أبعاد الغرامشية والنضال – تجربة محمد القاسمي نموذجا

أبعاد “الغرامشية” والنّضال: تجربة محمد القاسمي نموذجا – الفنّان المثقّف الّذي قاوم التشتيت والتّدمير بالفن

بقلم: د. زينات بوحاجب

إنّ أشدّ ما أثار اهتمامنا في المقاربة “الغرامشية”، هو التنظير إلى خطورة المخلفات التي تنحدر من اوضاع سياسية اجتماعية واقتصادية متردية، إذا ما اعتبرنا أنّ المخلّفات هي كلّ ما ينفصل عن المنتوج الثّقافي الإيجابي  المندرج ضمن المتن التراثي المحلي ومن ثمة الإنساني بصفة عامة.

ولعل ما شدّنا أكثر إلى مثل هذه النّظريات، ما يشهده العالم حاليّا من عتامة وقتامة تطفو على السّاحة المجتمعيّة العربية بصفة خاصّة. وهذا ما لا ينفي توضّح الرّؤى عند عدد من المثقّفين الّذين يرون في انفسهم قاطرة قدرها أن تجرّ مجتمعاتها –على ثقل الحمل الذي تعاني منه هذه المجتمعات ونسبة الجهل والفقر والتهميش والتبعية- إلى ركب الحضارة، هذا بالإضافة إلى ظاهرة نعتبرها طارئة عليها (على المجتمعات) وهي “الكسل الذّهني” وتفضيل الإبقاء على  الجهل عوضا عن الإدراك والفهم والتّأويل والاجتهاد والشّروع في التّغيير.

 تقوم نظرية “المثقف العضوي” عند غرامشي  على التأسيس لمشروع الإصلاح الثقافي والأخلاقي، الذي لا ينفصل عن القاعدة الاجتماعية والاقتصادية، إذ ينخرط المثقف في النّسيج  المجتمعي لمعايشة مشاغل الأفراد وآلامهم ومعاناتهم ومن ثمّة يحاول تغيير هذه الأوضاع  بإيصال صوتهم إلى مختلف الشّرائح والطّبقات، ليضمن تسجيل لحظة من لحظات المجموعة. تضمن عمليّة  تأويل  الأوضاع السّوسيو-اقتصادية أوّل الخطى نحو الاصلاح والتّغيير:  يتساءل غرامشي «هل يمكن تحقيق إصلاح ثقافي، أي الرفع من المستوى “المدني” للشّرائح الاجتماعية الدّنيا، دون إصلاح اقتصادي سابق وتغيير في الوضعيّة الاجتماعية والمستوى الاقتصادي»[1]

1- الواقع والحاجة إلى البركسيس وإلى المثقف العضوي

 نعتقد أنّ الحاجة إلى المثقف ما زالت حاجة قائمة وملحة، بل ما فتئت تشتدّ تعاظما بانحدار الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على إثر ما يسمّى بـ”الربيع العربي” الذي أنتج تمزّقا اجتماعيا رافقة تدهور الأوضاع الاقتصادية وهشاشة على المستوى السّياسي، مما شلّ “الكيان العربي” سلطات وشعوبا، ثقافة وسياسة. ولا نعتقد أن المثقف العربي مطالب بأن يقوم بدور الدّاعية الإيديولوجي، ولا بأن يقتصر دوره على رجع الصّدى أو التّحول إلى بوق يردّد الخطابات السّياسية للسّلطات، أو معارضا سيزيفيا ينوب الطّبقات الاجتماعيّة المهمّشة أو البروليتاريا في صياغة مطالبها والدّفاع عنها، ولكنّنا، وفي المقابل، نرى أن المثقف -وخاصة في المجتمعات العربية والمغاربية – حيث  لا خيار له سوى أن يتقن حرفته كصانع للأفكار التي قد تفيد “الشّعب”، أن يساهم في ايجاد الحلول والاضطلاع بدور المصلح والباعث لروح التّنوير والوعي، من أجل ذلك تظلّ نقطة تحيين مسؤوليّة المثقّف في الالتزام بقضـايا مجتمعه الحارقة.

هذه المقاربة الغرامشية ومن ورائها الفكر الماركسي وجدت حيّزا من الاقبال عند الفنان المغاربي محمد القاسمي ذي الميول اليسارية والمتمرد على السّلطة والواقع والتّراث وعلى كل ما يكبح جماح المبدع الهائج الذي يحتويه ويتماهى معه.

Qas_03
الفنان المغربي محمد القاسمي (فيفري 2003)

تنبني تجربة محمد القاسمي على آلية رئيسية وهي التمرد والنسيان وتجاوز كل البديهيات وليس غريبا أن يتبنى الفنان مقولة ابن عربي” : “لكي تكون نفسك أُمح ما كتبته وانس ما تعلمته“. من أجل تحقيق هذه الآلية الرئيسة وظّف محمد القاسمي آلية ثانوية تضمن حدوث الأولى ونتحدّث عن آلية الترحال وتلمس الأشياء وتحويلها إلى أغراض إستطيقية ومعايشة الموجودات والطوارئ بامتلاء، ليبدع في روحها. وفي هذا الاطار كان الترحال بالنسبة للفنان آليّة لمعرفة ذاته من جهةٍ أولى : إذ يعتقد الفنان أنّ لا مجال للخلق والإبداع إلاّ بعد أن يستوعب كل فرد خارطته الجينية التي تحدد حقيقة “هويته الثقافية” بمعزل عن الصورة التي يقدمها عنه غيره، فيقول مثلا :”لا يمكن لأحد أن يكون هو-هو إذا لم يتمكن من إدراك كنهه الثقافي[2]، ويؤمن الترحال، من جهة ثانية، آلية محمد القاسمي من أجل تملّك أنساق التغيّرات العالمية وارهاصاتها، فبقدر ما تبدو نواظم العالم معقّدة متشعّبة وبقدر ما يسيطر التداخل والتناقض على العناصر المكونة لهذا الواقع، يتفاعل المثقف إيجابيا مع هذه التغيرات حتى يكون قادرا على مطاوعتها وعدم التكسّر على عتبات تبدّلها والاندثار أو الانحصار بين صلابة مكوناتها . وأما الجهة الثالثة والتي يعالج من خلالها الفنان محمد القاسمي مسائله الفكرية والفنية منها تحديدا، فهي توظيف الترحال باعتباره آلية من أجل التغيير والاصــلاح، لا سيّما وأنّه أعلن بوضوح عدم اكتفائه بدور ناقل صور الواقع والمحاكي لها بطريقة أو بأخرى موضحا أنه يطمح إلى المرور إلى دور المبدع وصانع الأفكار والممارس للأبداع التصوري والشعري وما إلى ذلك من فنون شتى دأب الفنان على اتيانها دون انفصال ذاته المبدعة عن لأحد هذه الضروب الإبداعية عن ذاته المنتجة لأنواع أخرى من الفنون.

2- المنهج الغرامشي في التّصوّر الفنّي لدى “القاسمي”:

علاوة عن هذه المقاربة الماركسية في تعاطيه مع تجربته الفنية يلتقي محمد القاسمي مع الغرامشية في مستويات  عديدة يمكن حصرها في اربع نقاط:

  • معاداة سطوة الرّأسمالية: يعتبر غرامشي من ألد خصوم التغول الرأسمالي وسيطرته ليس فقط على الساحة السياسية والاقتصادية بل وعلى الثقافة والمسائل الاجتماعية أيضا، من أجل ذلك قسّم الدولة إلى أجهزة تصب جميعها في خندق القمع والسيطرة، فمنها ما يصوغ التشريعات ومنها ما يطبق هذه التشريعات وينفّذها لكي تسيطر الطبقة العليا على بقية الطبقات، وتتكون أيضا من أجهزة تغلب عليها الايديولوجيات لتضمن رضى الطبقات الأخرى، ويؤمن هذا كلَّه المثقفون عن كل طبقة لتبسط هيمنتها عبرهم، فالمثقفون يشكلون “الاسمنت العضوي” الذي يربط بين بنيته الاجتماعية. عوقب انطونيو غرامشي بسبب أفكاره ودفاعه عن البروليتاريا وأوضاعهم المزرية ولتحميله الطبقة الرأسمالية المسؤولية المباشرة وتردّي هذه الأوضاع بعشر سنوات في سجون الفاشية الايطالية، ثمّ توفي بعد خروجه من السجن وهو في عز الشباب. حوصرت أفكاره ومقالاته العديدة بما تحتويه من دعاوٍ إلى ضرورة تثقيف المجتمع واستثارته عبر التنظير لمشروع إصلاحي ثقافي وأخلاقي أيضا. وفي نفس السياق تمرّد محمد القاسمي على متن التراث على اختلاف مشاربه، معلّلا ذلك بلا ملاءمة  الحلول التراثية للقضايا المعاصرة، بمعنى أنّ الحلول التراثية أصيلة عن الزمنية التي أنتجت في خضمّها، في هذا الإطار تندرج رغبة الفنان المنظر محمد القاسمي في القطع مع القديم ببديهياته ومعتقداته وقواعده، فيقول مثلا: “يجب أن تكون لدينا الجرأة والذّكاء، في لحظة من لحظات التاريخ، لمساءلة بعض الأفكار الدغمائية والتخلّص منها، لكي نتجاوز الظروف الموضوعة والمتكلّسة منذ قرون.”[3] يتمادى محمد القاسمي -وهو الفنّان المنحاز دائما إلى الطبقات الفقيرة والمهمشة- في تمرّده فينسحب رفضه حتى على الواقع، فكان مثقفا جريئا لا يخشى في مطالباته بحقوقه المدنيّة لومة لائم، فأمّا نشاطاته في الإطار رابطات حقوق الانسان فقد رافقتها نصوص صريحة وموجهة يستنكر من خلالها تهميش المثقّف أو الفنان المغربي فضلا عمّ يلقاه الانسان العادي من هضم لحقوقه المدنية في البلاد العربية والمغاربية على وجه التخصيص من: “إن الفنّانين المغاربة مهمشون محسوبون على البروليتاريا، ما دامت طلباتهم لا تلقى أبدا استجابات ومادامت نداءاتهم لا تلق أي إنصات.”[4]

إنّ ما تعيشه المجتمعات المغاربية من هيمنة للرأسمالية حتى يومنا هذا يشير بما لا يترك مجالا للشك إلى أن حركة المقاومات الثقافية ما تزال ترضخ لقوى تحول دون قيام فكر إصلاحي متماسك يؤسس لمشروع كامل وشامل، رغم مساعي مفكرين عديدين على غرار محمد القاسمي، من بينها تكلّس الأفكار واعتماد البديهيات كحقائق مطلقة لا تقبل المساءلة ومن أجل ذلك تحدّث غرامشي بإطناب عن ضرورة أن نسائل كل المعارف وندحض الأحكام المسبقة. وفي روح فكر غرامشي قدم محمد القاسمي أعماله التشكيلية، وهي نقطة التشابه الثانية بين المنظرين.

  • تثوير الفكر وتقويض الشّعارات الزّائفة: يعتقد انطونيو غرامشي أن أكبر مكبّل للفكر والابداع هي تلك المعتقدات والتقاليد التي تتقدم كمعرفة مطلقة ونهائية لأنّها تُدخِل العقل البشري في حالة خمول وخضوع إلى رغبات من يمتلك سلطة التشريع والتنفيذ وكلها سلطات موَظُّفَة من اجل احكام السيطرة وفرضها على الأفراد، ومن ثمة المجموعة ككل. وفي ذات السياق يعلن محمد القاسمي فقر الحلول المستهلكة للنجاعة،  مُتبرّئا من الوقوف على أطلال الأجداد مستجديا منها الأفكار والإلهام، فيقول: “يجب علينا أن نعبّر، أن نبدع عوضا عن أن نبقى مشدودين إلى آبائنا وإلى الأموات…يجب أن يعيش فنّنا مثلما نحن نعيش في الهنا واللحظة.”[5] ولا تتوقف الغرامشية عند تقويض الأفكار المسبقة والمهترئة، بل تقدّم مشروعا إصلاحيا متكاملا يقوم أساسا على فكرة التمييز بين المثقف العادي و”المثقف العضوي” وهو الناشط القريب من افراد مجتمعه والمعايش لحياتهم بما تحمله من مشاغل وتناقضات وانفعالات، مبيّنا أنّ المثقّف الحقيقي هو من يؤسّس للبراكسيس بما هي مطابقة بين الجانب التنظيري والممارسة فيوظّف هذه الأخيرة داخل المجتمع ليغيّر والوضع ويبدّله إلى ماهو أفضل. وبذات المنطق يقدم محمد القاسمي تجربته الفنية باعتبارها انصهارا بين الفنان وفنّه والفنان وهويته الثقافية بما فيها من تثاقف، يراه مثرٍ، وبماهي تواصل بين الماضي والحاضر، يقول الفنان:” إن المبدع في المغرب الأقصى يجب أن يقوم بعملية ذهاب وإياب بين الحاضر والماضي، الشّيء الذي يحمله إلى أن يسمو بوضعيته[6]. كانت الممارسة الفنية التشكيلية بالنسبة إلى الفنان محمد القاسمي وسيلته للتعبير ولإبداع الأفكار واكتشاف ذاته والأخر، كما شكّلت السبيل الذي سيفضي  به إلى لغة عالمية يفهمها كل من فتح مجالات الحوار والتبادل الايجابي. ولم ينس محمد القاسمي انتقاد كلّ ثقافة أو حضارة تنكفئ على ذاتها وتنغلق على نفسها، أو تلتجئ إلى الحضارات الأخرى في إطار مصلحي تأخذ من تراثه دون اعتراف بقيمته الفكرية والفنية، أو بتعال على منتجيها من مثقفين ومبدعين. ويخص محمد القاسمي بالانتقاد الحضارة الغربية باعتبارها تصمّ آذانها وتغلق عيونها عن المنتَج الفني المعاصر وتستثري من المتن التراثي للحضارة العربية الإسلامية، إلاّ أن هذا الانفتاح لا يتم في كنف الحوار، بل في شكل “المونولوج” وفي صورة الهيمنة المتعالية عن كل المحاولات التي تتّم خارج  إطارها وجماليتها وتقييماتها، حتى وان كانت هذه المنتجات جدّية ومتماسكة. ولا ينسى محمد القاسمي في تنظيره الى ضرورة التخلص من المعارف، التي تقدّم نفسها باعتبارها معرفة نهائية غير قابلة للدحض أو المساءلة، أن يقدّم البديل، فيدعو الفانين المغاربة إلى البحث والعمل المجدّ والاجتهاد في البحث في إطار هويتهم الثقافية ممّا يحملهم على المصالحة بين مكونات هذه الهوية الهجينة أو كما يسميها هو “الأنا المتعدّد” المطبوعة بعلامات الذاكرة ورهانات الحاضر وتطلّعات المستقبل.
  • توثيق الرّابطة بين المثقّف ومحيطه: لا يؤمن غرامشي بالمثقف النخبوي المتوجّه بفكره الى النخبة أو المنظر لقضاياها والمنفصل عن الواقع بأوضاعه المترديّة، والتي يعيشها المهمشون ويتجاهلها من هم في السلطة بمساعدة المؤسسات المهيأة أساسا من أجل هذه الاغراض القمعيّة، فالمثقف بالنسبة إلى غرامشي يسكن كل فرد إلّا أنّ القليلين من يضطلعون بدورهم كفاعلين وقادرين على إبداع الأفكار ومن ثمة الحلول، لأنّ الأغلبية الغالبة من المجتمع تفضّل الخمول الذهني والركون الفكري. ويذهب غرامشي في تنظيره إلى العلاقة العضويّة بين المثقّف والمجتمع المنحدر منه إلى تجريد المثقّف الذي يَنْبَتُّ عن قضايا مجتمعه وينشغل عنها بالإكتفاء بالممارسة اليومية والعادية، من الحياة. يري غرامشي أنّ مهمّة المثقفين الحقيقيّين هي أولا الالتزام بقضايا الشّعب الأساسية التزاما عضويا وحيويا، وثانيا التغيير والارتقاء بهذا الموجود إلى ماهو منشود. ويؤمن هذا المفكر بأن هؤلاء المثقفين قادرون على صنع المعجزات، فلا يمكن أن تصمد أمام إرادتهم عقبة،  لأنّ إرادتهم الجمعية سيرافقها حتما وعي شعبي، فيزيل كل العقبات حتى التي تضعها  “البرجوازية” لتحول دونهم ومنيتهم. ويذكر غرامشي في هذا الاطار وبخصوص هؤلاء المثقفين العضويين: “ان البورجوازية تخشاهم وتعرف أن نفوذهم كبير ولذلك تحاول أن تشتريهم بأي شكل[7]. وتكاد المسيرة القاسمية تتطابق مع فكر انطونيو غرامشي من حيث النظير تماما كما الممارسة الفنية التشكيلية، إذ يصّر محمد القاسمي على تذكير الفنانين المغاربيين بأنّهم أبناء عصرهم مرتبطين به ومسؤولين عن النهوض بأوضاعهم واصلاحها، فهو الذي يقول: “يرتبط الفنّ عضويّا بجوهر الحياة وسرّها(…) يستلهم الفنّان مكوّنات فعله الإبداعي من علاقاته بالعناصر، فتراه يتفاعل داخل العالم متتبّعا عن قرب شديد أنساقه.”[8]. وبهذا المنطق يجب عليهم الانغماس في هذا الواقع بمعايشته وتتبع تغيراته وأنساقها بغية تأويلها وادراك النواظم التي تقوم عليها ومن ثمة تمثّل الاستراتيجيات المثلى لتجاوز المنزلقات التي تهدّد مسارات التغيير الإيجابي. وبذات المنطق جاءت تجربة محمد القاسمي قريبة من “الآخر” والآخر عند هذا الفنان لا يتماهى مع “الغربي” ولا مع الذوات البشرية الأخرى التي تختلف عن الفنان أو تشابهه، بل يتعدى مفهوم الآخر كل الكائنات ليشمل الطبيعة والأشياء وكل ما يمكن أن يستثير الفنان ويتوقف عنده. لقد خرج القاسمي فعلا إلى الشارع ليس فقط باحثا عن التواصل ومتقرّبا من المتلقيّن، بل بغية استنباط الحلول من جوهر المشاغل، لا سيما وأنّ الفنّان لا يؤمن بالحلول الجاهزة وباستنبات التصوّرات المستوردة على جغرافيا وتاريخ مختلفين. فعرض الفنان المصور اعمالا عديدة خارج صالات العرض ومنها  “الرّايات الخمسين” مشروع “مغارات العصور المستقبلية”  و”الرايات على شواطئ هرهورة” وغيرها من المشاريع الضّخمة، وقد فسّر القاسمي هذا الخروج بـ”أرغب في أن آخذ على عاتقي الشارع وأن أقدّم اقتراحات تنبع عنه، وأن أستلهم من أحداثه.”[9]
  • الإبداعي بديلا للنّقلي: يعتبر غرامشي أن التبدّلات المتواترة على العالم تجعل من الأوضاع والاشكاليات والمشاغل والاحتياجات الفردية والجمعية في تغيّر مستمر يطال الجوانب الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية والثقافية…من أجل ذلك تُخلق الحاجة إلى “المثقف العضوي” بصفة خاصة وملّحة ليضطلع هذا الأخير بمهمّة دقيقة يتحدث عنها غرامشي ونعتقد أنّه كان مجدّدا في هذا الإطار، ونقصد مهمّة “صنع الأفكار” ما يقابل نقلها، وهو الدّور الذي يؤدّيه المثقف العادي والذي يعتبره غرامشي متعالٍ على واقعه ومنفصل عنه، بل يذهب غرامشي إلى انتقاد واستنكار أن تكون الشهادات الجامعية هي المحدّدة لمدى كفاءة صاحبها ليحمل لقب “المثقف”، حتى وإن كانت أعلى الشهادات، يكتب غرامشي في ذات السياق: “يبدو لنا أكثر الأخطاء شيوعاً ، هو البحث عن معيار التمييز في الطبيعة الجوهرية لأنشطة المثقفين ، بدلاً من البحث عنه في مجمل نسق العلاقات الذي تجري فيه هذه الأنشطة.”[10] وعلى غرار غرامشي، ينسج محمد القاسمي: لقد انتقل الفنّان المنظّر من مرحلة الـتأويل إلى مرحلة محاولة التغيير منذ التسعينات، وذلك بعد رحلاته المتكررة إلى افريقيا أن أيقن أن معرفته بخارطته الهوياتية الثقافية لا يحدّدها غيره. ومنذ تلك اللحظة قرّر أن يرى ذاته بعينيه وبالرجوع إلى محاور بحث مختلفة. وكانت رحلاته إلى جنوب البحر الأبيض المتوسط محفِّزه للإبداع بروح معنوية مرتفعة وبمسؤولية كبيرة انصرف من خلالها عن هواجسه السابقة، والتي كانت حسب اعتقاده لا تعالج القضايا الحقيقية للمجتمع الذي ولد من رحمه. فوضّح القاسمي أنّه ليس ثمة حاجة ليصرّ الفنان على التأكيد على هويته في كلّ عمل، لأنّ المسألة محسومة لا محالة، إذ المطلوب من الفنان والمفكر أن يتحول إلى الصوت الحقيقي للمهمشين وللفقراء والمقموعين، وأن يبتدع الحلول عبر طرح الاشكالات والمطالبة بحق في الظفر بالإجابات وبذلك يكون قد أفلح المثقف في المساهمة في الحياة المدنيّة عبر خلق الطروحات المناسبة والأفكار المتماشية مع الظرفية الزمنية، التي قد تتغير وتستدعي حلولا أخري تتلاءم والوضع الجديد. وفي هذا الاطار يذكر محمد القاسمي: ” باعتبار أنّي فنان، وبالنظر إلى الهويّة والتقاليد السلفية، فإنّي لست مجبرا على أن أكون مجرّد ناقل للأفكار: بل إنّي أرغب في أن أكون مبدعا لها[11]. لا يضمن  هذا التعاطي “الظرفي” بحسب الزمنية المعينة والمحيط المنوط بالإنتاج الثقافي أو التصور الفني تذليل المسافات بين المثقف وبقية الأفراد المنتمين إلى نفس المجتمع فحسب، بل أخرج إلى الساحة الثقافية أعمالا أصيلة عن مبدعها وتصوراته وهويته والظرفية الزمانية والمكانية التي انشئت في خضمها.

3- التّصدّي لمشروع التشتيت ومقاومته بالفن:

لئن انبنت تجربة محمد القاسمي في بداياته على محاولة البحث عن هويته وفيها وعلى اصرارٍ على ابتكار لغة عالمية يريد أن يعمّم استعمالها عند جميع الناس ليتواصل بها مع كل الأعراق -مما ترجم تشكيليا إلى مساحات مفتوحة عالج فيها المصور حيزاته التشكيلية بذات الأسلوب من أعلى لوحاته إلى أسفلها (أنظر عمل بدون عنوان)، فإن الرجل قد انقطع فعليا عن هذا الهاجس منذ التسعينات (الحرب على العراق) حيث تكونت لدى الرجل شديد الحساسية والفنان المتتبع لنبضات الواقع بإنصات واهتمام لا متناهيين، نظرة استشرافية لما سيؤول إليه واقع المنطقة برمتها من دمار وشتات، فهو الذي تحدث مطولا عن  تّأثّره بما تنتجه الحروب من تجزئة وتشتيت، ناقلا إلى صديقه الشاعر حسن نجمي إحساسه حول ما تعرضت إليه بغداد: “لقد أنجزت دفترا كاملا من تخطيطات كمذكرات سريعة وانفعالية لحالة الفتك والدمار، وبغداد تسكن رأسي[12].

انتقل محمد القاسمي منذ منتصف التسعينات إلى تركيز أعماله التشكيلية على مفهوم “التعبير الصرف” فجاءت أعماله لا تحكي عن الطاقة المبذولة في انتاجها بل تحدّث عن الطاقة المنبعثة منها، طاقة نضالية تروم المقاومة والصمود أمام دمار هيئت له كل الظروف  فانبعثت من أعماله الأخيرة رائحة موتين: موت في “صيغة الفرد” حاربه محمد القاسمي بشجاعة وبمفرده وهو يعلم أنه مغادر ومدرك تمام الادراك أنها حرب لا مجال لأن يشاركه فيها أحد، و”موت في صيغة الجمع” وهو الموت الأشد إيلاما لأنه لا يهدد الحياة فحسب بل يهدد الثقافات والتاريخ والمستقبل، وهو الموت مع الشتات مع سابق الاضمار، لأنه موت ضمن مشروع كامل. هذا “الموت الجماعي” كان مؤرقا لمحمد القاسمي فأعدّ كل ما يملك من سلاح فكري ساعدته في اكتسابه تجربته الطويلة وثقافته العالية وكذلك تجربته مع الدكتور والمحلّل النّفسي جليل بناي.

لم يترك الفنان “المثقف العضوي” حسب ما بيناه في بداية دراستنا مجالا فكريا إلّا وخاض فيه فكان يعالج المسائل الحارقة التي سيطرت على تفكيره وأقلقت راحة ذهنه تدوينا وتشكيلا فبعث الفنّان محمد القاسمي رسائل إلى رئيس الفيدرالية الدّولية لحقوق الإنسان بباريس دعاه فيها إلى رفع الحصار عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وإلى الإفراج عن الصحافيين ونظّر إلى ثورة على التّعليم فقال مثلا: “أظنّ أنّنا في حاجة إلى إحداث ثورة داخلية في النّظام التعليمي وفي حاجة إلى أناس مغامرين، إلى تجارب جديدة.”[13]، إلّا أنّه وأمام كلّ هذه المظاهر السّلبية لعلاقة الإنسان “بأخيه الإنسان” كان يركّز تعبيراته ويشحنها طاقة ورسائل لمن يقرأ ويفهم. فكانت له رُؤى استشرافية إلى درجة أنّ لوحاته التّي أنتجها في مرحلة “محاولة التغيير” لم تكن مفهومة دائما في زمنية انتاجها، حيث كانت تحذّر من مغبّة أن يخرس الفنّان وصوته.

مرّ الفنان المنظر محمد القاسمي في أعماله الأخيرة التي عرضها  في صالة عرض المنار 2003، من التعّبير الملطّف المخفّف والدّاعي إلى التّسامح والسّلم والقبول بالآخر وبالاختلاف، إلى التّعبير المركّز الحامل لطاقات الرفض، والمندّد بالتشتيت وبالجبروت والهدم وتقطيع الأوصال والعنف والفصل والتّفصيل على هوى المتجّبرين المستبدين…فإذا ما تأمّلنا في أعماله الصغيرة الحجم نلاحظ أنّ المواد على غرار الحديد والزجاج والخشب والقماش قد تمّ إقحامها بطريقة تحمل الكثير من الحرفيّة والخبرة، إلا أنّ الطارئ على أعماله الصّغيرة هذه، هو الحضور المكثّف للأشكال الهندسية، على غرار الدائرة والمستطيل والمربّع والمثلّث، فحتّى المحامل اتخذت أشكالا هندسيّة مختلفة، ونعتقد أنّ هذه الأشكال الهندسية إنما تعبر عن توضّح الرؤية بالنسبة للفنان وعن حسمه في أمور شتّى كانت ضبابية بالنسبة إليه في أوقات سابقة. أمّا تنصيبته (انظر تنصيبة) ولعلها الأكثر تعبيرا -حسب اعتقدنا -عن إصرار الفنّان على الصمود والمقاومة بالفن: فهي تحمل الكثير من التعبير، بل والامعان فيه عبر عملية الفصل والوصل بين اللوحات الصغيرة المكوّنة لها وعبر اللعب على تغيير المحاور الرابطة بينها وهي كما يتضح للعيان محاور تدخل في الحيز التشكيلي وتحمل أبعادا تشكيلية عميقة غيّر الفنان في طولها وسمكها وموقعها من الأعمال المتصلة بها، كما أنّها تدخل في قراءة التنصيبة كوحدة متماسكة ومتكاملة، وعسانا نتساءل، في هذا الاطار، إذا ما كان ثمّة علاقة بين هذه التواصلات والانفصالات و”الإسمنت الاجتماعي” الذي يؤمن نفس المفارقة أو التناقض بين الانفصال والاتصال؟

تدعّمت محاولات محمد القاسمي في لمّ الشمل ومقاومة التشتيت الممنهج والتدمير والقتل عبر دعوة تشكيلية وجهها إلى المتلقي يحثّه فيها على التحرّك والانخراط في هذه الحرب ضد الموت الجماعي، فوظف في دعوته المرآة لتخدم انفتاح العمل على بعضه وعلى الخارج وعلى المتلقّي، حيث تستحيل التنصيبة  إلى قطعة من الواقع تنفتح عليه، إذ هي تمثيل وتقديم له. هكذا تكون التنصيبة “جسدا للواقع” (كما يقول هو) وامتدادا للذات المبدعة، وهنا تحديدا يمكن أن نفهم قولة محمد القاسمي الشهيرة ” جسد الكون في جسدي”.

صالة عرض المنار 2003، صورة لمحمد القاسمي وهو يضع اللمسات الأخيرة قبيل عرض تنصيبته
صالة عرض المنار 2003، صورة لمحمد القاسمي وهو يضع اللمسات الأخيرة قبيل عرض تنصيبته

لا تتناقض قراءة الأعمال المكوّنة للتنصيبة على حدة، في سياقها التعبيري، عن قراءتها (التنصيبة) الشاملة أي باعتبارها عملا متكاملا، بل نعتقد أنّ الفنان كان بليغا في تنسيقه بين الشكل والمحتوى، حتى خلناه يطابق بينهما، فالشّخوص الممثّلة تبدو للمتفرّج في حالة قلق وعدم استقرار تعيش ضغطا وتوتّرا خلقها الفنان بعناية أولاها للجسد ووضعيّته وحركته وتعابيره وأبعاده الجماليّة. لقد عرف القاسمي عبر تمثيله للأجياد المتألمة والمتأملة والرافعة رأسها تضرعا أو/و كبرياء كيف يمرّر فكره، الغارق في التوتر وفي المقاومة أيضا، إلى عمق الذّات القارئة للعمل. يقول محمد نجيم عن هذه الأجساد ما يلي: “لمواجهة هذا الدمار والتخريب اختار هذا المناضل والفنّان الرّاحل للوحاته شخصيات عبارة عن هياكل كما اختار أن يضعها في عالم داكن غير محدّد المعالم[14].  يسمع المتأمل لأعمال محمد القاسمي الأخيرة الجلبة المتدفّقة من الحيّز التشكيلي فيشارك هذه الأجساد حالاتها ووضعياتها، فتتحول وحدة الفنان إلى ونس، ويستحيل صوته إلى تعويذة جماعية أو نشيد يسمعه كل من يتألّم. وبهذا المنطق يصبح الفن فعلا السبيل لكي لا تضيع الأصوات ولا تندثر حريّات التفكير والتّعبير كما نظّر الفنان إلى ذلك منذ 1995، وعمل على تحقيقه قبل أن تنطفئ شمعته الأخيرة حين صرح في نصه “من الصحراء إلى الأطلسيات”  (Du desert aux atlassides): “إنّ التّصوير هو أيضا طريقة كي لا نفقد أصواتنا، وحتى لا يخنقنا الكبريت والاستبداد والأسلحة الشيطانية.[15]

رحل محمد القاسمي تاركا موروثا زاخرا: تدوينا وتشكيلا وشعرا، مثبّتا مواقفه الشجاعة وهو مؤمن بأنه، حتّى إن غادر ساحة المعركة، فإنّ أعماله وكتاباته ستواصل حثّ المتلقيّن على إعادة النظر في مكانة الثقافة في مجابهة الاستبداد والاستعباد والهيمنة المقيتة، ولعلّنا نتساءل في هذا الإطار عن ما كانت قد تكون ردّة فعل هذا الفنّان المناضل إزاء ما يشهده العالم اليوم من ارهاب وعدوان على مناطق عديدة من “الكيان العربي” ومن ضربٍ للمقاومات بأوجهها العسكرية والأمنية والسياسية والثقافية أيضا. وعسى القارئ لمسيرة محمد القاسمي والمتمعّن فيها يسمع رجع صدى موروثه، فكأن لسان حال الفنّان يقول: أتركوا محاربة الارهابيين للعسكر وهبوا أيّها المثقفون لمحاربة الإرهاب. لأنّ مجابهة الإرهابيين غير مجدية إذا لم نواجه الارهاب، ولن يحدث ذلك عبر التأسيس لـ”عقيدة أمنية” جديدة فقط، بل وبـ “عقيدة ثقافية جديدة” غير منفصلة عن القاعدة الاجتماعية والاقتصادية أيضا…لقد قدمنا هذه الدراسة نحاول من خلالها قراءة تجربة الفنان محمد القاسمي قراءة تضاف إلى بقية البحوث التي خصت  تجربة هذا الفنان المنظّر بما تحمله من مواقف ودعاوات للصمود واستنهاض للفنانين  من أجل مقاومة التجبر والتدمير والتفتيت، فعمدنا إلى مقاربة بينها وبين الغرامشية، حيث أننا نعتقد أن محمد القاسمي كان المصور الذي رسم في روح الأديب غرامشي، متناغمين مع ما تحدث عنه جاك ديريدا حول نظرية  الكاتب الذي يسبق المصور الذي يقدم أعمالا  في روح فكره، فها هو محمد القاسمي يستلهم فكرة “المثقف العضوي” من فكر انطونيو غرامشي، ومن ثمة يدعو المثقفين للالتحاق بما تحمله “الغرامشية” من روح وجوهر وممارسة نضالية..




ملحق باللوحات

لوحة: "بدون عنوان" (سنة 1987): (تقنية مزدوجة) / 256*178صم
لوحة: “بدون عنوان” (سنة 1987): (تقنية مزدوجة) / 256*178صم

"بدون عنوان" 2003 محمد القاسمي - تقنية حرة على قماش 160 × 135 صم
“بدون عنوان” 2003 محمد القاسمي – تقنية حرة على قماش 160 × 135 صم

"بدون عنوان" 2003 محمد القاسمي زيت على قماش، :160/135صم
“بدون عنوان” 2003 محمد القاسمي زيت على قماش، :160/135صم

عمل لمحمد القاسمي: تنصيبة 200×300صم صالة عرض المنار 2003
عمل لمحمد القاسمي: تنصيبة 200×300صم صالة عرض المنار 2003



د. زينات بوحاجب، تونس، أستاذة بالمعهد العالي للفنون والحرف – قسم تصوير (جامعة صفاقس)، ناشطة في المجتمع المدني، الإهتمامات البحثية: الثقافة المغاربية بين الفكر المدون والمنتوج الفني.




الهوامش:

[1] غرامشي(انطونيو)، عن الإدريسي( لطفي)، عن موقع  الحوار المتمدن- العدد: 2903، بتاريخ  2010 / 1 / 30 –  المحور: الفلسفة، علم النفس، وعلم الاجتماع

[2]  « Nul ne peut être digne d’être lui-même sans connaitre son corps culturel». Kacimi (M.), Parole nomade, l’expérience d’un peintre, Ed, Al Manar., p.129.

[3] « A un certain moment de l’histoire, il faut avoir l’audace et l’intelligence, de mettre en crise, de violer certains dogmes pour aller au-delà d’une condition établie, figée depuis plusieurs siècles ». Kacimi (M.), Ibidem., p.61.

[4] « Les artistes (Au Maroc) sont marginalisés, prolétarisés  puisque leurs revendications n’obtiennent jamais de réponses, puisque leurs appels ne sont même pas écoutés ». Kacimi (M.), Ibid. p.69.

[5] « A un certain moment de l’histoire, il faut avoir l’audace et l’intelligence, de mettre en crise, de violer certains dogmes pour aller au-delà d’une condition établie, figée depuis plusieurs siècles ». Kacimi (M.), Ibidem., p.61.

[6] «  Le créateur, au Maroc(ou ailleurs), doit sans cesse opérer un va-et-vient entre le présent et le passé qui l’amène à transcender sa situation. ». Kacimi (M.), Parole nomade, op.cit., p.60.

[7] غرامشي  (انطونيو) عن سيّار (الجَميل)، من مقال “مفهوم المثقف العضوي ودوره في التغيير” من مجلة “العرب“، 29 ديسمبر 2007

[8] « L’art est lié organiquement à l’essence et au secret de la vie. L’artiste tire les composantes  de sa création de ses liens avec les éléments, il se meut dans l’univers épousant au plus près ses rythmes. » Kacimi (M.), Ibidem., p.90.

[9] « J’entends prendre la rue en charge, proposer à la rue quelque chose qui vient d’elle-même, prendre les évènements de la rue en charge ». Kacimi (M.), Ibidem., p 83

[10] غرامشي  (انطونيو) عن سيّار (الجَميل)، من مقال “مفهوم المثقف العضوي ودوره في التغيير” من مجلة “العرب” (المصدر مذكور)

[11]  « Mais en tant qu’artiste, par rapport à l’identité et la tradition ancestrale je ne suis pas obligé de n’être qu’un transmetteur d’idée: je veux aussi être un inventeur d’idées.». Kacimi (M.), Ibidem., p.159.

[12]  القاسمي (محمد)، مجلة إيلاف، مقال بعنوان “محمد القاسي يجعل إبداعه ضد الخراب”، (المصدر مذكور).

[13]   القاسمي(محمد)، مجلة إيلاف في حوار أجراه محمد نجيم مع الفنّان، (مصدر مذكور)

[14]  محمد نجيم، مجلة إيلاف، مقال بعنوان: “التشكيلي الذي كان يرفض الجلوس في المقاهي”، www.jehat.com

[15] « Peindre est une façon aussi de ne pas perdre sa voix, de ne pas être étouffé par le soufre. La tyrannie, les armes diaboliques ». Kacimi (M.), Parole nomade, L’expérience d’un peintre, op.cit., p.71

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.