مصطلح تثاقف من الخارج

acculturation

تثاقف من الخارج Acculturation

التثاقف  من الخارج  هو عملية التغير من خلال الاتصال الثقافي الكامل والمقصود من مصطلح الاتصال الثقافي هنا الاتصال بين ثقافتين الذي يؤدي إلى زيادة أوجه الشبه بينهما في معظم الميادين الثقافية. ولقد كان الأمريكي باول Powell هو أول من استخدم مصطلح التثقيف من الخارج عام 1880 ليشير  إلى الاستعارة الثقافية وتبعه في استعمال المصطلح زميلاه هولمز Holmes ومالك جي Mc Gee في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. ولقد قام الإثنولوجي الألماني “إبرنزايش” Ehrenreich المصطلح – على ما يبدو – إلى أوروبا عام 1905 من خلال كتاباته عن مناطق التثاقف  من الخارج. ويظهر المصطلح فيما بعد في كتابات كريكبرج Krickeberg (1910) وجريبنر Graebner (1911). ولقد استمر هذا التقليد الألماني في أعمال أورنفالد Thurnwald  وشميدث Schmidt. أما في الإمبراطورية البريطانية فيفضل استعمال مصطلح الاتصال الثقافي. ولقد كانت دراسات التثاقف  من الخارج ذات أهمية بارزة في البلاد الناطقة بالإنجليزية على وجه الخصوص. فكانت في بريطانيا ذات أهمية خاصة للأغراض الإدارية، وفي الولايات المتحدة بسبب الاهتمام بديناميات الثقافة.

ولقد بدأت الدراسات الحديثة للتثاقف  من الخارج في عشرينات القرن الحالي. ويرى هيرسكوفيتس (1937) أن الخليفة التاريخية لظهور هذه الدراسات هي:

  • رد الفعل ضد المذهب البطوري.
  • رد الفعل ضد التعميمات المفرطة في أوربا ومذهب إعادة بناء الصورة التاريخية في الولايات المتحدة، اللذين تجاهلا العلاقات القائمة بين الثقافة وحاملها.
  • رد الفعل إزاء المذهب التاريخي.

ولقد كان ردفيلد ولنتون وهيرسكوفيتس هم أول من قدم تعريفًا منهجيًا للتثاقف  من الخارج في عام 1935. ولقد جاء فيه: “يتضمن التثاقف  من الخارج تلك الظواهر التي تنشأ عندما يحدث اتصال مباشر مستمر بين جماعات من الأفراد التي تنتمي إلى ثقافات مختلفة، ويكون من نتيجة ذلك حدوث تغير في الأنماط الثقافية الأصلية عند إحدى الثقافتين أو كلتيهما”. ويضيف المؤلفون إلى هذا التعريف الملاحظة التالية: – يجب طبقًا لهذا التعريف التمييز بين التثاقف  من الخارج وبين التغير الثقافي – الذي يعتبر مجرد مظهر من مظاهره فقط – وبين التمثل الذي يمثل في بعض الأحيان مرحلة من مراحل التثاقف  من الخارج.

ويجب أيضًا التمييز بين التثاقف  من الخارج والانتشار الذي بينما يحدث في جميع حالات التثاقف  من الخارج، إلا أنه ليس مجرد ظاهرة تتواتر دون ظهور أنواع الاتصال بين الشعوب المذكورة في التعريف الذي أوردناه، وإنما هو يمثل أيضًا جانبًا واحدًا فقط من جوانب عملية التثاقف  من الخارج”. وقد تعرض هذا التعريف – الذي أصبح الآن تعريفًا كلاسيكيًا- للنقد من جانب الكثيرين من الإثنولوجيين ومنهم واضعوه أنفسهم. وهكذا يقول لنتون أن التعريف لم يحاول تعيين طبيعة ظواهر التثاقف  من الخارج، وإن التعريف يبالغ في تضيق حدود الاتصال بقصره على الاتصال المباشر المستمر. وكذلك لا يوافق هيرسكوفيتس على استخدام تعبير “جماعات من الأفراد” حيث إن الأفراد منفردين يمكن أن يكونوا حاملين لقوى التثاقف  من الخارج.

وما زلنا نجد هذا الاختلاف حول ماهية التثاقف  من الخارج ومضمونه في الكتب الدراسية والدراسات المعاصرة في التثاقف  من الخارج. ونورد فيما يلي مختارات من التعريفات التي ستوضح هذه النقطة:

  • التثاقف من الخارج هو تكيف ثقافة معينة مع ثقافة أخرى. ولقد كان تعريف مالينوفسكي للاتصال الثقافي أنه تأثير الثقافة الأوربية على الثقافة البدائية الأصلية، واستخدم شبيرو Spiro في ثلاثينات هذا القرن مصطلح التثاقف  من الخارج للدلالة على حالات الاتصال الأوربي فقط (أما مصطلح الاتصال الثقافي فقصره على الاتصال على المستوى البدائي). ومهما يكن من أمر فقد أهملت الفكرة التي مؤداها أن الثقافة الأوربية أو الغربية هي الطرف الذي يمنح في عملية التثقيف من الخارج. وإن استمر الأخذ بفكرة أن العملية هي عملية من طرف واحد إلى حد ما. ومثال ذلك تعريف هوبل Hoebel للتثاقف  من الخارج بأنه “عملية التفاعل بين مجتمعين والتي عن طريقها تعدل ثقافة المجتمع الأدنى منزلة تعديلاً شديدًا لتمتثل لثقافة المجتمع المسيطر”.
  • التثاقف من الخارج هو حالة تمثل نتيجة لالتقاء ثقافتين. وهي وجهة النظر التي يعبر عنها كروبر إلى حد كبير. فهو يحجم عن تقديم تعريف قاطع للمصطلح ويتحدث بدلاً من ذلك بدون تحديد كبير عن التثاقف  من الخارج على أنه: “نتائج التأثير المتبادل بين الثقافات” أو على أنه:”تأثر الثقافات من جراء الاتصال بثقافات أخرى”. ويصرح في أحد المواضع أن “التثاقف  من الخارج يشتمل على تلك التغييرات التي تحدث في ثقافة معينة بتأثير ثقافة أخرى، والذي ينتج عنه ازدياد التشابه بين الثقافتين المعنيتين. وقد يكون هذا التأثير متبادلاً أو طاغي التأثير من جانب واحد”. ومن الواضح أن كروبر لا يعتبر التثاقف  من الخارج عملية، إذ يتحدث عن “عملية التثاقف  من الخارج” على أنها بعد من أبعاد التثاقف  من الخارج. ونجد نفس هذا المفهوم في كتابات جريبنر Graebner وشميدت اللذين ينظران إلى التثاقف  من الخارج على أنه مجرد ثقافات مختلطة ببعضها البعض. ونجد على أية حال أن معظم الكتاب اليوم يصفون التثاقف  من الخارج بأنه عملية من نوع ما.
  • التثاقف من الخارج هو حالة وعملية معًا. عرف هيرسكوفيتس التثاقف  من الخارج في عام 1937 بأنه يشتمل على: “تلك الظواهر الناتجة عن الاتصال المستمر المباشر بين الأفراد ذوي ثقافات مختلفة، وما يترتب على ذلك من تغيرات في الأنماط الثقافية عند أحد أو كلتا الجماعتين”. ولقد غير هيرسكوفيتس آراءه في هذا الشأن فيما بعد (انظر ما يلي).
  • التثاقف من الخارج هو نقل ثقافي مستمر. ولقد بلغ من شدة ميل بعض الإثنولوجيين إلى فهم التثاقف  من الخارج، على أنه عملية، أن عرفوه بأنه انتشار مستمر؛ دون أي تحفظات: ويمكننا هنا أن نورد أحدث تعريفات هيرسكوفيتس (1949) كمثال على هذا: “…. الانتشار… هو دراسة النقل الثقافي المكتسب فعلاً، بينما التثاقف  من الخارج هو دراسة النقل أثناء العمل”. ولو أننا أطلقنا على النتائج النهائية للتغير الثقافي – عن طريق تحليل توزيع العناصر الثقافية – اسم دراسات ، فإنه يمكننا تسمية تلك البحوث التي تتناول التغير أثناء العمل: “أبحاث التثاقف  من الخارج”.
  • التثاقف من الخارج هو العملية التي تتصل عن طريقها ثقافتان اتصالاً وثيقًا ويكون من نتيجة ذلك ازدياد التشابه بين الثقافتين. وهذا هو التعريف المعتمد فيما ذكرناه آنفًا، وكثيراً ما نجده في الدراسات الحديثة عن التثاقف  من الخارج. هناك فكرتان أساسيتان يرتكز عليهما هذا التعريف. أولاً: التثاقف  من الخارج عملية. ولقد عبر تورنفالد عن وجهة النظر هذه في وقت مبكر (“التثاقف  من الخارج عملية، وليست حدثًا منعزلاً”) وكذلك فورتس Fortes (“يجب أن ينظر إلى الاتصال الثقافي على أنه عملية مستمرة من عمليات التفاعل بين جماعات من ثقافات مختلفة وليس على أنه مجرد نقل عناصر ثقافية من ثقافة لأخرى”). والفكرة الثانية هي أن الالتقاء الكامل بين ثقافتين يمثل جذور مفهوم التثاقف  من الخارج؛ قارن كذلك آراء المفكرين النظريين الأوائل في ألمانيا والنمسا. ويبدو أن الجملة المبهمة المأخوذة من الدراسة المشهورة التي سبق ذكرها على الاتصال المستمر المباشر تشير إلى نفس هذه الفكرة. وقد استفاد بها لنتون في تعريفه لهذه الظاهرة عام 1936. ويقول إنه من المقطوع به أن “الاتصالات الكاملة” نادرة وغالبًا ما تتمثل في حالات الجماعات الغازية التي استقرت بين الجماعات المغزوة لاستغلالها أو في حالات جماعات المهاجرين، كما هي الحال في أمريكا. ويشير لنتون إلى أن: “مثل هذه الاتصالات ذات طبيعة تختلف إلى حد ما عن تلك التي تتصف بها عملية الانتشار العادية، ويطلق عادة على عملية التغير الثقافي التي تتم تحت هذه الظروف اسم: التثاقف  من الخارج”.

وسنورد هنا بعض التعريفات البديلة للتعريف المعترف به الذي سبق عرضه. يرى مجلس بحوث العلوم الاجتماعية: The Social Science Research Council “يمكن تعريف التثاقف  من الخارج بأنه تغير ثقافي راجع إلى ارتباط اثنين أو أكثر من الأنساق الثقافية المستقلة”.  ويعرف وينيك Winick قائلاً: “التثاقف  من الخارج هو العملية التي تنتقل بها الثقافة خلال اتصالات مستمرة مباشرة بين جماعات ذات ثقافات مختلفة غالبًا ما تتمتع إحداها بمدنية أكثر تقدمًا” . ويعرفه جاجوبز Jacobs وستيرن Stern بأنه:”عملية نمو أو تغير الثقافة التي تحدث حينما يؤثر نسق اجتماعي اقتصادي في نسق آخر تأثيرًا بعيد المدى”. ولو أننا قبلنا هذا الرأي في جوهر التثاقف  من الخارج فإن ذلك يستتبع أن التثاقف  من الخارج لا يمكن أن يعني بالضرورة تكيف ثقافة معينة مع ثقافة أخرى. فالعملية يمكن أن تكون من طرف واحد (في اتجاه واحد) أو ثنائية (تبادلية)؛ وقد تكون إحدى الثقافتين أقوى من الأخرى، وقد تتوازن إحداهما مع الأخرى. صحيح أن معظم الدراسات عن التثاقف  من الخارج قد تناولت الاتصالات الثقافية بين الحضارة الغربية والمجتمع الأصلي، إلا أنه علينا ألا ننسى (وهو ما لاحظه إريكسون Erixon وبيلز Beals) أن أبحاثاً كتلك المتعلقة بالتحضر والتأثيرات المتبادلة بين الراقات العليا والراقات الدنيا تنتمي إلى ميدان دراسات التثاقف  من الخارج. ويعد التاريخ الثقافي لفلاحي أوربا – في المدى الطول – تاريخًا ضخمًا للتثاقف  من الخارج.

كما يترتب على تعريفنا أن التثاقف  من الخارج والانتشار شيئان مختلفان، ولكن ليس على النحو الذي يراه هيرسكوفييس. فلو أننا تجاهلنا الطريقة التي يستبعد هيرسكوفيتس بها مفهوم العملية الداخلة في التثاقف  من الخارج فقد يكون في إمكاننا أن نورد التمييز الواعي بين المصطلحين الذي قدمه كروبر إذ يقول: “الانتشار” إما يسهم في التثاقف  من الخارج أو أنه مظهر من مظاهره، ومن ناحية أخرى، فإن كل حالات التثاقف  من الخارج مليئة بالانتشار…. وحينما تتبع مصير عنصر أو مركب أو مؤسسة ثقافية معينة في أثناء تجوالها من ثقافة إلى أخرى فإننا نسمي هذا دراسة في الانتشار، وتقييم نتائج هذا النوع من التفاعل فإننا نطلق عليه عادة اسم التثاقف  من الخارج. فالانتشار أمر يتعلق بما يحدث لعناصر أو أجزاء من ثقافة، والتثاقف  من الخارج يتعلق بما يحدث للثقافة ككل”.

وأخيرًا يترتب على تعريفنا أننا ننظر إلى التثاقف  من الخارج على المستوى الثقافي وليس على المستوى السيكولوجي. وهذا يعني شيئين. أولاً: أن مصطلح تثاقف  من الخارج لا يغطي بالضرورة كلا من عمليتي التغير الثقافية والنفسية، وذلك على نحو ما أشار – وبحق – به ويليمز Willems . ثانيًا: أن التثاقف  من الخارج ليس معادلا لمفاهيم أخرى مثل التكيف، والتعليم، والتنشئة الثقافية والتنشئة الاجتماعية…. إلخ. ولقد لاقت محاولات بيتسون Batesaon للمساواة بين هذه المفاهيم قبولاً إلى حد كبير عند أصحاب علم النفس ولكن الإثنولوجيين وعلماء الاجتماع رفضوها.

ولقد أشار سيجل Siegel إلى أنه كانت هناك محاولات قليلة جدًا لتنمية نظريات متماسكة عن التثاقف  من الخارج، ولهذا فإن المصطلحات التي تندرج تحت مفهوم التثاقف  من الخارج متناثرة وأحيانًا تكون غامضة. ومهما يكن من شأن فإننا سنقدم هنا بعضها.

تستهدف دراسة التثاقف  من الخارج اكتشاف ديناميات تغير الثقافة في مواضع اتصال الثقافات. وعلى أية حال فإن شابيرا Schapera يشير إلى أن هذا يتضمن عدة مراحل تحليلية: فالخطوة الأولى هي إعادة بناء صورة الثقافة (أو الثقافات) القديمة قبل حدوث الاتصال؛ والخطوة الثانية هي دراسة الظروف التي تأثرت بالتثاقف  من الخارج وكانت سببًا في حدوثه. مثل: سياق الأحداث، والدوافع والمصالح والشخصيات؛ والخطوة الثالثة هي إعطاء تيسيرات للتغيرات. وتعطينا المذكرة التي قدمها ردفيلد ولينتون وهيرسكوفيتس وكذلك بحث مجلس بحوث العلوم الاجتماعية دراسات أكثر تفصيلاً عن مدى اتساع دراسات التثاقف  من الخارج. ولقد قالت المذكرة بوجود أربعة أبعاد أساسية لظاهرة التثاقف  من الخارج: (1) تحديد المعالم الذاتية لصفات ثقافتين أو أكثر مستقلتين استقلالاً ذاتيًا، في حالات الاتصال بينهما؛ (2) دراسة طبيعة موقف الاتصال؛ (3) تحليل الروابط التي تقوم بين الأنساق الثقافية عند اتصالها ببعضها؛ (4) دراسة العملية الثقافية التي تنبع من ارتباط الأنساق ببعضها”. ويمكن النظر إلى نتائج التثاقف  من الخارج من كلتا وجهتي النظر الكمية والكيفية.

ومن الممكن إخضاع مدى التثاقف  من الخارج للقياس. “فالتثاقف  من الخارج الهامشي” مصطلح يدل على أن المدى الجغرافي للتثاقف  من الخارج محصور في منطقة الحدود بين ثقافتين (قارن المصطلح الألماني: منطقة التثاقف  من الخارج)؛ ويدل مصطلح “التثاقف  من الخارج المتوغل” على أن ثقافتين يختلط بعضهما فوق رقعة جغرافية كبيرة. وغالباً ما يكون التثاقف  من الخارج متبادلاً –على النحو السابق شرحه– مؤثرًا بذلك في كلتا الثقافتين المعنيتين (تعادل التثاقف ). ويرى بعض الباحثين، مثل لينتون، وويليمز Willems أن التثاقف  من الخارج في معظم الأحيان عملية من جانب واحد، كما هو الحال في الاتجاه من المركز (وهو ما يقول به إريكسون) أو التحضر (وهو ما يقول به رد فيلد وبيلز). وهكذا فإنه تكون هناك جماعة “مسيطرة” أو جماعة “فاتحة” وجماعة “متأثرة” أو جماعة “مفتوحة” وذلك على النحو الوارد في مذكرة رد فيلد ولينون وهيرسكوفيتس. ويشكو ميسون L. Mason من أن “معظم دارسي الاتصال الثقافي قد تهاونوا في أن يفحصوا بإمعان شخصية الجماعة المسيطرة التي كانت لهم بها دراية أكبر، مما أسفر عن عدم اكتمال التحليلات والاستنتاجات المتعلقة بتثاقف  الجماعات الغربية من الخارج”. أو أن الثقافة المانحة – على نحو ما يقرر مجلس بحوث العلوم الاجتماعية – تأخذ ضمنًا مكانة المتغير المستقل. ويميز ميلسون بين ثلاث فئات من التقريرات عن الثقافات المانحة: (1) ضمنية؛ أي أن الكاتب يفترض معرفة القارئ الكلية بالثقافة المانحة ثقافة الكاتب والقارئ أنفسهما)؛ (2) معممة: أي أن يشار إلى الثقافة المانحة من آن لآخر بطريقة غامضة وعامة، (3) محددة: أي أن القارئ يحصل على صورة للثقافة المانحة في أثناء عملها، ومن خلال ذلك فإنه يحصل على صورة واضحة لموقف الاتصال كله.

ويلقى التثاقف  من الخارج ثلاث استجابات مختلفة تبعًا للظروف: القبول، والتكيف، ورد الفعل. وتستخدم هذه المصطلحات بمعان أخرى في علمي الأثنولوجيا والفولكلور، قارن التعريفات الواردة تحت هذه الكلمات الشائعة. ولكي نوضح صلة هذه الاستجابات بعملية التثاقف  من الخارج فسنعرض معانيها بالقدر الذي يقتضيه ارتباطها بهذه العملية:

  • القبول هو أخذ عنصر ثقافي أو جزء من ثقافة أو ثقافة بأكملها. وقد يفرض هذا القبول بواسطة جماعة حاكمة أو عدو غازٍ (وهو ما يسميه بيدني Bidney:”التثاقف من الخارج السالب”) وقد يكون القبول على حد تعبير كروبر – “طوعًا وتلقائيًا” (وهو ما يسميه بيدني “التثاقف  من الخارج الموجب”). ويعد التثاقف  من الخارج العدائي شكلاً من أشكال النوع الأول. ويعرفه وينيك Winick بأنه “تبني مجتمع لعنصر ثقافي كوسيلة من وسائل المقاومة المؤثرة ضد جور المجتمع الذي يستعار منه العنصر الثقافي المعني”.
  • التكيف (أو التوفيقية) هو إحكام العنصر الثقافي…إلخ الذي تم قبوله لكي يتواءم مع نظائره في ثقافة المستعير المتوارثة. وقد تكون النتيجة النهائية هي التمثل (تكيف من جانب واحد)، أو الانصهار الثقافي (التكيف المتبادل) أو – لو أضفنا عنصر التقييم إلى الموقف – التفكك الثقافي.
  • يعني رد الفعل – في هذا السياق- الحركات الشعبية التي تنتج عن التثاقف من الخارج. والحالة التي يطلق عليها اسم “حركات ضد التثاقف  من الخارج” والتي تتولد بصفة أساسية. خلال الاتصالات التي تتميز بسيطرة شعب على آخر تشبه “التثاقف  من الخارج العدائي”. ويعرفها هيرسكوفيتس بأنها “تلك الحركات التي يؤكد شعب من خلالها القيم التي تحتويها أساليب حياته الأصلية، ويتحرك بعداء –سواء في الواقع أو في الخيال – تجاه استعادة تلك الطرق حتى على الرغم من كل الشواهد الدالة على عدم فعاليتها في طرد تلك القوة التي تقيدها”. وتنتمي حركات إعادة الأحياء والأهلانية بصفة خاصة إلى هذه الفئة من ردود الفعل.

 

 

مراجع: Barrnett 1953; Bateson 1935; Beal 1951, 1953, Bidney 1953 b; Campbell 1948; Ehrenreich 1905; Erixon 1951 b. Fortes 1936; Graebner 1911; Herskovits 1937, 1938, 1949; Hoebel 1949; Janni 1958; Jacobs and Stern 1947; Keesing 1953; Krickeberg 1910; Kroeber 1948; 1952; Lindgren 1938; Linton 1936, 1940; Malinowski 1945; Mason 1955; Pitt-Rivers 1927; Ramos 1947; Redfield, LintonM and Herskovits 1936; Schapera 1935; Schmidt 1937; Siegel 1955; Spindler and Goldschmidt 1941, Spiro 1955; The Social Science Research Council 1954; Thurnwald 1932; Whitaker 1956; Willems 1955; Wilsons 1936; Winick 1956.

 

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.