الأنثروبولوجيا.. سلاح أمريكا الجديد

أكد ديفيد برايس أستاذ مساعد الأنثروبولوجيا في جامعة “سينت مارتن” في واشنطن، في مقابلةٍ صحفيةٍ أجرتها معه إذاعة New Democracy رفضَه القاطع الانضمام إلى برنامج Human terrain system (التضاريس البشرية، الذي أطلقه البنتاجون في سبتمبر الماضي ورصد مبلغ 40 مليون دولار أمريكي لتغطية تكاليفه، والهدف المعلن لهذا البرنامج هو توظيف حاملي الشهادات العليا في علم الإنسان (الأنثروبولوجي) في صفوف الجيش الأمريكي وبرواتب مغرية، تبدأ من 100 ألف وقد تصل إلى 300 ألف دولار سنويًّا بمهمة توعية الجنود الأمريكيين بعادات وتقاليد شعبي العراق وأفغانستان.

ويقوم هؤلاء الأنثروبولوجيون بزيارة السكان المحليين والتحدث إليهم كما يفعل ذلك البروفيسور ماسودا حاليًا في العراق؛ حيث يقول- وفقًا لما نقلته صحيفة (ناشيونال بوست) الكندية: “جئت إلى هنا (العراق) لأنقذ أرواح الناس ولأصنع من الأعداء أصدقاء”.

ولقد أثنى الجنود الأمريكيون على هذا البرنامج الجديد؛ حيث قال أوكلاندر مندوب قائد إحدى الفرق الأمريكية في العراق: “إن هذا البرنامج ساعدنا في التأكد من أننا نتعامل مع أهل البلد بطريقة تجعلهم يفهموننا”، كما ذكر جنود ينتشرون في منطقة شمال شرق بغداد أن تلك المنطقة تحوَّلت من أشد المناطق عنفًا إلى واحدة من أكثرها أمنًا مع نهاية عام 2007م، وأرجعوا الفضل إلى علماء الأنثروبولوجي مثل ماسودا، الذين يعملون على كسب قلوب الناس.

أما الهدف غير المعلن لهذا البرنامج فهو استخدام هؤلاء الأنثروبولوجيين من أجل جمع معلومات وتحديد أماكن جيوب المقاومة والمتعاطفين معها، ولهذا فقد شجبت “الرابطة الأمريكية للأنثروبيولوجيين” هذا البرنامج ورفضت التعاون معه: قائلةً إنه من الممكن أن يتضمن تجاوزًا للأخلاق، وتعريض سمعة المهنة للخطر، وأسوأ من ذلك احتمال أن يصبح من تَمَّ التحدث إليهم من السكان المحليين أهدافًا عسكريةً.

بالإضافة إلى ذلك ذكر البروفيسور ديفيد برايس أن ما يُثير الشكَّ هو ربط أشخاص في البنتاجون بين هذا البرنامج وبرنامج آخر مشابه “الكوردز”، تم تبنِّيه في الحرب الفيتنامية، واستخدامه لرسم خريطة توزيع سكان فيتنام؛ من أجل التعرف على الأفراد والمجموعات المشتبه في تعاطفها مع حركات المقاومة آنذاك، والتي كانت هدفًا للاغتيال، وقد كان للأنثروبيولوجيين آنذاك دور كبير في توصيل المعلومة عن المقاومين.

كما أكد برايس أن بعضهم كان يعطي معلوماتٍ تساعد الجيش الأمريكي في مكافحة المقاومين؛ حيث وصل عدد الذين تم اغتيالهم تبعًا لذلك- بحسب الإحصاءات التي أوردها ديفيد برايس- إلى 26 ألفًا من المقاومين.

وتحدث برايس أيضًا عن الميثاق الذي وقعه 11 من الأنثروبيولوجيين قالوا فيه “لسنا بالضرورة ضد العمل مع الجيش الأمريكي، ولكننا نرفض التورُّط في عمليات مكافحة التمرد أو في عمل يؤدي إلى انتهاك أخلاقيات إجراء البحوث، ونحن نناشد زملاءنا أن يقفوا إلى جانبنا في رفض استخدام الأنثروبولوجي لتحقيق مثل تلك الغايات”.