاملة بالدين، ولابد أن يكون شيخاً عالماً بأمور الشريعة والكتاب والسنة. هذا النظام هو نظام اجتماعي ديني، عرفه أهل السودان منذ القدم، والملاحظ أن الشيخ يستخدم في ممارسته العلاجية، جانباً تشخيصياً يعتمد على معايير تسبيب المرض النفسي في الطب الشعبي وهو في ذلك يستخدم إن جاز التعبير ذاك المنهج المستخدم في العيادات الحديثة، وهو دراسة الحالة التي تعتمد على منهج المقابلة، حيث يستمع بإصغاء إلى شكوى المريض، ومقابلة أقارب المريض ثم إصدار القرار العلاجي([7]).

اهتمام الشيخ بالمريض في جو روحي صافي، وإصغاءه له يدخل الطمأنينة على المريض، وهذا يعتبر جزء من علاج الشيخ، وتختلف الأساليب العلاجية من عيادة شعبية لأخرى، فقد يعالج أحد الشيوخ المرضى بالقرآن الكريم، في حين يعالج آخر نفس المرض بالأعشاب والقرآن معاً، أو يعالج هذا بالبخرة ويعالج آخر بالعزيمة.

وطرق العلاج في كل الأحوال تتفق، وقد يكون الاختلاف في الشكل، بمعنى أن أحدهم يستخدم آيات بعينها دون غيرها، ويستخدم آخر آيات أخرى، وفي العيادة الشعبية يكون العلاج بـ(الرقية، المحاية، البخرة، العزيمة والحجاب)([8]).

 

مسيدأم ضواً بان( مجتمع الدراسة ):

أوقد نار القرآن وبدأ التدريس الشيخ العبيد ودبدر، في منطقة النخيرة التي تبعد 4 كيلو متر عن المسيد الحالي. كان الشيخ ود بدر ينزل من قرية النخيرة ويصعد حوالي 20 سنة، وكان تلاميذه يردون النيل ببهائمهم بمُشرع المحس بالقرب من العيلفون، ثم يصدرون جهة الشرق بضع كيلومترات، وكان بالمكان شجرة الطندب يسكها ذباب “النحل” وحول “الطندبة”. وكان الشيخ ود بدر يشير عليهم بأن ينزلوا سهل النخيرة “أم ضبان” وصاروا يترددون على المكان إلى أن ألفوه، وطاب لهم المقام وحفروا (الحفير) ثم تساقطت شجرة الطندب، وبادت، وبقي اسمها فقط، وصار الناس كلهم يقولون (أم ضبان) نسبة للشجرة آنفة الذكر.

ثم حقيقة أن المشائخ الذين أسسوا المسايد والخلاوي، عرفوا بالزهد والتقشف لذا عمدوا إلى تسمية أنفسهم بأسماء تدل على الزهد وإنكار الذات، وحتى لا يتصف المكان بالقدسية، من هنا سمي العبيد ود بدر بأم ضبان.

هذا واتسع المسيد بعد أن كان بضعة ألواح وخلاوي صغيرة، إذ تحول الآن لتصبح مدينة تضم مباني ومدارس ومجالس إدارية، وأندية ومعاهد تجويد.

وتم اختيار مجتمع الدراسة للآتي:

  1. المسيد مركز علاج نفسي تقليدي، يضم عدد من الشيوخ المعالجين للأمراض العقلية والنفسية.
  2. محاولة معرفة آراء واتجاهات المعالجين نحو المريض والمرض والوقوف على طُرق التشخيص والإجراءات العلاجية.
  3. تهدف الدراسة الاثنوغرافية إلى معرفة العلاقة التبادلية مع الطب النفسي الحديث والطب النفسي التقليدي.
  4. ما هي الوسائل المُساعدة على العلاج، ونقصد هل يستخدم الشيوخ ذات الوسائل في الطب النفسي الحديث، مثل العلاج بالعمل أو العلاج بالموسيقى وغيرها من الوسائل العلاجية بالمسيد إن وجدت.

 

تشخيص وعلاج الأمراض العقلية والنفسية   :

 

أولاً: الأساليب التشخيصية

تمثلت تقنيات التشخيص التي استخدمها المعالجون الشعبيون في السودان أنواع عديدة من أساليب التنبؤ بالغيب أو العرافة، زيادة على التشخيص بالملاحظة البسيطة، والخبرة لعدد كبير من الأمراض، من تلك الوسائل المستخدمة في التشخيص:

(خت الودع) المعروفة كممارسة في التنبؤ بالطالع، ومعرفة العلة، وهناك (خط الرَّمُل) ويمارسه الخطاطي أو الرمالي، ويضرب الرمل في وقت معين من اليوم، حيث يقوم التشخيص بوضع الأصبع الأوسط، في الأرض مردداً في سره الغرض الذي يريد استطلاعه، و(خط الرمل) معروف في كل السودان المسلم، وينتشر في الشمال، وأواسط كردفان، مثل قبائل المحاميد والتعايشة.

أضف إلى ذلك من وسائل التشخيص في السودان (الخيرة) والتي عن طريقها يسأل (الفكي) الله عن علاج المرض بـ(فتح الكتاب) حيث يأخذ اسم المريض، أو صاحب الحاجة، واسم أمه، ثم يردد (بسم الله) سبعة مرات ثم يفتح الكتاب ليقرأ، في الصفحة التي يصادفها الإجابة.

إن المعالج الشعبي شخصية محورية في كل المجتمعات، وله مكانة ولكل قبيلة أو جماعة عرقية طبيها أو حكيمها (الكجور) حكيم النوبة، و(الفكي) حكيم القرية في السودان المسلم.،هؤلاء المعالجون لهم مكانتهم في المجتمع، إذ يقومون بحماية المجتمع من الأخطار الخارجية

دورهم الاجتماعي في المجتمع، فمهمته ليست محدودة بمعالجة المرض فقط، بل هناك أعمال أخرى يحتم دورهم الاجتماعي القيام بها) ([9]).

ومن الممارسات الاجتماعية التي ترتبط بالمعالجين، زيارة الأضرحة والنذور، والتحدث بكرامات الأولياء، والمشائخ والإيمان بها، والاستعانة بها في قضاء الحاجات وشفاء الأمراض، وكتابة الأحجبة لمنع الأذى، وحمايتهم من الشرور، كما تشمل  هذه الممارسات إقامة الموالد للأولياء، والاشتغال بها، والمداومة على قراءة الأدعية والأذكار، وإقامة حلقات الذكر وغيرها.

 

ثانياً: الأساليب العلاجية

من جنس السبب يكون العلاج، فأسباب المرض إنَّ كانت روحية أو نفسية أو مادية، فيحتم العلاج بالجانب السحري أو الديني.

وتشتمل الأساليب العلاجية فيما تشمل (العزيمة) .. (المحاية) وكتابة (الأحجبة) (البخرات)، ويقوم بها الفكي، وتشمل أيضاً (البخور) و(الرقص) في حفلات الزار وممارسات الكجور السحرية والطقسية.

يبدأ الفكي في وسائل علاجية بالضرب، مستعملاً أغصاناً من شجر النخيل، كتبت عليها بعض آيات من القرآن، وبعضاً من الكلمات والأشكال، ثم العلاج التدريجي بالأعشاب (التسعيط)* وهي أن يمضغ المعالج حفنة من حبوب الكمون الأسود، ويبللها بلعابه، ثم يحشر هذه العجينة في أنف المريض، أو يضيف إليها بعض السمن، وعندما يشفى المريض، يكتب الفكي للمريض بعض (الحجبات) التي يلبسها ليعزز علاجه (كوقاية) وخوف الإصابة مره أخرى.

ثم تجري اختبارات للمريض لمعرفة الإدراك الزماني والمكاني وملاحظة حركة المريض والحالة المزاجية، ويتم أثناء ذلك عمل (العزيمة).

وقد تكتب (بخرة) يتم إحراقها، ليستنشق المريض أو المصاب بالعين دخانها المتصاعد، اعتقاداً بأن الدخان يحوي داخله مفعول الكلمة المكتوبة.

وقد يستخدم (بخور التيمان*)، ويصاحب ذلك بعض الأدعية، مثل (التخريجة*)، والتي تُعرف أحياناً ببخور التيمان، وتنتشر التخريجة وسط السودان النيلي مع الاختلاف في بعض المضامين.

ومن الوسائل العلاجية (العزيمة) وهي أن يقوم الفكي، بقراءة آيات قرآنية، وبعض الرقي سراً، مع وضع يده على رأس المريض، ومن ثم يتفل كوسيلة لنقل البركة، وتستخدم في علاج الأمراض العقلية والنفسية، والجسمية أيضاً.

وهنالك (البخرة) التي تُمارس في أوقات معينة، يحددها المعالج، كأن تكون قبل المغيب أو عند الفجر، وهي ورقة بيضاء يكتب عليها آيات قرآنية مع بعض الرموز المعروفة للفكي، ومن ثم تُطوى على شكل مربعات أو مثلثات، وتُعطى للمريض، وهي تستخدم في حالتي العلاج والوقاية، وتُحرق (البخرة) بمصاحبة (لبان البخور) (العنبر) أو المستكة، والمريض هنا يستنشق الدخان المتصاعد، وقد ترافقه أدعية علاجية (كالتخريجة مثلاً)، والاعتقاد هنا في قوة الكلمة، التي يعتقد أن أثرها يمتد باستنشاق الدخان.

(المحاية) وهي كتابة آيات قرآنية على لوح خشبي، وتكتب بالحبر (العمار) على اللوح، ثم تُمسح بالماء، ويُعطى المحلول للمريض، والبعض يكتب بالعسل في الصحن، ثم يمحي، وأحياناً على العروق النباتية، ثم تُغلى.

وإذا كانت الإصابة بالعين (العين الشريرة) فإن الممارسة تأخذ شكلاً مُغايراً، وهي في أغلبها طقوس علاجية، يتدخل فيها جانب سحري وآخر ديني.

ويتم علاج الإصابة بالعين، يأخذ قبضة من (أتر) المعين. أو جزء من شعره، أو أي شيء من متعلقاته، وتُحرق مع الشّب والأعشاب والبخور، وتوضع على المبخر، بعدها تمتص كتلة الأعشاب والبخور والشب العين الشريرة، ويجب إتلافها بالقذف على طريق صحراوي، أو في النهر، مع الاحتراس أن لا يراها حد.

 

 التحليل الانثربولوجى

إن الشيوخ لديهم تقسيم للاضطرابات النفسية، كما هو في التقسيمات النفسية، حيث يتبع الفكي، لتشخيص الاضطرابات الواردة إليهم طريقة الأعراض والعلامات، حيث هناك، نسب متفاوتة في تشخيص بعض الاضطرابات، في تشابه الشخصيات المستخدمة لدى الطبيب النفسي مثال ذلك استخدام الشيوخ جمع عدد أرقام.

إن تشخيص الإصابة بتلبس الجن تعتمد كلياً على العلامات الظاهرة على المريض مثل عدم إدراكه لكونه مريض، غرابة تصرفاته، أو كلامه بطريقة غير مفهومة أو غامضة، بالإضافة لمظهره الذي يتسم بالاتساخ وخلع الملابس وعدم الاهتمام بنظافته الشخصية.

يقوم التشخيص بمعرفة المعالج بالمسببات والتصنيف للأمراض، من خلال الأسئلة المنتظمة للمريض أو المرافق، أو من خلال معاينته أثناء المقابلة وملاحظة العلامات وطريقة السلوك، مثل الصمت، الحركة الكثيرة، الاهتمام بالنظافة أو غيرها، أضف إلى ذلك طرق أخرى في التشخيص مثل الخيرة وفتح الكتاب، ويعمل الشيخ على معرفة التاريخ المرضي، ومعرفة تاريخ الأسرة المرضي، ويساعد في ذلك المقابلة ودراسة الحالة في الطب النفسي ومحاولة تحديد أسباب المرض.

إذن يقوم المعالج التقليدي بدور الأخصائي النفسي والاجتماعي والطبيب النفسي.

هذا المدخل الواسع في التشخيص يشابه التشخيص الحديث في مجال الأمراض العقلية والنفسية.

إذن طرق التشخيص مختلفة، رغم ذلك يستخدم المعالج التقليدي نوعاً ما تصنيفاً موحداً لكل مجموعة الأمراض والعلامات سواء عضوية أو نفسية.

يستمد المعالج التقليدي من القوة الروحية وإقناع المريض بفاعلية العلاج ويقوم العلاج على المريض نفسه وأهل المريض والمرافقين، والمجتمع.   إن المستشفى أنسب مكان لعلاج المرضى الذهانيين، والعيادات الشعبية أنسب مكان للمرضى العصابيين، ويتفق الاثنان، في عدم احتجاز المريض العُصابي.

إن المسايد تتفق مع المستشفيات في مبدأ الحجز القسري للذهانيين، بينما تختلف المناهج العلاجية المستخدمة.

إن ثقافة المجتمع الدينية تُساهم بقدر عالي في التقبل الاجتماعي، لأساليب العلاج النفسي التقليدي، وإن توافق المرضى مع الشيخ، هو مصدر العلاج للمشكلات النفسية والاجتماعية.

إن الثقافة الصحية الشعبية، تحتوي ومؤسسات شعبية مماثلة لمؤسسات الطب النفسي في معالجة المرض العقلي والنفسي.

يؤسس العلاج بالطقوس فى مؤسسات الطب التقليدى- المسيد (الخلاوى) على مجموعة من الرموز والمعتقدات، ووفق ثلاث أسس علاجية:-

أ/ محاولة المعالج بناء وشعور بالأمان لدى المريض، ويشابه دور الطبيب النفسي في إحساس المريض بالراحة والأمان بالتالي إرساء أسس المعالجة.

ب/ أهمية شعور المريض بالثقة في المعالج التقليدي، ويدعم ذلك بواسطة الاعتقاد في المعالج، ذات الأمر عند الطبيب النفسى.

ج/ يعمل المعالج التقليدي على اطلاع أسرة المريض على خطة العلاج، ونوع الاضطراب، وكيفية التعامل معه، لدعم المريض ومساندته.

ذات الأمر للطبيب النفسي، إذ يضع خطة العلاج، مع التيم العلاجي، وبمعرفة الأسرة أو المرافق، ويشرح نوع المرض والأعراض وكيفية التعامل مع المريض.

يستخدم المعالج التقليدي عدة وسائل مساعدة على العلاج، مثل القيام ببعض الأعمال في داخل المسيد.      والعلاج بالعمل والوسائل المساعدة في العلاج النفسي، وهي وسيلة تعبير تهدف إلى شغل وقت المريض، والمساعدة في عملية التشخيص والعلاج والتأهيل.

وقد أثبتت الدراسات فاعلية العلاج بالعمل في حالات الاضطرابات الجسدية الشكل كما يساعد في التعبير عن المشاعر، والتركيز والانتباه، وإسقاط الكبت والإحباطات النفسية، وإعادة ثقة المريض في نفسه وعدم الشعور بالدونية ([10]).

(الأذكار وحضور المدائح) وسائل ترويحية، تحمل وإرشاد وتوجيه، تشابه (الإرشاد النفسي) الجماعي، إذ أن المشاركة الجماعية في الأداء، تحرر المريض من التوتر والملل، كما تساعد على سريع العلاج، وهو يشابه أيضاً (العلاج بالمنزل) القائم على الأسرة، أضف إلى ذلك أن المديح والأذكار تقابل (العلاج بالموسيقى) في الطب النفسي.

إن تداخل العلاقة بين الطب النفسي الحديث والطب النفسي التقليدي أدى إلى تدريب الكوادر العاملة داخل المسايد على أسس الصحة النفسية الحديثة.

إذ اًن هناك تعاون مستمر أدى إلى إنشاء عيادات نفسية داخل المسايد. عليه إن أشكال العلاج النفسي المستخدمة في المسايد والعيادت النفسية يوازي ما هو مستخدم في طرق العلاج النفسي المستخدمة في مراكز الصحة النفسية الحديثة، وقد يمارس العلاج النفسي التأهيلي والإرشادي، بالإضافة للعلاج الإيحائي وبالتالي الشفاء ((1).

ومن الوسائل العلاجية ، علاج (المربوط): المضطرب جنسياً يعالج بواسطة الفكي، ولعل ذلك يرجع إلى ارتباط هذا المفهوم أو المسمى (المربوط) بالمعالج التقليدي، وهذا لا ينفي قدرة الطبيب النفسي كمعالج للربط أو العجز الجنسي، وهنا يندرج الربط تحت إطار الطب النفسي التقليدي.

الاعتماد على البخرات والمحاية العزيمة كوسائل علاجية من ضمن الوسائل المستخدمة في علاج الأمراض العقلية والنفسية والنفسجسمية هناك، الجلد بالسياط والقيد بالسلاسل والصوم (الرجيم الغذائي)، والأعشاب و(البخور) و(الكمون).

أضف إلى ذلك (الحجاب) كوقاية وعلاج، مثال حجاب الحرامات للطفل حمايةً من الجن، وحجاب (أم الصبيان- العهود السليمانية). وهناك طريقة (قطع الخاتم) “راجع الملاحق”.

استخدام (الذكر والمدائح) كوسائل علاجية، “راجع الملحق” وهي شبه العلاج بالموسيقى في الطب النفسي، أضف إلى ذلك مشاركة المرضى، في العمل داخل المسيد، أشبه بالعلاج بالعمل في الطب النفسي، وهي وسيلة تؤدي إلى شعور المريض بالثقة في النفس والذات، بالتالي يُساهم في علاج المريض.

إن الأمراض النفسية والعقلية مهدد لكل مكونات البناء الاجتماعي من أنساق ونظم اجتماعية وثقافية؛ من هنا أهمية علاج الأمراض بفهم الثقافة الصحية الشعبية للمريض والمرض (… تحليل الاستجابات الثقافية والاجتماعية للمرض، وذلك بدراسة وتحليل إدراك الناس لأعراض المرض أو الأمراض، ودراسة العوامل الاجتماعية مثل العادات والتقاليد والمُعتقدات التي تؤدي إلى الأمراض، ودراسة مستويات العلاقات الاجتماعية…) ([11]).

إن أرقام المرضى الذين يدخلون المستشفى تشير إلى مظهر واحد فقط من مظاهر حجم مشكلة المرض العقلي.

إن ارتفاع معدلات المرض في المناطق الحضرية، يرجع إلى حقيقة المرضى الذهانيين تسهل ملاحظتهم في المدينة ويمكن حصرهم بسهولة في المستشفى.

إن أسباب المرض موجود في علاقة الإنسان بالبيئة من حوله وعلاقته بالآخرين.

اللجوء إلى الطبيب التقليدي بعبارة عن نسق تشخيصي وتفسيري للأمراض، مما يؤدي إلى تكيف الأفراد مع البيئة العلاجية (أساليب تشخيصية وعلاجية).

 

المراجع: 

([1]) الطيب محمد الطيب، المسيد، الطبعة الثالثة، 1990م، ص 37 وما بعدها.

([2])الطيب محمد الطيب، المسيد، المرجع اعلاه ، ص 39 وما بعدها.

([3]) الطيب محمد الطيب- نفس المرجع م، ص36.

([4]) الطيب محمد الطيب، نفس المرجع أعلاه، ص 37.

([5]) الطيب محمد الطيب، نفس المرجع أعلاه، ص 38.

([6]) الطيب محمد الطيب، مرجع سبق ذكره، ص 28.

([7]) محي الدين كالو العالم، الطب الإسلامي العقلي- النفسي، الطبعة الأولى، 1992م، ص 34.

([8]) محي الدين كالوالمرجع اعلاه ه   ، ص 35.

([9])محمد الجوهري: الفلكلور: ج2، دار المعارف ، القاهرة ،الطبعة الاولى ، ص 484.

* للمزيد عن التسعيط راجع: د. أحمد الصافي: الحكيم مطبعة السودان للعملة المحدودة ص 234

 

* الحجاب: ورقة كتب عليها آيات قرآنية، أو بعض أسماء الملائكة وبعض المعادلات والأسماء وتطوى الورق بطريقة معينة، وتغلف بالجلد أو النحاس أو الفضة، وهي متعددة ومتنوعة.

 

([11]) غريب سيد أحمد (مترجم) دراسة المشكلاات الاجتماعية (ب ت )ه  ص90.

 

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.